22 نوفمبر، 2024 7:01 م
Search
Close this search box.

لا بد من تمرين

كنت متجها صوب المركز الانتخابي لمنطقتنا كي احصل على البطاقة الذكية وأشارك بها في يوم الانتخابات القادمة واذا بجاري يغذ المسير خلفي ويصيح بصوت عال : كأني بك ذاهب لغرض الانتخابات ؟ قلت : بلى كي أدلي بصوتي حيال من أعتقد أو من أرغب فيه أحساسا مني بأنه يتطامن مع طموحاتي في التغيير نحو أفاق أرجو أن تكون جديدة تزيل هذا الركام المتكدس من مخلفات الماضي وما جال به راهن حاضرنا والذي تمثل بتلاوين شتى ما بين تسلط وأحتراب وغياب قسري لأفاق أنسانية لو وجدت لكانت مبعث أطمئنان واحساس بأدمية الانسان وما بين خراب مادي وروحي لم يشهد له تاريخ بلدي -فقال جاري : نعم وما الذي يحدث ؟ فقلت : هو تمرين وعلينا أن نبدأ به ونتعود على القيام به كلما حانت ساعته وبعد أما ترى أن الحياة بدأت بتمرين أول وتبعته تمارين كثيرة – فالعيش تمرين والصدق تمرين وأحترام الاخرين تمرين ونكران ذواتنا تمرين وحب الخير تمرين وكذلك السير في طريق الشر هو تمرين أيضا وما نمر به من تغيير يحتاج منا الى تمارين مكثفة ومضاعفة وأولها أن نؤمن بحب روح الوطن والمواطنة الحقيقية والتسليم به بوصفه الملاذ الامن والكبير والذي بدونه لا تساوي تماريننا السالفة شيئا يذكر – أمتعض جاري وقال بصوت متهدج كمن يشرق بضحكة مفاجئة: لقد أدخلتنا في الرياضة ونحن نتحدث عن الديمقراطية والانتخابات -قلت وما الضير فالديمقراطية تمرين نستعمله كوسيلة لمعرفة ذواتنا ومدى تجاوبها مع ذوات أخرى مختلفة عنا في اللون والسلوك والمزاج والتجربة الحياتية وحتى في الدين والاعتقاد ثم أليس التباين الحاصل في الحياة هو سر جمال هذه الحياة ؟ ففيه تحدث مقادير اسباب ومقدرات وجودنا على سطح البسيطة – أستدرك جاري وقال : هون عليك يا أخي فقد أدخلتنا في الفلسفة والمنطق ونحن في وضع الانتخابات وما ستؤول اليه من تغيير نطمح أن يكون أكثر أنسجاما مع ما نريد وليس كما حصل في الانتخابات السابقة -فقلت : لابأس فالفلسفة تبدأ بحب الحكمة والمعرفة والغور في أعماق وجودنا وما نحن عليه من أحوال ومأل وهذا يا أخي يحتاج الى تمرين ولكنه تمرين فيه لذة ونشوة تجعلك تقف بدراية عما يدور حولك فأنت يا جاري العزيز بدأت بسؤالي حول الجدوى من الانتخابات وما تدري أن السؤال هو مفتاح التفلسف – ضحك جاري وبدت عليه علامات من الحيرة والخجل -فقلت بداخل نفسي : لم لا أكسر هذا التوجس عند جاري العزيز وأبادر بسؤاله عما مزاجه في هذه الايام فقلت : طيب وقبل أن أتفوه صرخ بي جاري وكأنه فهم ما أريد قوله -فقال : ألف رحمة لأجدادك الاوائل والاواخر فقلت : حدد من هم الاوائل ومتى تبدأ مرحلة وجودهم ؟ فقال : ما بك يا استاذ ؟ أجدادنا الذين قاتلوا في داحس والغبراء وحرب البسوس والذين شمروا عن سواعدهم وما همدت لهم جفون الا وهي تقارع عاديات الدهر اللعوب -فقلت : هؤلاء عرفتهم والاواخر ؟ فقال : كل من تواصل مع الاوائل بقضهم وقضيضهم ومن ينزلون حفاة على رمضاء ساخنة -قلت : وما الذي يجبرهم على النزول حفاة ؟ قال : انها عاديات الزمن اللعوب -فقلت : أما ترى أن الزمن سيكون سعيدا ويشعر بسعادة غامرة حين يحتضن بين حناياه أفعالا تحمل كل ما يؤطر الحياة بهجة ومسرة ؟ فقال : اللعنة على الصحراء وما جلبته لنا من ويلات وثبور – فقلت : ولم اللعنة ؟ أما سمعت ب ( كالفن كوليسنج ) حيث يقول : ( ازرع شجرة بدلا من صب اللعنات على الصحراء ) ؟

أحدث المقالات