18 ديسمبر، 2024 9:43 م

لا النظام الرئاسي ولا الدوائر المتعددة يؤديان إلى التغيير

لا النظام الرئاسي ولا الدوائر المتعددة يؤديان إلى التغيير

لتجدد المطالبة بالتحول إلى النظام الرئاسي، لا بد من عودة إلى تناول هذا الموضوع، مشيرا إلى مقالين لي في 22/10 و02/11/2019، الأول بعنوان «مع بيان تظاهرة 25 تشرين الأول»، في الجزء الثالث منه، والثاني بعنوان «مع إعلان الثورة بمطالبه العشرين».

في الأول جاء في مناقشة النقطة التاسعة من البيان المعنونة بـ «التحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي»:

«المطالبة باستبدال النظام النيابي بالنظام الرئاسي راجت في الآونة الأخيرة، بل والمطالبة بها ليست جديدة، وكان أول المطالبين بها، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي كانت دورتاه التي حكم فيهما من أسوأ ما مر به العراق، والذي عرف بنهجه الاستبدادي، وتعارض أفكاره وأدائه السياسي مع مبادئ الديمقراطية. وقد بينت في أكثر من مقالة إن النظام الرئاسي هو الأشد خطورة في سوء استغلاله وممارسة قدر يزيد أو يقل من الديكتاتورية، وضربت أمثلة لأنظمة رئاسية (ديمقراطية شكلا)، ولرؤسائها الذين مارسوا ويمارسون الاستبداد والتفرد، مع التفاوت في الدرجة فيما بينهم، وهم أردوغان، وترامپ، وپوتين، ثم تصورا لو انتخب نوري المالكي رئيسا في إطار نظام رئاسي، أو هادي العامري، أو جمال جعفر آل إبراهيم (أبو مهدي المهندس) [قبل مقتله]. أو حتى لو فاز مرشحكم، فمن هو هذا المرشح الذي تضمنون أنه سيفوز، وإذا فاز لن يستبد؟ هذا الشعار هو من أخطر الشعارات، ولو إنه طرح بحسن نية، بل لو تحقق لترحمتكم بعد ذلك على فترة ما قبل التحول إلى النظام الرئاسي.»

وفي المقال الثاني المشار إليه جاء الآتي في النقطة (13):

«تحفظي على العودة إلى النظام الرئاسي بدل البرلماني، والمركزي بدل الفيدرالي، معروف، لأن كلا من النظام الرئاسي والدولة المركزية يختزنان خطر الاستبداد، ولكن إذا كان النظام الرئاسي يمثل إرادة أكثرية الشعب العراقي، فعلينا احترامها، وقد كتبت مقالة في 15/10/2019 بعنوان «شروط التحول إلى النظام الرئاسي»، راجيا من ثوار تشرين الأول الاطلاع عليها. وربما جعل هذا المطلب في المرتبة الثالثة عشر في البيان، وليس ضمن المطالب الأولى، يدل على أنه ليس بالضرورة من الثوابت، خاصة إذا قدم حل يعالج الأسباب التي دعت لتبني هذا المطلب. وكما مر إذا مثّل هذا في النهاية إرادة أكثرية الشعب العراقي، فلا بد من احترام هذه الإرادة.»

ولتجدد هذا المطلب في الآونة الأخيرة، أقول: طبعا من حق أي مواطن/مواطنة، أو أي مجموعة، المطالبة بمثل هذا، والترويج لمطلبها، والموضوع قابل رغم تحفظنا عليه للمناقشة، لكننا لحد الآن نتحفظ على التحول إلى النظام الرئاسي، لسببين، الأول كون هذا النظام يختزن خطورة التفرد، وممارسة قدر من الاستبداد، بسبب الصلاحيات الواسعة للرئيس في النظام الرئاسي، خاصة في مجتمعنا، حيث نزعة الاستبداد متأصلة، خاصة لدى نسبة كبيرة من الرجال، والسبب الثاني، من خلال تجربتنا مع القوى الديمقراطية المدنية، ومنذ ثورة تشرين مع شباب الثورة، وصعوبة بلورة قيادة، يخشى ألا يجري الاتفاق على مرشح واحد لنا، ومن هنا سيتعدد المترشحون لرئاسة الجمهورية، وتتشتت الأصوات، وبالتالي تكون ربما هناك فرص للقوى التي قامت الثورة أصلا ضدها بفوز مرشحها.

عملية التغيير الذي نتطلع إلى إحداثه، لا تكون بالضرورة بأن يكون لدينا نظام رئاسي، ولا بجعل الانتخابات باعتماد الدوائر الصغيرة بالضرورة. والتغيير لن يحصل بتقدير معظم المتابعين في الانتخابات القادمة بكل ما نتطلع إليه، بل بإمكاننا إذا نظمنا صفوفنا، ونسقنا فيما بيننا، وترشح الكثير من نشطاء ثورة تشرين المتمتعين بثقة الثوار ترشيحا فرديا، أن نجعل نسبة نوابنا بعد الانتخابات القادمة من 50 إلى 70%، وبالتالي سيسد الطريق أمام عودة القوى السياسية السيئة والمرفوضة من أكثرية الشعب العراقي إلى مراكز القرار.

أما التغيير الكبير والجذري، فيعول بإحداثه على انتخابات 2025 أو 2026، بحسب تاريخ إجراء الانتخابات القادمة، ما بين ما أعلنه رئيس مجلس الورزاء والموعد الدستوري، في حال أكمل مجلس النواب دورته الحالية، فتكون الانتخابات في 20/07/2022، لأن الجلسة الأولى لمجلس النواب الحالي كانت في 03/09/2018، فتكون نهاية الأربع سنوات في 02/09/2022، وبما أن الانتخابات التالية يجب أن تجرى بـ 45 قبل ذلك، يكون موعدها في 20/07/2022.

ثم هناك قضيتان يجب الفصل بينهما، وهي الحاجة إلى تنظيم أنفسنا في كيانات سياسية علمانية أو مدنية أو وطنية، هدفها الإصلاح الجذري للعملية السياسية، وقضية الانتخابات. بالنسبة للقضية الأولى نتمنى ألا تكون من أجل الانتخابات، بل لتشخيص حاجة حقيقية لكيان سياسي أو كيانات سياسية، تكون بديلة للطبقة السياسة لما بعد 2003، تخوض الانتخابات في 2025/2026، أما الانتخابات القادمة، فيفضل لشباب الانتفاضة من النشطاء والواعين أن يرشحوا ترشيحا فرديا، إلا من كان منهم منتميا إلى حزب قائم يرشح من خلال قائمته.

وبتأسيس الكيانات السياسية حاليا، يجب على المؤسسين أن يضعوا في هدفهم الاندماج مستقبلا بين الكيانات المتعددة، وإذا استطاعت هذه المشاريع، أو أكثرها، التحاور من أجل اندماج بعضها مع البعض الآخر من الآن، يكون هو الأفضل، كي لا تهدر الأموال، فيضطر كل كيان سياسي أن يدفع 34 مليون دينار عند التأسيس، علاوة على المصاريف الأخرى، من قبيل توفير مقرات لكل كيان سياسي، وتأسيس منابر إعلامية له، وإلى غير ذلك، علاوة على ما سيؤدي ذلك من تشتيت للجهود. وهذا يحتاج إلى إيثار من أجل العراق، فإن من يكون صاحب مبادرة لتأسيس كيان سياسي، ويحتمل أنه سينتخب لقيادة هذا الكيان، من المحتمل ألا يؤدي توحيد المبادرات إلى اختياره لقيادة الكيان الموحد، ومن هنا لا بد أن نتحلى بالإيثار والابتعاد عن الطموحات القيادية، حتى لو كان أحدنا متيقنا من المؤهلات في نفسه لذلك، خاصة إذا اعتمدنا في الكيان السياسي الموحد بضمان في نظامه الداخلي، بألا يبقى صاحب الموقع الأول لأكثر من دورتين متعاقبتين، وذلك لعدد زوجي من الدورات الانتخابية للكيان السياسي، وجعلها أربع أو ست أو ثماني دورات، بعدها يلغى هذا الشرط، بعدما تتجذر التقاليد الديمقراطية داخل الكيان السياسي المنشود