عام 1998 اتهُم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية تسببت في سجنه ومنعه من العمل في الوظائف الحكومية ومنها الترشيح للانتخابات العامة بسبب اقتباسه أبياتاً من شعر تركي أثناء خطاب جماهيري يقول فيه:
مساجدنا ثكناتنا .. قبابنا خوذاتنا .. مآذننا حرابنا .. والمصلـّون جنودنا
لم تثنِ هذه القضية أردوغان عن الاستمرار في مشواره السياسي بل نبهته هذه القضية إلى كون الاستمرار في هذا الأمر قد يعرضه للحرمان للأبد من السير في الطريق السياسي كما حدث لأستاذه نجم الدين أربكان فاغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشق مع عدد من الأعضاء منهم عبد الله غول وتأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001 منذ البداية أراد أردوغان أن يدفع عن نفسه أي شبهة باستمرار الصلة الأيديولوجية مع أربكان وتياره الإسلامي الذي أغضب المؤسسات العلمانية مرات عدة، فأعلن أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام الجمهوري ولن يدخل في مماحكات مع القوات المسلحة التركية وقال “سنتبع سياسة واضحة ونشطة من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمه أتاتورك لإقامة المجتمع المتحضر والمعاصر في إطار القيم الإسلامية التي يؤمن بها 99% من مواطني تركيا.
عام 2009كان موقف أردوغان موقفًا “حازمًا” ضد خرق إسرائيل للمعاهدات الدولية وقتلها للمدنيين أثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد قام بجولة في الشرق الأوسط تحدث فيها إلى قادة الدول بشأن تلك القضية، وكان تفاعله واضحاً مما أقلق إسرائيل ووضع تركيا في موضع النقد أمام إسرائيل، وقال رجب أردوغان “إني متعاطف مع أهل غزة”.
في 22 مارس 2013 قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتذاراً رسمياً لنظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال مكالمة هاتفية على الهجوم واعترف بحدوث «بعض الأخطاء العملية» وتعهد بدفع التعويضات لأسر الضحايا، مقابل الاتفاق على عدم ملاحقة أي جهة قد تكون مسؤولة عن الحادث قانونياً. واتفق الجانبان على تبادل السفراء وتطبيع العلاقات، وذلك خلال مكالمة هاتفية شجع عليها الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال زيارته إلى إسرائيل في تلك الفترة.
في 23 نوفمبر 2011 قدم أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية في أنقرة اعتذارا تاريخيا باسم دولة تركيا حول الأحداث المأساوية التي وقعت بين سنوات (1936- 1939) في منطقة درسيم، التي ارتكبتها الحكومة التركية آنذاك ممثلة بالحزب الجمهوري بحق الأكراد العلويين في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي. وقوبل هذا الاعتذار بترحيب شديد من قبل رئاسة إقليم وكردستان والتي رحبت بتصريحات أردوغان وقالت : إن هذا التصريح يدفع بعملية الانفتاح الديمقراطي في تركيا إلى مرحلة أكثر تقدما.
لكنه اليوم ؛ يبدو أنه انخدع بالسلطة ، وأصابه غرور ، خصوصاً بعد أن نال جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام ، وجائزة القذافي لحقوق الإنسان عام 2010، واستقبال لبنانيون له بالحفاوة والترحيب، وعزف أمير قطر على أوتاره ، وما تفاءل به من المعارضة السورية بموعد متجدد للهيمنة العثمانية على المنطقة العربية في الشام .. الخ
اليوم في تركيا ؛ مئات المحتجين الأتراك يتظاهرون في شوارع مدينتي اسطنبول وأنقره بعد يومين من الاحتجاجات العنيفة التي أدت إلى اعتقال نحو ألف شخص.فقد لوح المحتجون الذين التزموا الهدوء بشكل عام بالإعلام في ميدان تقسيم باسطنبول، ولكن ثمة تقارير تحدثت عن قيام الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في ساحة كيزيلاي بالعاصمة أنقره.وقال رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان إن المحتجين إنما يحاولون تقويض الديمقراطية في البلاد. كما قال أردوغان “إنهم يخربون الشوارع ويحطمون نوافذ المحلات التجارية. هل هذه هي الديمقراطية؟”ورفض رئيس الحكومة الاتهامات الموجهة له بأنه “ديكتاتور” مؤكدا أنه شخص “كرس نفسه لخدمة الأمة.”واشتعل العنف اثر استخدام الشرطة القوة في محاولة لفض احتجاجات على مشروع لإزالة متنزه عام باسطنبول.ويقول مراسل بي بي سي في اسطنبول جيمس رينولدز إن العديد من الأتراك قد ضاقوا ذرعا بالحكومة التي يعتقدون أنها تسعى لتقييد حرياتهم الشخصية. لكن الاحتجاجات اتسعت لتتحول الى تحد أوسع لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية. وكانت بداية الاحتجاجات نزاع محلي حول مساعي الحكومة هدم حديقة غازي بالقرب من ميدان تقسيم وبناء مجمع تسوق على أراضيها.ولكن محاولات الشرطة لتفريق المتظاهرين باستخدام الغاز أدت إلى رد فعل غاضب سرعان ما انتشر إلى مختلف أرجاء البلاد. ووصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى السلطة عام 2002 ومن المتوقع أن يترشح للرئاسة عام 2014.ويشكو البعض في تركيا من أن حكومته أصبحت ذات نزعة استبدادية متزايدة.
