7 أبريل، 2024 1:31 ص
Search
Close this search box.

لا تطور اقتصادي دون وجود بنى تحتية للسكك الوطنية والربط مع الجوار -3-

Facebook
Twitter
LinkedIn

[email protected]
والعراق من وجهة نظر البنك الدولي بلد دخله المالي اكثر من المتوسط ، وهذا يعني ان بأمكانه الاعتماد على نفسه في تنفيذ خطة وطنية طموحة للسكك سواء بالعودة الى التصاميم السابقة التي نوهنا عنها في الجزء الثاني او من خلال تحديثها عبر توظيف استثمارات حكومية عراقية من خلال تخصيص مبالغ سنوية ثابتة من ميزانيات الدولة لمشاريع السكك التي تحظى بأهتمام الشركات العالمية المتخصصة الكبرى كما رأينا ذلك خلال الحقبة الماضية وحتى خلال فترة الحصار الذي كان مفروضا على العراق بعد غزو الكويت هذا المجال ولا حاجة الى تكبيل البلد بديون خارجية او استثمارات اجنبية لبناء خطوط السكك ، أو من خلال المقايضة بالنفط كما في تجربة العراق في عقد الثمانينيات عبر الاتفاق مع شركة ماروبيني اليابانية التي نفذت اكبر عشرة مستشفيات في العراق والتي كانت في وقتها احدث مؤوسسات صحية على مستوى المنطقة ولازالت هي الافضل حتى يومنا هذا في تقديم الخدمات الطبية للمواطنين. ويمكن تحقيق ذلك يكل سهولة ويسر عندما يتخلص العراق من نظام فاسد تقاسم ثرواته امراء الحرب واصحاب الاحزاب وخضوعه للتبعية الاجنبية التي تضع الفيتو على اعماره. ،

الحرص على بلدنا يدفعنا لان نحذر من مغبة الاعتماد في تنفيذ السكك الوطنية على القروض الخارجية المشروطة او الاستثمار الاجنبي الخالي من حسابات المصلحة العراقية الوطنية لأنه شديد الحساسية وله ارتباط بكل نشاطات الدولة التجارية والزراعية والامنية واوقات الازمات ، على عكس قطاعات اخرى قد يكون الاستثمار الخاص صالحا لها ، حيث اثبتت جميع تجارب العالم ان القطاع العام هو الوحيد القادر على تقديم خدمة عامة كفوءة، بعيدا عن رغبات القطاع الخاص او المستثمر الاجنبي الذي يضع نصب عينيه عوائد الاستثمار قبل الخدمة ، ولنا في تجربة اوربا وعدد من مناطق العالم الحر الاخرى خير درس يجب ان نتعلمه ، حيث بدأت موجة واسعة خلال عقد تسعينيات القرن الماضي في هذه المناطق في محاولة للتخلص من عبء الدعم المالي لبعض البنى التحتية وخصوصا قطاع السكك ، وعمدت الى تجزئة مكونات هذا القطاع لغرض ادارتها من قبل القطاع الخاص ، ألا انها بعد سنوات عادت تلك الدول لآخضاع تلك المكونات من السكك الى ادارة الدولة والغاء عقود الاستثمار نتيجة انخفاض كفاءة الخدمة وعزوف المواطنين عن استخدام القطارات بسبب ارتفاع التكاليف وسوء الخدمة كما في فرنسا وانكلترا والمانيا وايرلندة واسكتلندة التي كانت اخر من اعادت اخضاع قطاع السكك للادارة الحكومية (منقول من مجلة تكنلوجيا السكك الحديدية) ، وبسبب ضيق المجال نعتذر عن تقديم عشرات التجارب الاخرى .

