علا صوت الديمقراطية كثيرا بعد السقوط، ونادى بها الديمقراطيون كرد فعل لما كانت عليه النظم الشمولية، وما تركته في النفوس من كبت للحرية ، غير ان الديمقراطية كنظام سياسي ، بحاجة الى رافع اجتماعي حقيقي، اي ان يتكون ايمان حقيقي بضرورة تطبيق هذا النوع من الحكم ليمثل السواد الاعظم من الناس غير ان هذا الرافع المطلوب ، وفي مقدمته البرجوازية الوطنية ، تلكم الشريحة المثقفة الواعية بالدور الاقتصادي واهميته في مسالة انضاج الممارسة الديمقراطية ، يعاني هذا الرافع الحقيقي ومن حوله جموع الناس من الفقر والعازة اللذان يبعدان اي مواطن عن التفكير الحقيقي بماهية الديمقراطية ، لان الديقراطية هي ليست فقط صندوق اقتراع انما هي القدرة على مقاومة اغراءات المرشحين بتعبير اخر اغراءات المال السياسي ، ماذا تعني الانتخابات بالنسبة لشخص جائع او محتاج ، ؟
ان الفقر والحاجة هما مصدرا الفشل في التطبيق الحقيقي للديمقراطية ، بل هما يساعدا على وصول النائب غير الجدير بعضوية البرلمان بماله السياسي وباستغلال هذه الحاجة لدى الناس ، وقد اثبتت التجربة على ارض الواقع ان المال السياسي (مال الدولة) اعاد الكثير من الوجوه الفاشلة الى البرلمان ومنها الى الدولة ، لذا ولكي تبعد اي مواطن عن دوافع الحاجة يقتضي معالجة الفقر والبطالة ، ومنها يخرج المواطن الى مناخ الحرية الرحب ليختار من هم الاخيار والا سيكون للمال يده الطولى في الانتخاب وفي الاختيار…