ومن الجدير بالذكر أن ثورة الشريف الحسين بن علي عام 1916 ضد الإحتلال العثماني لم تكن متوائمة مع آل سعود ، بمعنى ؛ أن هنالك جذور تاريخية للعلاقة السعودية التركية ، من الممكن استنهاضها بعلاقة جديدة ، تخدم مصالح الطرفين في المنطقة العربية ، ومنها الأزمة السورية .
ووفقاً للرؤية العالمية لتركيا، فإن تركيا تمتلك مسؤولية خاصة تجاه المناطق التي تعتقد أنها ازدهرت خلال الحكم العثماني، حيث يري منظرو العدالة والتنمية أن تركيا نموذجاً يحتذى به في دول المنطقة، وتسعي جاهدة لإنعاش تصورهم حول العدالة والإنصاف والرخاء الاقتصادي في الحقبة العثمانية، وقد ساعدت هذه الرؤية الذاتية في تحقيق تطلعات أعضاء حزب العدالة والتنمية واهتماماتهم في منطقة الشرق الأوسط، والتي يُطلق عليها البعض “العثمانية الجديدة”، وقد لاقت جهود حزب العدالة والتنمية من أجل زيادة النفوذ التركي في المنطقة دعماً غير متوقع من صناعتي السينما والموسيقي التركيتين، حيث تم بث ما لا يقل عن أربعين مسلسل تركي في العالم العربي في العقد الأخير، وأصبحت الأغاني والأفلام والمسلسلات التركية من أعلي نسب المشاهدات في المجتمعات العربية، واكتسبت شعبية مهولة ولعل السبب في ذلك أنها قدمت بديلاً، وعرضاً لمعيشية غالبية المدن المسلمة، وإظهاراً لزيادة الحريات المجتمعية- خاصة في حالة المرأة التركية- ومستويات معيشة أعلي بفضل تحرير الاقتصاد التركي.
ولقد وقفت أنقرة إلي جانب المجلس الوطني السوري لجني مكاسب إيديولوجية ومادية مستقبلية من دعم هذه الحركة، وإذا نجحت حسابات أنقرة فإنها ربما تكون علي بُعد خطوة واحدة من تطلعاتها العثمانية الجديدة، والمساعدة في قيادة الحركات الإسلامية السنية السياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وربما يُسبب ذلك رد فعل سلبي بين من يعتبرون أن تركيا منافساً لقيادة الشرق الأوسط مثل حكام السعودية.
وجدير بالذكر؛ أن التحول في العلاقات التركية السورية نحو مزيد من التوتر لعدد من الأسباب منها أن تركيا تريد أن يصل الإخوان المسلمون إلي السلطة في سوريا أو علي الأقل أن تشارك نظام الأسد العلوي في السلطة، كما أن تركيا تعتبر في مشاركة حركة سنية مثل الإخوان المسلمين في حكومة سورية ربما يساعد حكومة العدالة والتنمية في تركيا على ترسيخ نفوذها وسلطتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات القادمة، ويسمح أيضاً لتركيا بأن تكون حليفة لها، ويُمكـِّن تركيا من كسب نفوذ ضد إيران منافستها طويلة الأمد، خاصة وأن تركيا كشفت بالفعل في أيلول 2011 عن توتر علاقتها مع إيران حينما وافقت تركيا على إنشاء نظم رادار جديدة للناتو من أجل كشف الصواريخ التي تطلق من إيران، وقد انتقدت إيران هذه الخطوة بدورها.
والحالة هذه ؛ والمراقب السياسي ينظر إلى الأحداث كما يلي : ـ
أولاً : ساندت الحكومة الكويتية نظام صدام حسين في حربه على إيران عام 1980، وقال لهم الزعيم الإيراني الراحل الإمام الخميني : لا تساندوا العدوان فينقلب عليكم ، وها هو قد انقلب عليهم في عام 1991، وقد ذكـّرهم الرئيس الإيراني الأسبق رفسنجاني آنها بذلك .
ثانياً : أهملت الحكومة السورية تدفق العناصر الإرهابية على العراق بعد الانفلات الأمني للحدود العراقية عام 2003،وهاهو ينقلب عليها اليوم .
ثالثاً : ساندت الحكومة التركية انفعالات الشارع السياسي السوري ، وهاهي تعاني من انفعالات شارعها السياسي اليوم .
أقول ؛ على جميع حكومات دول الجوار أن تلتفت إلى مشاكلها الداخلية ، لأن حوب العراق عليهم لشديد !!!
***
مصادر البحث :
* الموسوعة الحرة
* بغداد للدراسات والاستشارات والإعلام
* نشرات أخبار إلكترونية عديدة