18 ديسمبر، 2024 11:44 م

لا تضع كل البيض في سَلَّة واحدة

لا تضع كل البيض في سَلَّة واحدة

يعتبر موقفك الذهني من عملك ونجاحك فيه أو فشلك ، عنصراً أساسياً لإقامة مشروع خاص وخوض حياة ناجحة. وقد يخاف الكثير من الناس ويترددون في إقامة المشروعات، إذ إن نجاحها الفوري غير مضمون على الإطلاق! غير أن الأقوياء من أصحاب الأعمال هم من يتعلمون كيف يحولون فشلهم إلى نجاح. كثير من أصحاب الملايين إن لم يكن معظمهم واجهوا الفشل عدة مرات، لكنهم ثابروا وجاهدوا ليحولوه إلى نجاح. لنعرف أسباب فشلنا، لا يجب أن نحاول التنبؤ بما يخبئه لنا المستقبل من فشل أو نجاح، بل بالأحرى أن نواجه أنفسنا بأسئلة دقيقة وموضوعية مثل “متى ولماذا وكيف نمنى بالفشل؟” ومن هنا نتعلم كيف نبدأ من جديد ونحول العثرات إلى نجاحات.
عند القيام بالتخطيط المالي على المدى الطويل، فإن كلمة السر لتحقيق النجاح هي تكوين محفظة متنوعة من المدخرات والاستثمارات.
إن إيجاد الإجابات الصحيحة على أسئلة مهمة مثل، متى وأين وكيف تقوم بادخار واستثمار أموالك؟ قد يبدو أمراً معقداً للغاية، إلا أن جوهر التخطيط المالي يكمن في توزيع المخاطر وحسن إدارتها. فإذا قمت بوضع البيض في سلة واحدة، فإن هذا ببساطة يعني أنك قد قررت سلوك طريق حافل بالمخاطر، أما من خلال توزيع أموالك على امتداد أنواع مختلفة من المدّخرات والاستثمارات، فعندها ستكون لديك فرصة أكبر في جعل أموالك تنمو على المدى المتوسط إلى الطويل.
متى تقوم بالاستثمار؟
من الأفضل اتخاذ قرارات الاستثمار بعد نجاحك في التخلص من ديونك، وعندما تكون قد نجحت في ادّخار قدر كافٍ من المال لحالات الطوارئ والإنفاق المخطط له.
بعد قيامك بهذه الخطوات، عليك تخصيص بعض الوقت لدراسة الأسئلة المهمة الآتية:
– ما هي أهدافك المالية؟
– ما هو طول المدة الزمنية التي يمكنك استثمار أموالك فيها؟
– وما هو موقفك تجاه المخاطر؟
من الجيد التفكير في الحصول على استشارة من خبير متخصص لمساعدتك في التفكير بشكل سليم لإيجاد الردود على هذه الأسئلة؛ إذ إن الإجابات لن تكون واضحة بشكل فوري لدى معظم الناس!
وعموماً، فقد يتوافر أمام الأفراد الذين هم في سن العشرينات أو الثلاثينات أفق أرحب للاستثمار، وكذلك قد يكون لديهم استعداد لقبول قدر أكبر من المخاطر في التعامل بأموالهم، بالمقارنة مع الأفراد الذين اقتربوا من سنوات تقاعدهم، والذين ستكون لديهم حاجات مختلفة، والذين سيكون المنهج الأكثر حذراً تجاه اتخاذ المخاطر أكثر ملاءمة لهم.
ويقترن كل نوع من أنواع الاستثمار بتقلّبات وموجات صعود وهبوط، وبالتالي عليك أن تحدّد إطاراً زمنياً واقعياً تحرص من خلاله على عدم المساس بالاستثمار.
وإذا رأيت أنك ستكون بحاجة إلى استخدام جزء من نقودك في غضون فترة قصيرة ، فعندها عليك دراسة القيام بالادّخار أو استخدام آليات استثمار لا تتأثر بشكل كبير بالتغيّرات قصيرة الأجل التي تحدث في السوق.
أين تقوم بالاستثمار؟
إن توزيع الاستثمارات على امتداد باقة متنوعة من الأسهم والسندات والنقد قد يوفر للعديد من الناس فرصة جيدة لتحقيق النمو، وعلى الجانب الآخر فإن القيام بذلك يساعد في تحقيق التوازن بين أية مخاطر مرتبطة بكل هذه الأنواع. وبالرغم من أن هذا النمط من الاستثمار قد لا يكون المنهج الصحيح في كافة الظروف وملائماً لجميع المستثمرين، إلا أنه مع ذلك يعتبر مبدئا صحيحاً بشكل عام.
الادخار النقدي
بالنسبة للناس الذين يتبعون منهجاً يتسم بالحذر الشديد، يمثل ادخار النقود المكان الأكثر أماناً لأموالهم، إلا أن ذلك سيكون على حساب العوائد والتي ستكون أقل بكثير بالمقارنة مع فئات الأصول الأخرى مثل الأسهم. وعلاوة على ذلك، على الإنسان أن يضع في اعتباره حقيقة أنه مع ارتفاع التضخم (على سبيل المثال 3 %) فإن النقد الموظف في حسابات ودائع بمعدل فائدة يبلغ 1 % تقل في الواقع قيمته! ولنتذكر أن كافة حسابات التوفير تسلك المسار نفسه، ولذلك على الإنسان أن يحرص على دراسة كافة الخيارات المتاحة حتى يلاقي نوع الحساب الذي يلائمه على النحو الأمثل.
