الديمقراطية والانتخابات في كل العالم تكون من اجل الاستقرا، وهناك قواسم مشتركة بين الحركات السياسية العاملة في المجتمع، وان التجاوز على تلك القواسم يعتبر خطاً احمر حفاظا على وحدة المجتمع، وعدم المساس بالنظام الديمقراطي خصوصا آبان الحملات الانتخابية، حيث التنافس يكون على اشده بين تلك الحركات للوصول الى ما يستهوي الناخب من صفات يستسيغها في المرشح، ومن اهم الثوابت التي تلتزم بها اطراف العملية السياسية في النظام الديمقراطي لتحقيق الاهداف المذكورة،هو الابتعاد عما يثير الانقسام السياسي والاجتماعي والعنف.
في بلدنا يقدم المرشح برنامجه الانتخابي، ويتناول فيه عدة مواضيع اهمها الخدمات، لانها ذات تأثير مباشر على حياة المواطن، ويمكن ان تعطي للمرشح قوة مستمدة من الاصوات التي حاز عليها في الانتخابات، وهناك الكثير من الشعارات في العراق، وخلال فترة الانتخابات تبدو جميلة وفضفاضة، وقد تؤثر على نفسية المواطن .
ان كتابة الشعار وتعليق الصور وطرح البرامج الانتخابية سهل جدا، لكن المهم ترجمة القول الى فعل ، ووضع هذه الشعارات على ارض الواقع، العبرة تكمن هنا، سمعنا الكثير من الوعود لكن اغلبها في الدورات الانتخابية السابقة، كانت تتبنى المثالية، وتريد من خلال اطلاق الشعارات العملاقة وطرح البرامج، مجرد الوصول الى الهدف ونسيان المواطن ، نعم هناك الكثير من الوجوه تريد الفوز بالانتخابات عبر التخندقات السياسية والطائفية، في حين أن حتى الدعاية الانتخابية لم تروج بالشكل الصحيح، لا من حيث البرامج ولا البوسترات والملصقات، فكثيراً ما نجد صورة رئيس الكتلة السياسية الى جانب صورة المرشح، ولا نعلم ما العلاقة بين رئيس الكتلة والانتخابات في هذه الدعاية، لكون الانتخابات هي لمجالس المحافظات، خدمية وليست سياسية، كما أن رئيس الكتلة ليس مرشحاً، واذا فرضنا ان ذلك ممكن في بغداد، فبالتأكيد هو ليس كذلك في المحافظات، وخير مثال على ذلك، ما يحصل في الدعاية الانتخابية للقائمة ( 419 ) التي نجد فيها صورة المالكي بجانب صورة كل مرشح في قائمته، حيث يستخدمها المرشحون للتأثير على الجمهور لان الناس يعرفون المالكي ولا يعرفون المرشح، ومن جهة اخرى هذا يعني ان المرشح ليس لديه ثقة بنفسه وبقدرته بالحصول على اصوات الناخبين، وفي كل الاحوال وضع صورة المالكي مع المرشحين مرفوض، لانه لا يمثل رئيس كتلة وأنما رئيس وزراء العراق وهذا يعني استعمال المنصب الحكومي للدعاية الانتخابية.
نحن في بداية التجربة الديمقراطية وهذه التجربة مقارنةً بالسنوات الماضية و كذلك وبعض بلدان المنطقة تبدو تجربة جيدة جدا، لكن حقيقة الديمقراطية العراقية حاليا مازالت تعاني من الفوضى السياسية وعدم التوافق بين الشركاء.
لنا وقفةً هنا مع ائتلاف المواطن، حقيقةً حصلت في برنامجه طفرة نوعية، الذي تم اعداده من قبل مجموعة من الخبراء والمختصين كل حسب اختصاصه، الذي يصب في خدمة المواطن بالدرجة الاولى، والملفت للنظر ان القائمة ( 411 ) هي قائمة تضم كل مكونات الشعب العراقي، اضافة الى النخب و الكفاءات العلمية المشهود لها في الساحة الاجتماعية، التي استطاعت ان تلامس جوهر هموم المواطن في مواضيع الاعمار والخدمات والمعاناة الانسانية لبعض الشرائح، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة انطلاقاً من شعار طاقات معطلة وحقوق مؤجلة.
ان التحديات الامنية الخطيرة التي يمر بها البلد في هذه المرحلة مع اقتراب موعد الانتخابات، يؤشر ضعفاً واضحاً في اداء الاجهزة الامنية، وينعكس سلباً على الناخب العراقي، ان توجه ابناء الشعب الى صناديق الاقتراع غاية في الاهمية وينبغي على الحكومة توفير الاجواء المناسبة اعلاميا و امنيا و لوجيستيا على الارض حتى يمكن اجراء الانتخابات.
ان التغيير لاياتي من خلال التمنيات و لا من خلال التذرع والتشكي الدائم ولا بالتهجم من طرف على آخر، وانما التغيير ياتي من خلال الاختيار المناسب للشخصيات المنابة، التي يقتنع فيها الناخب العراقي وتعمل على خدمة ابناء هذا البلد الذين ظُلموا لسنوات طويلة، وآن الاوان حقيقة بما يمتلك العراق من امكانيات ضخمة مالية وثقافية وحضارية لرفع هذا الضيم عن ابنائه، ليكون هناك مزايا اخرى من الخدمات والتعليم والصحة والآمن، لكي يشعر المواطن بان هناك تغيير حصل فعلا على الارض من خلال فوز نخبة معتد بها.