لم يبق أحدا قريبا من هموم المواطن العراقي, وراعيا لمصلحته, ولمصلحة البلد عموما, كالمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف.
فتقاتلت الاحزاب والشخصيات على المغانم والمكاسب, وتناست ما يهم الشعب العراقي, بل بعضها عمل ضد هذا البلد, وكان همه خدمة اجندات أجنبية, وأجندات شخصية, دون الالتفات إلى تصحيح الوضع الصعب الذي يمر به العراق.
وحدها المرجعية –وخصوصا مرجعية السيد السيستاني- بقيت في الساحة المناصرة للشعب المظلوم, فبدأت بالنصح والتوجيه, والتوضيح لما أشكل على المواطن فهمه, وكانت المرجعية بالمرصاد لكل حركة مضادة لإرادة العراقيين أو لا تخدم الشعب.
سيرة المرجعية واضحة في الدفاع عن العراق, بدءا بالزام المحتل بإجراء انتخابات عراقية وكتابة دستور بأيادٍ عراقية, مرورا بوأد الفتنة الطائفية, ثم الدعوة إلى تغيير الوجوه التي لم تجلب الخير للبلد, والدعوة إلى عدم انتخاب المجرب الفاشل, ثم تأييد التظاهرات بشرط أن تكون مطالبها عقلانية وقابلة للتحقيق, ثم فتوى الجهاد الكفائي العظيمة التي انقذت البلد من شر محدق, انتهاءاً بالدعوة إلى محاربة الفساد, والضرب بيد من حديد على رؤوس كبار الفاسدين.
هذه المسيرة التي اختصرنها بكلمات بسيطة لمواقف المرجعية, تكشف عن عظيم حرص المرجعية على بناء عراق موحد, خالٍ من الإرهاب والفساد.
مع كل هذا الدور المحوري للمرجعية, نجد هناك من يتساءل! لماذا تسكت المرجعية عن الأوضاع والفساد في العراق؟!
لا أدري هل إن المتسائل يطرح سؤاله عن علم أم جهل؟! عن حرص أم عناد؟! وعلى كل حال وبغض النظر عن نوايا السائل, سنعيد عليه السؤال ونسأله, هل اتبعت أنت كلام المرجعية؟ وهل حينما طالبت بتغيير الوجوه عملت بطلبها؟ وهل تنظر إلى إن الفساد موجود عند باقي الاحزاب وأن من تتبعهم ليسوا فاسدين؟!
الاجابة تبقى متروكة لضمير من يغمز المرجعية بسؤاله, وعليه أن يجيب عنه بإنصاف وصدق, وأن يصارح نفسه ويترك العناد والهوى, وعلى المجتمع أن يعي دوره ويتحمل مسؤوليته في انتاج نخب سياسية وطنية, حريصة غير فاسدة, ليس لها هم إلا سلامة العراق ورفعة شعبه, وأن لا يحَمِّل المرجعية ما ليس فاعله.