غرفة واسعة، أضواء خافتة، نوافذ مغلقة، ستائر داكنة تزيد من العتمة والغموض، دخان كثيف يتصاعد في أرجاء الغرفة نتاج ما يدخنه المجتمعون من السكائر، على أبواب الغرفة رجال يتجاوز عددهم أضعاف من بداخلها حاملين السلاح للحراسة، إنهم ليسوا سوى رؤوس سراق المال العام ، يتفقون على إحدى الصفقات، ويضعون خارطة طريق لفتح مشاريع جديدة خارج العراق في زمن “الاصلاحات”، ويقسمون فيما بينهم المهام بما فيها التصريحات “الكاذبة” وامتصاص غضب الشارع العراقي.
ليس مشهدًا سينمائيًا لفيلم من عينة الأكشن، إنما صورة مكبرة أو لنقل كاشفة لما كان عليه حال اجتماعات ولقاءات خونة العراق تحت عناوين “المسؤولية”من اجل إطلاق حزمة “إصلاحات هوائية” فالمجتمعون لم يكونوا أبدًا ممثلين عن الشعب بل هم مجموعة جاءت في ذيل الدبابات الأمريكية وتحت عناوين “مذهبية طائفية ،مظلومية”، بل كانوا ممثلين عن دول المؤامرة بامتياز. مختلفون في كل شيء عدا “سرقة المال العام وسفك الدم العراقي ، بل باعوا ذلك الدم الطاهر ليشتروا به زجاجات عطر من الأسواق الأوروبية، اتفقوا جميعًا على استمرار جرائمهم، ووضعوا ما أسموه بـ”الإصلاح” ليتقاسموا ما يتوهمون بأنه صار غنيمة لهم من ارض العراق ومقدراتها، فواقع الأمر أنهم محملين بأجندة مجهزة مسبقًا، جاؤوا فقط ليوقعوا عليها بالأحرف الأولى، انه مشهد يضاف إلى تاريخ مشاهد الخيانة، التي يعرض فيها أناس أوطانهم للبيع، مقابل الإقامة في إحدى فلل لندن أو باريس أو طهران أو بيروت أو دبي ، ومصاحبة بائعات الهوى تحت عنوان “زواج المتعة”.
هؤلاء كما ذكرهم بريمر في كتابه “عام قضيته في العراق” انه لامثيل لهم في “الخيانة “، في هذا الكتاب قال بريمر: “بينما كنت في اجتماع “صيفي” داخل مقر السفارة الأمريكية مع الجعفري والطالباني والمالكي وعبد العزيز الحكيم والشهرستاني وآخرين لبحث الأوضاع السياسية والأمنية في العراق ولنضع “خارطة الطريق”، طلب كل من “الجعفري والمالكي وعبد العزيز الحكيم والشهرستاني الآيس كريم الأمريكي وانا أراقبهم ،وطلبوا وجبة ثانية من كؤوس الايس كريم وعندما قلت لهم ” كفى لأننا نتحدث عن مستقبل العراق قالوا لي أن الايس كريم أطيب من العراق”!!، هؤلاء الذين فضلوا الايس كريم الأمريكي على(العراق) كيف نطلب منهم إصلاح البلد وتقديم الخدمات وهم خرابه وسراقه بل قتلوا كل جميل فيه.
لا اعتقد أن يقوم العبادي ومن ورائه المنافقين والكذابين من حاشية “محتال العصر” المالكي ان يقدم إصلاحات حقيقية ملموسة على ارض الواقع لسبب بسيط لأنهم خارج أطار الوطنية والأخلاقية والدينية ، لان العراق عندهم عبارة عن “ذاكرة “بل محطة عبور ، مضت الجمعة الخامسة والشعب العراقي مستمرا في ثورته الإصلاحية حتى تحقيق مطالبه في تشكيل حكومة بناء واعمار وتعديل الدستور الذي هو “أس”مشكلة العراق وإصلاح الجهاز القضائي وتقديم الخدمات ، والسؤال ..هل تتحقق الثورة الإصلاحية تحت حكم الخونة وسراق المال العام وأصحاب الأجندات الخارجية؟.
هؤلاء “الحكام” شاركوا في زعزعة استقرار الوطن وضياع ثلث الأرض العراقية بيد داعش الشيطان من أجل حفنة دولارات بل سعوا بكل جدية عرقلة بناء دولة عصرية حديثة ..فهل تعلم يا ابن وطني العزيز ..ماذا يريدون هؤلاء الخونة ؟، إنهم يريدون إسقاط الثياب عن أجسادنا، لنغطي بأيدينا عوراتنا، فلا تمتد تجاههم، إنهم يريدون إسقاط وطنيتنا وحذف تاريخنا وثقافتنا، وتقسيم بلادنا، أفلا تعقلون؟!. هؤلاء الذين قالوا ان “الايس كريم أطيب من العراق” لن يقدموا سوى الخراب والقتل ..ليفعلوا ما يريدون، وليتآمروا كما يحلو لهم.. هو العراق سيظل وينتصر، وهم في فصول الخيانة بالتاريخ سيُدرّسون. وسوف نمضي نحو تحقيق مستقبل أفضل حتى ترسو سفينة الوطن علي بر الأمان برعاية الله وعنايته رغم كيد الخائنين. c