خلاصة الأحوال بالعراق هي: الناس محاصرون بالسكاكين والرشاشات من كل الجهات.. اللصوص كثار لم يتركوا نخلة إلاّ ونهبوا تمرها .. ليس هناك قطرة نفط في شمال الوطن وجنوبه إلاّ واستنزفوها ولا آثار في متاحفه إلاّ وهربوها .. حتى الغزلان القليلة ذبحوها.. ! يجري كل ذلك بوقت فيه رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي يعاني الأرق ،ليلاً ونهارا، باحثاً عن (رجل صالح) مرفّه بمعلومات تكنوقراطية ليكون وزيرا للداخلية، حيث تجري في بلادنا الديمقراطية جرائم مختلفة الانواع والالوان بكل ساعة ..!
تأتي الى ذاكرتي ،الآن، حالة من حالات تاريخ بريطانيا عام 2000 في لحظة اختار فيها رئيس الوزراء توني بلير وزيراً للداخلية اسمه (ديفيد بلانكت) . استغربتُ حين قال الخبر التلفزيوني ان هذا الوزير رجل أعمى..!
لم يقل احد عنه انه رجل استخباراتي أو مخابراتي، تكنوقراطي او فوتوقراطي ، لكن قيل عنه انه رجل حازم بقراراته، رجل جاد بعمله ، صارم بإجراءاته . فوق هذا وذاك انه رجل عادل ومجرب..!
لم يكن اختيار الوزير لمنصبه مجرد صدفة فقد كان قبل ذلك وزيراً ناجحا للتربية والتعليم . كان قليل الحديث بالإذاعة أو الظهور بالتلفزيون لكنه استطاع خلال 4 سنوات ان يحقق تقدماً كبيرا بـ(التعليم التكنولوجي) وتطوراً كبيراً بــ(التربية الاخلاقية). ساهم الرجل الاعمى بحماية المبصرين إلى مستقبل الدولة البريطانية العظمى حين واصل سياسة العناية بأطفالها وشبابها..
نجح وزير الداخلية البريطانية الاعمى دافيد بلانكت في مواجهة جرائم العصابات والمافيات صانعة الجرائم الكبيرة والصغيرة . نجح في زيادة تدريب وكفاءة رجال الأمن ، رفع مستواهم ،مادياً ومعنوياً، لينجزوا وظيفتهم بالعلم والعقل. بذلك حقق (وزير الداخلية الاعمى) حلا معقولا للمعادلة الصعبة في الأمن البريطاني أنذاك ..
العالم كله ينتظر الآن اسم ورسم وزير الداخلية العراقية، المفتوح العينين والعقلين، بشرط أن لا يكون مخصياً بالمحاصصة..!