18 ديسمبر، 2024 11:41 م

لا تبكِ

لا تبكِ

يقولون لي لا تبكِ فأجيب، قال المصطفى (ص) “عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله و عين باتت تحرس في سبيل الله” فحراستي انتهت و باتت عيني تبكي من خشية الله. و لِمَ لا ابكي و شاشات التلفاز تُظهر لي سوء الاحوال في بلدي و لِمَ لا ابكي و ها انا اقف خجلاً وجلاً امام امرأة كادت ان تمزق صدرها لولا مسك الشباب ليديها الكريمتين فهي تبكي على فلذة كبدها الذي فقدته في (سبايكر) و لِمَ لا ابكي و هذا شيخ من شيوخ رمادي الإباء يبكي و اسمع احدى النساء تقول له لا تبكِ و كأني بلسان حاله يقول لِمَ لا ابكي، ان حالنا لا يتحمله الحيوان، لِمَ لا ابكي و اهلي في الرمادي يفترشون الارض و يلتحفون السماء متحمليبن زمهرير الشتاء و حر الصيف و السبب شيوخ الفتنة و ساسة الصدفة، لِمَ لا ابكي و النساء يقتُلن انفسهن من الجوع و العوز كي لا يبعن انفسهن لكل نجس عتلٍ زنيم عفنٍ وضيع و من باع نفسه لاهل الدنيا الفانية ، لِمَ لا ابكي و تبات عدة عوائل في خيمة واحدة، لِمَ لا ابكي و امرأة تقول نحمل (العجين) لنخبز لاطفالنا فهذا يطردنا و هذا ينهرنا، لِمَ لا ابكي و انا اشاهد المهجرين بدون ماء للشرب في بلد النهرين لِمَ لا ابكي و قد باعوا الموصل و تكريت و هدموا الرمادي و شردوا اهلها و لِمَ لا ابكي والقتل في المقدادية اصبح عادة لِمَ لا ابكي و التفجيرات في شمال بابل و وسطها تحصد المئات لِمَ لا ابكي و قرى كركوك تُقصَف بالكيمياوي لِمَ لا ابكي و (الساسة) في بلدي يتنافسون على شراء القصور الرئاسية بأبخس الاثمان و كأنهم ورثوها عن ابائهم لِمَ لا ابكي و الشعب يموت جوعا و قرارات الرواتب تُفَصَل فصالا على الوزراء و البرلمانيين و انا بدون راتب منذ سبعة شهور لِمَ لا ابكي و لساستنا الرواتب و الامتيازات و الاجور و الجوازات و القصور و لنا القشور و القبور فهل يستطيع برلماني او سياسي من سياسيَّ الصدفة ان يعيش بدون راتب لسبعة شهور، لا تبكي و انا المهدد بإنهيار سد الموصل فلا (الحكومة) تتحرك ولا من احتل بلدي يتحرك و اتفاقيات جنيف تقول ان المحتل مسؤول عن الحرث و النسل و عن الحجر و الشجر ، لِمَ لا ابكي و اهل القانون في بلدي و هم ادرى بشعابه لا يُحاسبون المحتل و السياسي بل صمتوا صمت القبور، لِمَ لا ابكي و ثروات بلدي تُنهب في وضح النهار ، لِمَ لا ابكي و ليس في جيبي (اربعون الف دينار) كي تستلم عائلتي جثتي بعد موتي  سؤوجل موتي الى ان اجمع هذا المبلغ و بنت الثلاث سنوات تملك عقارا سعره اربعة مليارات دينار و ها انذا اشيخ و ليس لي دارا و يقولون لي لا تبك و السياسيون يقولون :
شدني بالكرسي زين لازم الزمه             و اليحجي عليه اليوم انهيه و اهزمه
سأبكي حتى تحرير بلدي و سأردد قول الشابي:
ألا ايهــــا الظـــلم المصعـــر خـــدهُ                  رويدك ان الدهر يبني و يهـــدمُ
أغركَ ان الشعب مغض على قذىً                     لك الويل من يومٍ به الشر قشعَمُ