اما موضوع مبادرة الحزام والطريق والتي قلنا سابقا انها تعتمد في جوهرها على النقل وخصوصا خطوط السكك الحديدية وهذا ما اكده باحثون من مؤسسة RAND الاميركية والذي نشر على منصة المنتدى الاقتصادي العالمي ، من ان الصين تشترط في مبادرتها (البنية التحتية للنقل متعدد الوسائط والاتصالات لتسهيل التوسع التجاري ، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر ، وتسريع عملية التصنيع ، وتسهيل التكامل الإقليمي وتسريع العملية للنمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك ، فإن وجود خط سكة حديد بين الشركاء التجاريين له الأثر الأكبر في تحسين التجارة في منطفة الحزام والطريق BRI) )، وقد بأت الصين فعليا بتطبيق مباديء هذه المبادرة في بعض الدول الافريقية ، لكن النتائج ليس كما صورها البعض لنا ، الصين ليست منظمة انسانية تفضل مصالح الاخرين على مصلحتها، ولا انها تتوسل اعمار العراق وجعله بلدا صناعيا مكتفيا لا يحتاجها مستقبلا، صحيح ان المبادرة في شكلها العلني تنص على “بناء سوق كبير موحد والاستفادة الكاملة من الأسواق الدولية والمحلية، من خلال التبادل الثقافي والتكامل، لتعزيز التفاهم والثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء، وينتهي الأمر بنمط مبتكر مع تدفقات رأس المال وتجمع المواهب. وقاعدة بيانات التكنولوجيا). الا ان حقيقة مبادرة الحزام والطريق التي اطلقتها الصين عام 2013 وهي في جوهرها تعتمد الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التاريخي مع تطوير طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين ، كانت تسمى عند اطلاقها في اول الامر حزام واحد طريق واحد One Belt One Road ، ثم تم تغيير الترجمة الإنجليزية إلى مبادرة الحزام والطريق (BRI) عام 2016 عندما اعتبرت الحكومة الصينية أن التركيز على كلمتي «واحد» و«إستراتيجية» كان عرضة لسوء التفسير، والحقيقة ليس لسوء التفسير بل هي الهدف المخفي للمبادرة ، لذلك فقد اختاروا المصطلح الأكثر شمولاً «مبادرة» في ترجمتها الى اللغة الانكليزية. لكن لا يزال مصطلح «حزام واحد طريق واحد» هو المصطلح المرجعي في وسائل الإعلام باللغة الصينية.، ومن وجهة نظري المتواضعة ووفق فهمي القاصر فأن هذه المبادرة تقع ضمن الصراع الدائر بين الصين واميركا على الزعامة الاقتصادية للعالم، والفرق ان الصين اختارت الطريق الناعم لكسب الشعوب خصوصا تلك التي تحتاج بلدانها الى ضخ استثمارات في اقتصادياتها المنهكة بسبب فقرها والتي تدرك ان ثمن اللجوء الى اميركا هي الهيمنة ومصادرة الثروات الوطنية لبلدانها ،

ان موقفنا من ان مبادرة الحزام والطريق التي طبل لها الكثيروجعلها المفتاح السحري للتطور لبلدنا مرده التجربة الواقعية الصينية في افريقيا والتي ربما هي التطبيق العملي للمبادرة، مما يجعلنا نقف عندها مليا ، فقد نقلت الينا الكثير من وسائل الاعلام بعضها محايد من وجود تفضيل للمصالح الصينية على حساب البلدان التي تم تنفيذ تلك المشاريع فيها ، ونكتفي بذكر بعضا منها كما جاء في احد الدراسات الصادرة من جامعة كرينج بعنوان تمويل النقل العام حيث ذكرت ان مشروع سكة حديد عالية السرعة الذي قامت بتمويله وتنفيذه شركات صينية في كينيا لربط العاصمة نيروبي بالمدينة الساحلية مومباسا ، قد اتصف بكلفته الباهضة بالمقارنة مع الاسعار العالمية السائدة ، وافتقاره الى الشفافية ، وتضمين العقد على ان القوانين الصينية هي التي تحكم منازعات الاتفاقية وهذا يخالف العقود الدولية المتبعة التي تنص ان تكون محاكم البلد صاحب المشروع هي المعتمدة ، اضافة الى وجود شبهات فساد ، فقد القت السلطات الكينية القبض على سبعة من مسؤولي شركة CRBC الصينية لتقديمها رشوة الى المحققين الكينين المكلفين بالبحث عن الفساد في المشروع ، وهذه صفة معروفة لدى اغلب الشركات الصينية ، اضافة الى وصول بلاغات للحكومة الكينية بوجود تمايز عنصري ضد الموظفين الكينين من قبل كبار المسؤولين في الشركات الصينية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب