الحركات والاحزاب والتجمعات السياسية تتحمل جانبا اخرا من المسؤولية تجاه ما حصل ويحصل حيث كان المفروض بقيادتها وتنظيماتها اشاعة الوعي والتثقيف في صفوف جماهيرها على التعامل مع الوضع الجديد، واستثمار فسحة الحرية ،ان لم يكن قبل عملية التغير فخلالها او في الفترة التي اعقبت سقوط السلطة السابقة. ولا شك ان استمرار حالة الفوضى والاستخدام السىء للحريات بعد مضي اثني عشر عاما على التغير يشكل سابقة خطيرة في تاريخ العراق وقد يؤدي الى الاضرار بسير العملية الديمقراطية الجديدة وربما الى انتكاسها -لا قدر الله-. وكذلك فان الجماهير ليست بمعزل عن تحمل حصتها مما يجري من انفلات على كافة المستويات، وهي غير معذورة بعد مضي كل هذه الفترة على سقوط السلطة السابقة، وهي فترة كافية لتفريغ شحنات كبت السنين السود، وتشتيت غيض الحرمان والقهر، ولا بد من ايقاظ الذاكرة الوطنية التي غفت بفعل سطوة وطغيان النعرات الطائفية والعشائرية والحزبية الضيقة وحتى المناطقية والتي اسست لها السلطة السابقة ومارستها سلوكا ومنهجا وثقفت عليها وفرضتها في اكثر الاحيان، ثم جددتها وشجعتها الاوضاع المتردية المتفشية بفعل فاعل! فالجماهير المكدودة الصابرة هي المتضرر الاشد من تعسف وقهر السلطات الشوفينية الدكتاتورية وهي حطب حروب سياستها الهوجاء، وبالتالي يقع على عاتقها الثقل الاكبر حمايةً لمنجزات التغير وانجاح مشروع النظام الديمقراطي الحر في العراق، وعليه فان الشعب العراقي مدعو بكافة طبقاته ومختلف شرائحه الى العودة لمنطق العقل، واعادة مشاهدة شريط سني الاضطهاد والتعسف والاستعباد، وتقليب ليالي جذ الالسن وصلم الاذان، وجدع الانوف، ووشم الجباه، وبتر الاطراف، وسبي النساء، وسوق الشباب كالقطعان الى محرقة الحروب العبثية التي لها اول وليس لها اخر، واستعادة ذكريات احواض الاسيد، والمقابر التي طرزت خارطة العراق، وظلت موحشة فلا تزار ولايدري بها احد. وليستذكروا الكثير.. الكثير من رعب كابوس جثم على الصدور طيلة اربعين عاما حالكة السواد ثم ليثوبوا الى رشدهم، وليستغفروا نعمة الحرية التي اساؤوا استثمارها واعانوا اعداءها، فعكروا صفو معشرها، ولاثوا صافي شربها وكدروا اشراقة نورها.