23 ديسمبر، 2024 4:01 م

لا اصلاح يرتجى من دولة المكونات

لا اصلاح يرتجى من دولة المكونات

حين خير رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مجلس النواب بالموافقة كلا او جزءاً على المرشحين الذين قدمهم لشغل المناصب الوزارية في حكومة التكنوقراط، وابدى استعداده لتقديم اسماء جديدة فتح  الباب للتراجع عن مشروعه الاصلاحي الذي اراد ان يكون التغيير الشامل لوزرائه بدايته.
وفعلا سرعان ما اعلنت الكتل عن رفض الكابينة والاسلوب الذي قدمت به وتعاملت معها بطرق لم تطرقها في الوزارات السابقة ، واشفعت بعض الكتل بطرح مشاريع ومبادرات وهددت بانها لن تشارك في الحكومة  ما لم يبحث ما تم طرحه والعودة عن النهج الذي اختطه العبادي من دون التشاور معها .
 واضطر رئيس الوزراء المهدد بالاقالة من منصبه الى مساومة او في الحقيقة العودة الى مادرج عليه في تأليف الحكومات منذ التغيير بان ترشح الكتل للوزارات التي ستعهد اليها ثلاثة مرشحين يختار منهم العبادي الانسب لفريقه، أي ان الاصلاح اصبح في خبر كان، وعادت حليمة الى عادتها القديمة بعد ان تم التخلص من ضغط الاعتصام امام المنطقة الخضراء وضعف التواجد في ساحات التظاهر جراء ارتداد التيار الصدري عما التزم به ، حتى اننا لم نسمع شيئاً  عن التطمينات التي وعد بها العبادي السيد مقتدى الصدر. لقد استردت الاحزاب المشاركة في الحكومة والمقتسمة للسلطة قوتها، وانتقلت الى مواقع الهجوم، فهي تعرف انه لا يمكن اعادة زخم الحراك الجماهيري الى ما كان عليه حتى وان امر بذلك قادته والمؤثرين فيه، فمثل هذا الحراك ليس هناك من خطر عليه مثلما هو التلاعب به الذي يولد الاحباط والخيبة والخذلان. الواقع انه لا اصلاح في البلاد للحكومة ومؤسساتها والعملية السياسية من خلال نظام تسيطر وتتحكم فيه المحاصصة وتتقاسم السلطة  فيه افقياً وعمودياً على الاساس الطائفي.
ان الاوضاع الراهنة لن تفضي الى الاستقرار والخروج من الازمات التي تتناسل وتتكاثر ما لم يتم تغيير البناء السياسي والخلاص من حكومة ودولة المكونات والمحاصصة، وبهذه الآليات والادوات والعناصر ندور في حلقة مفرغة قد تغير من الشكل الا ان الجوهر المريض يبقى على حاله، ينتج الازمات ويعيق تطور البلاد وبناء دولته الحديثة دولة المؤسسات والمواطنة لذلك ستبقى الكتل تعيد انتاج خيار المحاصصة ما لم تغادر مواقعها ومواقفها .
ان الاجراء الجدي الذي يلقى استحساناً من الناس ويعطيهم املا في اصلاح احوالهم هو اجراء انتخابات جديدة قبل اوانها، وقبل ذلك وتشكيل حكومة انقاذ وطني لمدة عام واحد تعمل على تهيئة الظروف المناسبة لذلك بحل البرلمان وايقاف العمل بالدستور وقانون للانتخابات وتشكيل مفوضية مستقلة بحق وحقيقة والاطاحة بكبار الفاسدين وتقديم من اثبتت التحقيقات مسؤوليتهم عما جرى في البلاد الى القضاء العادل والذي ينبغي ان يطهر اولاً وتعاد النظر في توزيع المسؤوليات ليكسب القضاء ثقة الشعب مجدداً ويكون حكماً وفيصلا لا غبار عليه. 11-04-2016