الحديث عن تغيير وزاري محتمل ليس فيه من الغرابة من شيئ ومن حق رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وفق الدستور ومن صلاحيته بعد ان يعرض تشكيلة حكومته المعدلة على مجلس النواب متى ما احس بالتقصير في اداء اي وزير ،هذا فيما اذا لم تكن الحكومة مفروضة عليه تحت مظلة المحاصصة والتوزيع على اساس النسب الانتخابية والذي يفتقد اليه السيد الرئيس اليوم .
اما الجدل الحاصل بين القوى السياسية حول كيفية التغيير اصبح مخيب للامال عند الشارع ولايمكن تصديقه بسبب الخلافات الكبيرة بين الكتل وطبعاً هذا ما يجعل من ان الخطوات القادمة قد تكون شكلية ولتهدئة المطالبين ولا تلبي الطموح . ويبدو ان العبادي اليوم في وضع حرج اكثر مما كان عليه لحظة تكليفه برئاسة الحكومة امام الشعب لهذا يسعى الى نقل الحقيقة في بياناته بين الفينة والاخرى.
الكتل السياسية لم تحسم أمرها بعد في نوعية الاختيار، وولادة حكومة التكنوقراط التي طرحها الدكتور حيدر العبادي تمر بولادة عسيرة وسط انتظار وترقب لملامح شكلها و التي لم تتضح ملامحها ولم يتم الاتفاق على صيغتها لحد الان.
ويبدو ان لا أحد يعي الأحداث المتسارعة التي تعصف بالساحة العراقية , والتربص لاخفاق الحكومة في سبيل تحميلها التقصير، وابتعادها عن المسؤولية, ولعل من اهم معوقات تشكيل الحكومة هي المحاصصة التي لازال البعض يلتزم بها في هذا النظام السياسي تحت ذريعة التنوع الاثني وصعوبة الاستقرار السياسي والأمني بسبب اختلاف الفرقاء السياسيين ما يضطر هؤلاء الى تقاسم السلطة ومشاركة الجميع تحت ذريعة ضمان الاستقرار السياسي ،ولكن في الحقيقة لاتنسجم مع مصالحهم .
ان التنوع نقطة فريدة ومصدر قوة للمجتمعات التي تجمعها اواصر الثقة وتاريخ عريق لاتنفك اواصره مثل مجتمعنا ولكن حولها بعض الساسة الى نقطة ضعف اخذ يتناغم معها وحسب مصالحه وبدأ يشهره كسلاح يتخاطب به، ومن خلاله يحاول اختراق وحدة اطيافه وتهديم جسور العاطفة بينهم وهذا ما كنا نتخوف منه بعد ان اصبحت سياسية المحاصصة المقيتة تسود الحكومة لا بل تم تركيب الدولة على اساسها بالكامل
.ان اختيار شخص لمنصب معين يمثل طعنة في خاصرة الادارة اذا ما كان هذا الشخص لايعرف من الف باء عمله شيئ ويفتقد للخبرة الكافية للمساهمة في البناء انما يصبح جزءا من معول لتهديم البنية ، هذه الثقافة الغريبة على المجتمع العراقي يعتاش على موائدها ضعاف النفوس فأي ثقافة هذه التي تسبب تشتيت كيان الامة وتبعد المواطن عن الوطن .
ان نشر هذه الظاهرة امر خطير تثير الاحساسات عند شرفاء الوطن وتزرع روح العداء بين مكوناته وتستباح في ظلها حرمات المواطنة وتضعف كل زوايا تماسكة ، انها الانتكاسة ، والمأساة ، ومعوق مميت ، وسيف اشهر بوجه كرامة وعزة وارادة ومستقبل وسيادة وهيبة افراده وسلاح يهشم كيان الدولة، لانها لاتمثل رغبته انما المعنى في قلب صناعه .
المحاصصة والطائفية في ادارة البلد لاتصون الامة ومن العوامل المهمة التي ترسخ تفرقها وتشتت مكوناتها والذي يوحد قواها اسم الوطن ومقدار العطاء له فهو الحبل المتين في دنياه والخيمة التي تتسع اجنحتها ويدفء صدرالمنتسبين اليه ، يجمع العيون والقلوب بكل اشكالها الدينية والقومية.
رفع مصلحة العراق يجب ان تكون فوق كل شئ لان الوطن بحاجة لكل موقف انساني ووطني لدفع الالم عن ابنائه الصابرين على الضيم ولنعمل معاً بغية الوصول الى كل الاهداف النبيلة التي بنى عليها عراق التاريخ والحضارة وشرعت قوانينه . واولها المحافظة على وحدته ارضاً وشعباً. من منا لا يدافع عن حقوق الاخر ومن منا لايعرف فوائد الحفاظ على الدستور والدفاع عن المكتسبات ؟..
ان بث الفرقة بين اطراف المكون الواحد، بزرع عوامل الشر واحياء برامج حزب البعث المنحل وفلول الارهاب من جديد بدل ايجاد الحلول للمشاكل التي تشد خيوط الفتنة الخطيرة في هذه الايام ،هي صفقة خاسرة مقدماً وهو عبث لا تتوفر عوامل النجاح فيه ابداً والابواق التي تحرض على الطائفية وتبث سمومها ابواق خاسرة وفي ظلام دامس وتتناقض مع الروح الوطنية التي تدعيها تلك القوة الشريرة وتكشف عن زيفها.
لتعلم تلك القوى ان اي خلل في الوحدة الوطنية ستؤدي الى انعاش قوى الشر والتقسيم وعصابات الهدم للمجتمع التي تحاول اعادة العراق الى الوراء لتحقيق مكاسب على حساب الشعب واراداته بعد ان انتعش فيه الامل ليشمر على سواعد الجد لبناء المستقبل الواعد الذي ينتظره وهذا ما تدركه قواعدنا الشعبية والحليمة ولن تمر عليه بسلام ابداً .لان الجماهير لا تقبل القسمة على اثنين لافتخارها بهويتها الوطنية والدينية وحبها للوطن الخالد…