نحن الآن مخيمون على مفتتح السنة الهجرية المنورة ، التي تتصادف وفاتحة محرم الحرام ، حيث الجرح الحسيني الذي حوّله ” الجاهليون الجدد ” الى مناحة متصلة من أربعين يوماَ ، وربما لعدة من أيام أخر ، وهو أمر جلل يستدعي اعادة نظر ووقفة وتثقيف ، يبعث الراحة والطمأنينة في جسد الثائر الشهيد أبي عبد الله والذين معه ، فلا يجزع ولا يتململ في ضريحه الشريف ، من فرط ما رأى وما سمع ، اذ تسوره الحشود ، فتضرب الصدر بكف ثقيلة ، وتنهش الرأس الحاسر بالسواطير ، وتجلد الظهر العاري بسلاسل الحديد القاسي ، فيسيل الدم في غير موضعه ، وتتشوه الواقعة ، وتضيع البوصلة ، ويزعل محمد العظيم الذي ليس منه ومن دينه ، من شق الجيوب ولطم الخدود ، وعين المؤمن تدمع ، وقلبه يجزع ، وعقله يتذكر ويعتبر ويتعلم ، وهذا والله ، هو جوهر المسألة العظمى ، قبل أن يخرجها الخارجون من توابيت التأريخ ، فتصير ” أفيوناَ ” للتخدير وللتسكيت ، حتى بلغ الأمر بالرعية ، الى أن تخرج ملايين مملينة ، تلطم وتطبّر وتزنجل وتنتحب وتسير ، ثم تعود الى بيوتها ، ساكتة قانطة راضية على ست ساعات كهرباء في يوم الله الواحد ، ودولة فاسدة من طقطق حتى سلام عليكم ، وكرامة وطنية مفقودة ، وسدّ هائل من حرامية ومفسدين ومزورين وقتلة وطائفيين ، وأميين . شخصياَ ، سيكون بمقدوري بالحجة والمحاججة والمقايسة والمقاربة ، أن أقنع ألفاَ أو مائة ألف من الغاوين المخدوعين البسطاء ، الشايلين نصف عقل في رؤوسهم ، ومن الأذكياء الراجحين الراسخين في العلم والمريدين ، بتعديل وتطوير وتشذيب وتعميق وتعقيل المشهد الحسيني الشريف ، بل وتسويق قصة الواقعة الى ” ألآخر ” بصورة مقنعة مذهلة مبهرة . في مبتدأ شهر الواقعة الحرام ، ستعرض عليكم الشاشات الملونة ، مشاهد لسياسيين مشهورين ، يتربعون تحت دكة اللطم والعويل ، يلونون وجوههم بلون الفجيعة ، ويعصرون العين من أجل دمعة ساخنة تقنع الكاميرا و ” المصوتين ” الباصمين بأصبع البنفسج ، والشارع المسحول بقوة العادة . سياسيين من كل لون وصوب وملة . من أول اليسار الى أخير اليمين . علمانيين وما حولهم . من صنف الذين يصومون رمضان حتى غروب الشمس وطلقة المدفع ، وينطرون خاصرة المساء بشغف ، كي يتيقنوا من أن المذهلة سمية الخشاب ، لن تهجر الحاج البديع ، نور الشريف . من هذا الحد ، أقترح على السيد علي السيستاني ، أن يظهر على الناس – أو يكتب على الأقل ، ان كان لا يقدر على الظهور ، لعلة أو للكنة – فيصوغ فتوى ملزمة لرعيته ، بتحريم تعذيب الجسد وجلده ، وتغييب العقل وايقاف اعماله ، والذهاب بطقوسه ، الى نذور أجر وثواب ، تشبع الجائع والعابر وابن السبيل ، ونقل الواقعة الى باب التذكير والقص الجميل ، الذي لا يثلم من قدسيتها وقوتها الروحية . اللهم احفظ هذه البلاد ، آمنة مطمئنة رحيمة كريمة قوية حرة مسالمة عالمة عاقلة ، ومكنوسة من الغزاة الأمريكان الأوغاد ، ومن والاهم ، الذين ما دخلوا فجّاَ او شقّاَ ، الّا أفسدوه وخربوه ، وسمطوا أبا أبيه . اللهم احفظنا وأسترنا من شر كل من قرأ مكتوبنا هذا ، فحرفه صوب غير ما ذهب اليه وقصده . ربي سامحنا ان وقعنا في بعض غلط ، وما كنا لموضعه ذاهبين ، وسلام على من قرأنا ، فشاط وغضب ، ومثله على من وافقنا ، فأرتاح وفرح ، ومن كان في عبّه ، أسانيد تبطل قولنا هذا ، فنحن ننصت ، وقد نعود ، او قد يصير السند ، سنداَ لنا وراحة وسروراَ ، من حيث لا يدري المجادل الكريم .