السندات وعلى نحو مماثل للنقد، فإن الاستثمار في السندات عادة ما يتميز بدرجة أقل من المخاطر عند مقارنته بالاستثمار في فئات أخرى من الأصول من قبيل الأسهم، مع أنه يجب على المستثمرين أن يكونوا على استعداد لقبول عوائد أقل نتيجة لتحملهم لقدر أقل من المخاطر. وهناك العديد من صناديق السندات المتاحة، وبعضها يتبع منهجاً أكثر حذراً تجاه المخاطر مقارنة بالصناديق
الأخرى. فعلى سبيل المثال، يتميز صندوق السندات الذي يستثمر في سندات تتميز بمستوى رفيع من الجودة صادرة عن حكومات مستقرة ومتقدمة بدرجة أقل من صندوق السندات الذي يستثمر في سندات صادرة عن شركات أو حتى حكومات الدول النامية.
الأسهم لقد حقق الاستثمار في الأسهم على مر التاريخ عوائد ممتازة للأموال على المدى الطويل بالمقارنة مع الأدوات النقدية، إلا أن هذا الاستثمار يتسم بقدر أكبر من المخاطر، وبالتالي يتوجب عليك التفكير ملياً في موقفك تجاه المخاطر وبحث آفاقك الاستثمارية قبل اتخاذ أية قرارات. وفي حين أن بإمكانك القيام بشراء أسهم بعينها، لكن يتوفر لك أيضاً خيار الاستثمار بالأسهم من خلال الصناديق، ويتيح لك الاستثمار في أحد الصناديق المجال لترك خياراتك الاستثمارية بيد مدير صندوق يتمتع بالخبرة المطلوبة.
وفي حال اختيارك للاستثمار في أحد الصناديق، فسيقوم مدير الصندوق بإرسال تقرير سنوي لك يبين فيه أداء الصندوق، كما سيتم إرسال كشوفات لك بوتيرة منتظمة.
العقارات مع أن الاضطرابات السياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مؤخراً ألقت بأثرها على أسعار العقارات، إلا أنها كاستثمار على المدى الطويل تبقى خياراً يحظى بشعبية كبيرة في أوساط المستثمرين. وفي الوقت الحالي، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً في الطلب على العقارات، وتكتسب الأسواق المحلية الخاصة بالمنازل زخماً كبيراً من المستثمرين المنتمين إلى الطبقة الوسطى وأصحاب المنازل وهو الأمر الذي يزيد من جاذبية شراء العقارات بغرض تأجيرها. وتتمثل أهم السلبيات المقترنة بتملك العقارات في السيولة وحجم الصفقة. فمن جهة، قد يجد الإنسان صعوبة في تحويل استثماره في العقار إلى نقد فوري في غضون فترة زمنية قصيرة، ومن جهة أخرى فليس من الممكن شراء العقارات إلا من خلال وحدات ضخمة نسبياً، وسواءً قرر الشخص الدخول إلى السوق من خلال شراء وحدة سكنية وحيدة أو اختار التنويع من خلال امتلاك عدد من العقارات، فإن كلا الخيارين يمثلان معضلة للعديد من المستثمرين، ومجدداً يمكن للصناديق المشتركة في هذه الحالة أن تساعد في توفير حل لهذه المعضلة.
الاستثمار في الأدوات المالية البديلة
من الممكن أن تكون سوق الاستثمارات البديلة جذابة للمستثمرين الذين تتملكهم الرغبة في خوض المغامرات، حيث يمكن لهؤلاء الاستثمار في المعادن الثمينة أو المواد الخام أو الأعمال الفنية سواءً بشكل مباشر أو من خلال صناديق للاستثمارات البديلة. وتتجه المخاطر هنا لتكون أعلى، ولاسيما بالنسبة للسلع حيث تخضع قيمة أو سعر استثمار معين لعوامل عديدة مختلفة.
قد يكون التخطيط لمحفظة استثماراتك الخاصة وإدارتها بشكل جيد على درجة كبيرة من التعقيد ومهمة تستنزف قدراً كبيراً من الوقت، حيث أن ذلك يتطلب قراءة الكثير وإجراء الأبحاث والدراسات الضرورية حول الصناديق، وفئات الأصول، والأداء في الماضي، وسواها من الجوانب. وبناءً على ذلك، فقد يكون من الأفضل عملياً بالنسبة لغالبية الناس العاديين الذين يريدون الادخار والاستثمار أن يقوموا بتفويض مهمة إعداد خطة الادخار والاستثمار إلى شركة مالية مختصة يمكنها توفير خيار الصناديق الاستثمارية سواءً من حيث ماهية الاستثمار نفسه أو المبادئ التي توجه استثمارهم (على سبيل المثال الصناديق المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية)، وتبرز جودة الشركة المالية المختصة من حيث قدرتها على توفير استراتيجيات استثمارية نموذجية تعمل على تبسيط الخيارات أمامك.
نستنتج مما تقدم بأن الحصول على مشورة مهنية لصياغة استراتيجية ادخار فعالة على المدى الطويل يعتبر أمراً جوهرياً. ومن خلال بناء الأسس الصلبة لمحفظة استثماراتك وتنويع هذه الاستثمارات على امتداد مجموعة واسعة من الأصول وفقاً لمدى استعدادك لتحمل المخاطر، فإن بإمكانك التقليل من الخسائر في الوقت الذي من المحتمل فيه أن تتمتع بعوائد ممتازة بمرور الوقت