23 ديسمبر، 2024 12:44 م

لا بد للشعب العراقي ان يستعيد وعيه

لا بد للشعب العراقي ان يستعيد وعيه

اللامعقول الذي جرى ويجري في العراق وكاننا في حلم وليس واقع حال ما كان له ليحصل لولا غياب الوعي المجتمعي المتراكم للشعب العراقي خاصة منذ تشكيل الحكم الوطني سنة 1921 على اثر ثورة العشرين على الانتداب البريطاني وكان لابد للحكم الملكي ان يسقط عاجلا او اجلا (ولو اننا نترحم عليه بعد ان ذقنا الويل من حكم البعث) لانه حمل بذور سقوطه منذ تاسيسه بجلب ملك غير عراقي وتنصيبه من قبل الاستعمار الانكليزي والابقاء على نظام شبه اقطاعي وبديمقراطية شكلية صورية يحل فيها مجلس النواب من قبل رئيس الوزراء كلما ظهر فيه بضعة معارضين وتقمع المظاهرات والاضرابات بالرصاص ويعدم السياسيين حاملي الافكار(الهدامة) وتقمع الحريات الاخرى وتحول المطالبات بالحقوق الى تمرد يقمع بمجزرة كمجزرة سميل للاشوريين وما جرى على الاكراد وغيره مما جرى من انتفاضات ووثبات واضرابات الى ان تكللت بسقوط النظام الملكي بانقلاب عسكري (من قبل منظمة الضباط الاحرار المنبثقة من جبهة الاتحاد الوطني لكل الاحزاب حينذاك )احتضنه الشعب وحوله لثورة شعبية وهي ثورة 14 تموز 1958بقيادة الشهيد عبد الكريم قاسم التي اغتالها البعث بالتحالف مع قوى الردة والاستعمار وبالتعاون مع جميع الجهات التي تحكم العراق اليوم بفلتة من فلتات الزمن(ولو اننا نتقبل من يحكم اليوم كواقع حال لا بد منه كمرحلة يمكن ان تتطور لحكومة تكنوقراط عابرة للطائفية ). فبالرغم من عمر الثورة القصير حققت المنجزات التالية :الخروج من حلف بغداد الاستعماري – واخراج العملة من فلك الاسترليني- سن قانون الاصلاح الزراعي – سن قانون رقم 80 لاسترجاع 99%من اراضي العراق من يد الشركات النفطية الاحتكارية- سن قانون العمل والضمان الاجتماعي _سن قانون الاحوال الشخصية التقدمي- والدستور الموقت التقدمي وغيرها عدى المشاريع الخدمية والسكنية والستراتيجية.فلم يرق ذلك اعداء الشعب فعملوا على اسقاط الثورة باستخدام البعث كمخلب قط للسطو والانقضاض لان البعث لم يكن حزبا سياسيا كما يتوهم الكثيرين ومنهم عبد الكريم قاسم الذي كان يسامح غدرهم بعفى الله عما سلف لكي يحقن الدماء لكنهم عصابات لا ترعوي الا بالعين الحمرة. فبدا تدمير العراق منذ انقلاب 8شباط 1963 الاسود ولحد الان على يد عصابات البعث حيث تغلب الياس والاحباط على الشعب العراقي باغتيال انزه حاكم وطني في تاريخ العراق وهو الشهيد عبد الكريم قاسم مما سهل على حكم البعث البطش والتنكيل بابشع صوره لكل معارضة وان كانت سلمية لترويض الشعب وترهيبه للسيطرة عليه بحيث جعل كل معارضة فردية او جماعية للنظام تعتبر من الجنون واللامعقول وكل وطني او نزيه نشاز لا يتمكن من تمشية اموره بالاضافة الى تخريب نفوس العراقيين وجعلهم انتهازيين وصوليين متنافسين على المصالح الشخصية باي وسيلة مهما كانت دنيئة الى ان غاب وعيهم الجمعي الوطني الاصيل وانحسر حسهم الوطني ودخل طور السبات ولحد الان وذهب ماء وجههم واصبحوا يتقبلون كل ما كان يعتبر من المخازي سابقا وخاصة السياسيين المتبقين من عمليات التصفية التي قام بها حكم البعث لخيرة سياسيي العراق.وبعد سقوط نظام البعث استمر الحال على نفس الفساد الذي اسسه حكم البعث بكل اشكاله الى ان استفحل بسبب الفراغ الامني وتشجيع الامريكان خدمة للصهيونية التى لم ولن تشبع من تدمير العراق خوفا من نهوضه لامكانياته الهائلة وكذلك لعدم معالجته ومحاربته لحد الان بشكل جدي وانما بتخبط وخلط للاوراق بحيث نرى الفاسد يسرح ويمرح ويقول للفاسد انت فاسد وكان الفساد عرف سائد لا بد منه بالرغم من كونه راس البلاء في كل الامور والفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة يغذي احدها الاخر. ولا يوجد من يراجع نفسه حتى ولو احترق

