19 ديسمبر، 2024 11:14 م

لا ازمة في الخليج ! أزماتٌ تتداخلُ مع ازماتٍ !

لا ازمة في الخليج ! أزماتٌ تتداخلُ مع ازماتٍ !

يمكن القول او الإفتراض من اكثر من زاوية و عِبرَ اكثر من نافذة أنّ انسحاب الأدارة الأمريكية من الأتفاق النووي مع طهران ” ضمن 5 + 1 ” قد يغدو البذرة الأولى للأزمة الحالية القائمة في الخليج , رغم ما يسبقه من معضلاتٍ سياسية ساخنة , كما يمكن الأفتراض أنّ ذلك الأنسحاب الأمريكي ” بغضّ النظر عن المصالح والحسابات الستراتيجية الأمريكية البعيدة المدى ” فكانَ بالإمكان بقاؤه او الإبقاء عليه كأحدى المشاكل الكبرى المحصورة بين دولتين فقط ” ايران و واشنطن ” وبقدرٍ آخرٍ مع الدول التي وقّعت على الأتفاق , لكنّ ردود الأفعال الأيرانية منذ بدء تلك الأزمة والى غاية اليوم فهي أزمةٌ اخرى وبحرارةٍ مرتفعة إمتدّت اشعاعاتها الى دول الخليج وتوسّعت على النطاق الدولي – النفطي .

منْ جانبٍ آخر , فليس معقولاً أنْ تتعرّض دولة السعودية الى قصف مطاراتها ومنشآتها النفطية ومدنها بصواريخ الحوثيين بنحوٍ يوميّ وفي ظلّ صمت المجتمع الدولي < ولسنا بصدد الخوض او الغوص عمّن يدعم الحوثيين ويزودهم بالصواريخ والطائرات المسيّرة والأموال , وفي ذات الوقت فلا نتبنّى هنا موقفاً دفاعياً عن السعودية التي لعبت دوراً ستراتيجياً للغاية في حرب عام 1991 وحرب احتلال العراق في سنة 2003 > , ونلاحظ هنا الموقف اللّين والخجول لإدارة ترامب ” من الناحية العسكرية ” في مساعدة السعوديين في القضاء وانهاء القصف الحوثي وتعريض المملكة لهذا الخطر الجاثم , بينما تدرك القيادة السعودية والعالم بأجمعه مدى استفادة الأمريكان مما يحدث في تصريف الباتريوت ومتطلباته والمستلزمات التقنية لطائرات سلاح الجو السعودي , وغير ذلك كذلك .

الأزمة الأخرى غير المنفصلة عن الموقف الأمريكي المشبوه ” والذي تضطرّ معظم العرب للتمسك به حيث لا خيار سواه ! ” , هو الدعم الأمريكي الصامت لإمارة قطر وانشقاقها عن دول الخليج او مجلس التعاون الخليجي , والذي قادَ الى انحيازها الى ايران والى إدخال قوات تركية الى هذه الجزيرة , بالرغم من تصريحاتٍ رسمية متكررة من الرئيس ترامب واركان ادارته بأتهام قطر بضلوعها العميق في دعم قوى الأرهاب وحركة الأخوان المسلمين المشبوهة ودورها البارز في زعزعة الأمن والأستقرار في معظم الدول العربية , بينما لا تشكّل هذه الجزيرة مساحة قرية في الولايات المتحدة , وما اسهل على الأدارة الأمريكية أن ترغم قطر على تغيير سياستها بِ 180 درجة , ولا علاقة بقاعدة ” العْديد ” الأمريكية – الجوية في قطر , فقيادة الأسطول الأمريكي الخامس مقرّها في البحرين , ولها مستودعات عسكرية وقوات في الكويت , وكل دول الخليج مفتوحة على مصراعيها أمام الأمريكان .

وايضاً , ما جرى من احتجاز ناقلات نفطٍ بريطانية وايرانية وما قد يُعرّض لإحتجاز سفنٍ تجاريةٍ وناقلاتٍ أخريات لدولٍ اخرى هو بحدّ ذاته ازمةٌ اخرى غير منفصلة عن شقيقاتها من الأزمات .!

موقف الدول الأوربية المتشتت والمتأرجح من الوضع الراهن – الساخن في الخليج يعتبر أزمةٌ اضافية تساعد على التأزيم اكثر فأكثر او تقلل من فرص تبنّي موقفٍ اوربيّ واحد , بل أنّ مئات السفن التجارية والنفطية لدول اوربا التي تمخر مياه الخليج والمعرّضة الى ما لا يُحمد عقباه ! وفق ما جرى من مجرياتٍ , فأنّ بعض هذه الدول ترفض مشاركة قواتها البحرية في حماية الناقلات وسواها في مضيق هرمز والخليج وفي بحر عمان ” المانيا أنموذجاً ” واحداً فقط .! , كما أنّ عموم الموقف الأوربي ليس مستقراً بعد وقابل للمتغيرات .

ثُمَّ , وبغضّ النظر عن انهماك المقاتلات والقاذفات السعودية في دكّ مواقع الحوثيين لمحاولة إبعاد الخطر عن حدودهم وعن داخل حدودهم ” والتي لم تعد تجدي نفعاً ” بقدر ما أن لا خيار للسعودية بأدامة وتعزيز الضربات الجوية , فبعيداً عن كلّ ذلك , فالحرب الأهلية داخل اليمن < حيث كانت تسمى هذه الدولة فيما مضى بِ ” اليمن السعيد ” > فهنالك كوارث انسانية عظمى تسود الشعب اليمني صحياً وغذائياً واجتماعيا ” ولا مكان لنقول ثقافياً ! ” وتفرز عنها آلافٌ مؤلفة من الجرحى والأسرى والمرضى والمخطوفين والمهجرين ” ودون أن تهتز أيّ من رموش دول اوربا في ميدان حقوق الأنسان , ولا نتعرّض هنا لرموش حكّام العرب ومع الأعتبار لتخلخل الوضع الأمني والسيادي والسياسي لمعظم الأقطار العربية .

هنالك شبه إجماع أنّ الأوضاع المتأزمة في منطقة الخليج قد تبقى معلّقة ” دون استبعاد لرفع درجة التوتر فيها ” الى غاية الأنتخابات الأمريكية المقبلة , لكنما لا ضمانات أن يأتي رئيسٌ امريكيّ جديد ” اذا ما فشل ترامب ” ليعيد الأوضاع الى الأتفاق النووي السابق في عهد باراك اوباما ويقوم بتسليم راية النصر الى ايران بعدما تمرّغت سمعة الولايات المتحدة في الوحل .! , ودون أن نتطرق الى المصالح الأقتصادية للمصانع الحربية الأمريكية وقوى الضغط وكبريات الشركات الأمريكية وما يتبع ذلك .!

في إستقراءٍ خاصّ في ” الإعلام ” عن كثبٍ وعن بُعد , فحسم الأزمة القائمة في الخليج وما يحيطها من أزمات , فليس مستبعداً جداً بلوغ مرحلة استخدام السلاح النووي في وقتٍ لاحق , وحتى عبرَ القنابل النووية التكتيكية بأعدادٍ كبيرة , وقد لا يغدو هذا الإستقراء دقيقاً بنسبة100 % 100 .. !

أحدث المقالات

أحدث المقالات