23 ديسمبر، 2024 4:15 م

لا تصدقوا كل ما تسمعونه.. إليكم الحقيقة

لا تصدقوا كل ما تسمعونه.. إليكم الحقيقة

منذ احتلال العراق والى يومنا هذا تم اطلاق اكثر من “جهد سياسي” لتماسك البلد، ولكنه جرى في النهر بل في النهرين “دجلة والفرات”، مياه كثيرة ولكنها للاسف الشديد كانت ممزوجة بدماء الشعب العراقي  الغالية في غياب هدف وبرنامج واضح  المعالم لاعادة بناء الدولة العراقية على اسس تحافظ على كيانها الموحد المستدام ، وتضاربت المصالح ،واختلطت المفاهيم . مفاهيم وحدة العراق والفيدرالية والاقاليم والمناطقية والطائفية والديمقراطية والسيادة. حتى مفاهيم المقاومة والارهاب والعنف اختلفت في العراق عن ارجاء المعمورة. وكانت النتيجة  ضياع ثلث الاراضي العراقي  بيد داعش الارهابي  من جراء سياسة الفشل والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة العراقية دون استثناء .

ووسط كل ذلك بدأنا ندرك ونستشعر ان هناك شيئا ما يجري على  ارض العراق .هذا الشىء هو مخطط خبيث يجري تنفيذه ببطىء ويساعد عليه ربما دون ادراك واع أطراف عراقية “سنية ،شيعية ،كردية ” بل حتى تركمانية ومسيحية ،ألا وهو مخطط “تقسيم العراق”، ولعل اخر إشارة الى هذا المخطط  بعد سيطرة داعش الارهابي على  معظم المدن والقصبات العراقية في محافظات”الانبار،صلاح الدين،الموصل ،كركوك،ديالى” هو الدعوة الصريحة من قبل اقطاب  محسوبة على “العملية السياسية ” وبمباركة امريكية بتشكيل الاقليم السني، وهذا ما يدفعنا  الى القول بان تقسيم العراق ماض وهناك سيناريو، الان في صفحته “العسكرية والسياسية”، في ظل اصرار  الولايات المتحدة  الى عدم وجود مركز سياسي واداري قوي في العاصمة بغداد ، حتى يتم تطبيق نظام فدرالي قائم على اساس أقتسام السلطة والثروة بين المكونات العرقية والمذهبية .وهذا التوجه لم يكن معزول عن اهداف الاحزاب  “الكردية والشيعية”.فقد سعت هي الاخرى الى اقامة نظام فدرالي ينهي سيطرة المركز وتمكين الشيعة والاكراد من السيطرة على السلطة من خلال اكثريتهم  الانتخابية.

وهذا الوضع تجسد أولا من خلال الدستور الذي تم إعداده  والتصويت عليه “سلقا”في 2005 بحيث اصبح العراق من الناحية القانونية النظرية بلدا فيدراليا ، تحولت الفيدرالية فيه من الناحية العملية الى وضع خاص شبه استقلالي في كردستان . وعلى الجانب الاخر عانت “العملية السياسية” من الفشل مما قاد الى ظهور عمليات تطهير تتحول تدريجيا الى عمليات تقسيم عرقي ومذهبي على الارض وصل بالعراق الى ما نحن عليه الان . وسواء كان هذا الامر مدبرا من قبل الولايات المتحدة  او كنتيجة لوضع العراق السياسي ،  اوصلت بالعراق الى مفترق الطرق.

إن العودة الى العراق الموحد ضمن دولة مركزية قوية لم يعد أمرا ممكنا وربما مستحيلا  بعدما وصل الى ما وصل إليه الوضع الحالي . ولذلك لاخيار ثالث امام  الشعب العراقي  إما التقسيم الذي تسعى اليه  الولايات المتحدة  ومن خلفها دول  التحالف الدولي وإما المصالحة  الحقيقية والتوافق لمنع الطريق امام مشروع التقسيم .

لاننا امام تناقض حاد ما بين  ما يصدر من تصريحات  رسمية وغير رسمية تتحدث عن معارضة التقسيم ،ولكننا على ارض الواقع نجد شيئا مختلفا تماما.  ولذلك لا تصدقوا كل ما تسمعونه عن معارضة تقسيم العراق من قبل قادة العملية السياسية او من نوابها ، فمثلا السياسي “وائل عبد اللطيف” يقود اكبر حملة لاعلان اقليم البصرة بتاثيرات خارجية خليجية معروفة ضمن مشروع  خبيث ينتهي في اقامة “جمهورية البصرة ” ، وتشكيل التحالف الدولي تحت عنوان محاربة داعش الارهابي ضم لحد الان اكثر من 60 دولة وفق استراتيجية طويلة الامد وغطاء مالي تجاوز الـ(500) مليار دولار ،وداعش تتنقل بكل سهولة من الغرب الى الشرق الى الشمال بدعم امريكي للسيطرة على مدن عراقية جديدة كمفتاح وورقة ضغط نحو “ضرورة الاقليم السني” ، وتشكيل الحرس الوطني وتحويل الجيش الاتحادي الى “حرس حدود”، وهذا ليس كلامي بل تصريح لاكثر من مسؤول امريكي اخرهم الجنرال ”  مارتن ديمبسي” رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية في ايلول من العام الحالي، وما ورد في كتاب هيلاري كلنتون “خيارات صعبة”، وللتذكير العودة الى  مطلع التسعينات عندما تم فرض حظرجوي على شمال العراق  وجنوبه من قبل الولايات المتحدة ،ثم بعد الاحتلال جاءت فكرة المحاصصة الطائفية  لفتح فجوة  التقسيم  واعطاء الطائفية  وضعا مؤسسيا في الحكم والادارة .مع اذكاء تشكيل المليشيات الطائفية. حتى تشكيل الصحوات والاصرار  على تشكيل الحرس الوطني هي جزء من خطوات التقسيم . بعد ان تم تكريس التقسيم الناعم الخبيث واحداث تغييرات حادة في بئية المجتمع العراقي لخلق كيانات ومناطق  تضم اغلبية متجانسة في كل منطقة .وعمليات النزوح بسبب العمليات القتالية سيكون لها تاثيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية طويلة الامد.

هذا ما جرى ويجري على ارض الواقع بغض النظر عن التصريحات والتقارير التي تتحدث عن وحدة العراق أو العراق الموحد فمشروع التقسيم مستمر ولم يتوقف لان امريكا لاتسمح بذلك، وما يجري من عمليات قتالية وفعاليات سياسية داخلية وخارجية وغيرها من احداث ما هي إلا تفاصيل لمحاور التقسيم باشراف الولايات المتحدة وتنفيذ داعش الارهابي وسياسيو الصدفة وبعض شيوخ الاحتلال والمقاولين من الطبقة السياسية . وحمى الله العراق.