في مسعى ( ايجابي ) للمنع وللحد من تعاطي المخدراتالتي انتشرت تجارتها في العراق بعد ( التحرير ) ، قامتوزارة الداخلية بوضع شرطا لتجديد او منح إجازة قيادةالمركبات وذلك بثبوت السلامة من تعاطي المخدرات بفحصطبي تجريه الجهات الصحية ذات الاختصاص ، ليضافذلك إلى الشروط الواجبة بخصوص إجازة ( السوق ) ، ومثلهذه الإجراءات يبارك بها وتشجعها الغالبية وربما الجميع ،فالجمهور العراقي معروف بتوجهاته التي تقف بالضد منالمخدرات والمؤثرات العقلية صناعة وتجارة وتعاطي ، إدراكامن الجميع لأخطار وانعكاسات هذه الممارسات الدخيلة علىحاضر ومستقبل البلاد .
وحين نشر خبر إضافة هذا الشرط لمتطلبات منح وتجديدإجازة السوق استقبله الجمهور بارتياح عدا التحفظ علىبعض النقاط ، ومنها ان لا يضيف هذا الإجراء تعقيدا فيانجاز المعاملات وان لا يحدث اعباءا مالية و إن لا يتماختراقه لمنافع محددة او إن يجير لمصلحة هذه الجهة او تلكاو ان يخترقه الفاسدون وضعاف النفوس ، والبعض طمأنإلى إمكانية استيفاء هذا الفحص بيسر لكون انجازه يتم منقبل اللجان الطبية المتواجدة في قواطع المرور والتي تتولىمنح الشهادة الطبية لفحص النظر وغيره وبذلك ساد نوعامن الاطمئنان ، ولكن المفاجئ في الموضوع هو البيان الذيأعلن فيه عن نقل لجان الفحص الطبي للمتقدمين للحصولعلى إجازة السياقة او تجديدها من مواقع المرور إلى بعضمراكز وزارة الصحة ، وبذلك يجعل التقديم الكترونيا عبر ( منصة أور ) والمراجعة حصرا لبعض المراكز الصحية فيبغداد وهي : صباحا في المركز الصحي ( فخري آل الدينجمال في شارع النضال ) ، صباحا ومساءا في العياداتالطبية الشعبية في ( مدينة الصدر ساحة ٥٥ ، الصليخ ،الإسكان مقابل كلية المأمون ، إسماعيل ناجي في منطقةالعلاوي ) ، والسؤال الذي اخذ يردده البعض ، لماذا هذاالتعقيد في جعل التقديم الكترونيا فهل الغرض الحصولعلى شهادة الدكتوراه أم شهادة الفحص الطبي ؟ ، ولماذايحصر الفحص في بغداد المعروفة بعدد سكانها الكبيروانتشارها الواسع مترامي الأطراف بخمسة أماكن تقع فيمناطق وإحياء فرعية او منزوية وربما لم نسمع بها و منالصعب الاستدلال عليها لإجراء فحص طبي اضيف ليحميولا يزعج الجميع ؟ ، ولماذا تم حصر ذلك في العيادات الطبيةالشعبية ؟ ، فهل الغرض تشغيلها لأنها شبه عاطلة عنالعمل واغلب مهامها تتعلق بتوزيع أدوية الأمراض المزمنة ؟، وهل تتوافر الإمكانيات الحقيقية في هذه المراكز ( المتواضعة ) لإجراء فحوصات لملايين البغداديين دون تأخيروعناء ؟! .
ويبدو إن الانشغال بنقل مواقع الفحص قد جنب المرورالعامة الجهد في الإجابة عن بعض التساؤلات حول ذاتالموضوع عن جدوى وايجابية وضع السلامة من المخدراتلحامل إجازة السوق ، فمن المنطق والمعقول أن يكون غيرالمتعاطين والسالمين هم المراجعين لتاكدهم من توفر الشروط ،أما الفئة المستهدفة فستكون حرة وطليقة في الشوارعالداخلية والخارجية في ممارسة السياقة ، فالعقوبة عن عدمحمل او انتهاء إجازة السوق غالبا ما تكون الغرامة اوالحجز لبعض الحالات ، ولان الحجز هو تقييد للحريةويتعارض مع بنود حقوق الإنسان فانه يحتاج لإثبات ، ولانالرقابة على استخدام المركبات من قبل حاملي إجازة السوقالصحيحة من عدمه لا يمكن أن يكون شاملا و في كلالأوقات والطرقات ، فمن الأنفع تزويد الدوريات المروريةبأجهزة فحص متخصصة للكشف الأولي عن تعاطيالمخدرات ، وتلك مسالة تطبقها الدول منذ عقود بخصوصفحص المسكرات ، ونقول نحن جميعا مع أية طرق وأساليبلحماية المجتمع من الآثار المضرة وأبرزها المخدرات ، ولكنذلك يجب أن لا يفتح بوابات للفساد وإتعاب الأفراد ،واضطرار الأصحاء لدفع رسوم ومبالغ والبحث طويلا عنمواقع مراكز الفحص او الانتظار لوقت طويل لإثبات عدموجود غير الموجود ، فربما سيكون لهذا الإجراء انعكاسمعاكس في العزوف او التقاعس عن تجديد والحصول علىإجازة السوق للمتعاطين وغيرهم الأبرياء من هذا الابتلاء .