العراق واحرق الجميع معه .لقد كان الشعب العراقي مضرب الامثال كشعب حي مقدام لا ينام على ضيم ويحمل من الثورية الوطنية والكرم وحب التضحية في سبيل المجموع اكثر من كل البلدان المحيطة به.فالنتوقف قليلا لتحليل شخصية الانسان العراقي اضافة لما يصورها الفيلسوف علي الوردي بالازدواجية البدوية الحضرية فالانسان ابن بيئته ونتاجها فمناخ العراق القاسي وكثرة الطاقة الشمسية التي هي مصدر الحياة والغذاء العراقي المملوء بالحيوية والمذاق كل ذلك يجعل الانسان العراقي حديا في تصرفاته وارائه يحب بشدة ويكره بشدة بحيث لايتقبل المختلف عنه او معه بالراي وغيرها بسهولة فيقسو باحكامه لدرجة الاسقاط او النسف وان كان مقربا اليه او معه .ويتحول بسهولة من اقصى اليسار الى اقصى اليمين وبالعكس. اتمنى من الدكتور حيدر العبادي ان يعي المرحلة جيدا ولا ينخدع كما انخدع عبد الكريم قاسم وكذلك المالكي ويتهادن او يتصالح ويتساهل مع عصابات البعث كونها حزب سياسي وخاصة بعد تحالفهم مع داعش وانفضاحهم على المكشوف فلا مكان في العراق لكل من يتعاطف مع حزب البعث والنظام السابق بعد الان كيف يمكن المصالحة مع هؤلاء وهم لا يدينون جرائم البعث ولا فساده ويكابرون لحد الان بحجة( كلنا في الهوى سوى)على الدكتور العبادي ان يعمل على وضع العراق على السكة الصحيحة باصلاح المسيرة ويركز على محاربة الفساد بكل اشكاله وعزل كل المتعاطفين مع النظام السابق فلا غرابة ان تتحالف عصابات البعث مع عصابات داعش لان لهم نفس اساليب الترهيب والاجرام والبطش للسيطرة على الشعب والبعث بهذا التاريخ الاجرامي ومثلما اسلفنا لا يتوانى كعادته عن التحالف مع الشيطان للوصول لماربه الدنيئة والبعثبون غدارون لا يلتزمون باي عهد اوميثاق. فاليتركز غضب وحقد الشعب المقدس على كل المتعاطفين مع النظام السابق الذين ادخلوا ارهاب القاعدة وداعش لانه لامكان لهم في العراق لولا احتظانهم من قبل هؤلاء منذ سقوط النظام ولحد الان بحجة مقاومة المحتل المسلحة التي اجهضت مقاومة المحتل السلمية من قبل جميع الشعب العراقي وخدمت المحتل والصهيونية التي شجعت المقاومة المسلحة.ومثلما لم يوقفوا مقاومتهم بعد خروج المحتل بحجة ان العملية السياسية يجب ان تسقط لانها من صنع المحتل كذلك ممكن ان يستمروا بحجة ان المالكي استبدل بشخص من نفس طينته او حزبه.لانهم تحججوا بشخص المالكي وكانه هو مشكلة العراق.وان دخلوا العملية السياسية فلتخريبها من الداخل.لم يكن هناك اي مبرر لحمل السلاح بوجه الحكومة مهما كانت سيئة لان هناك انتخابات وتداول سلمي للسلطة وليس كما في سوريا وحتى الشرطة المحلية والادارات المحلية المنتخبة ومن اهاليهم رفعوا السلاح بوجههم فهل يعقل ان يحصل هؤلاء على مكاسب نتيجة فعلتهم القذرة هذه؟ وخاصة تحالفهم مع داعش لا يمكن ان تغتفر. ونامل من رئيس مجلس الوزراء الجديد ان يكون اكثر حزما وشدة فبمحاربة الفساد بكل اشكاله وعزل المتعاطفين مع النظام السابق واعوانه لينقطع املهم باستعادة حكمهم الاسود فيتكيفوا مع الوضع الجديد باعتبارهم تربوا على الانتهازية وغير عقائديين.عندها يمكن حل جميع المشاكل لان الشعب سيستعيد وعيه الحقيقي الاصيل وسيحتضن الحكومة ويسندها فلن تتزعزع ابدا خاصة ان عملت بشفافية ونزاهة.ولا باس من احتضان المخدوعين و غير المتعاطفين مع النظام السابق مهما اساءوا بسبب حساسية الوضع الحالي .وعليه ان يعمل على تكريس وتقوية وحدة العراق بالعمل على لامركزية المحافظات وليس الاقاليم.لان الاقاليم لا تحل مشكلة التخندق الطائفي في العراق بل تولد وتاجج الصراعات داخل الاقليم الواحد وبين الاقاليم خاصة في هذه المرحلة من المستوى العالي للفساد وعدم اكتمال مؤسسات الدولة وسيادة القانون والاستقرار.