18 ديسمبر، 2024 8:08 م

لا أعتقد أنكم جاهزون لها!

لا أعتقد أنكم جاهزون لها!

قال سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز:” خلق الإنسان هلوعاً، إذا مسه الشر جزوعاً، وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلين” وسئل الإمام علي (عليه السلام) كيف تخشع في صلاتك؟ قال:(أتخيل الكعبة أمامي، والصراط تحتي، والجنة عن يميني، والنار عن شمالي، وملك الموت من ورائي، ورسول الله يتأمل صلاتي)، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :(عرج بالنبي مائة وعشرين مرة، وما من مرة إلا وقد أوصى الله النبي، وعلي والأئمة المعصومين عليهم السلام أجمعين، أكثر مما وصاهم بالفرائض).

العبقرية قد تكون إلهاماً، أما الصلاة والصبر فهما البوابة للتواصل مع الخالق عز وجل، لكن ما يوجعنا هذه الأيام، أن لقاءاتنا مع الله في الصلاة مليئة بالبشر، بينما لقاءاتنا مع البشر تخلو من ذكر الله، ورغم ذلك تتزايد شكاوى الناس من قلة الرزق والتوفيق، وفساد الرأي، وقسوة القلب، وإختفاء الحق، ومنع إجابة الدعاء، وحرمان العلم، وإضاعة الوقت، ولباس الذل، والوحشة بين العبد وربه، ونفرة الخلق، فاليوم قد نصلي مع بعض، وغداً نصلي على بعض، فهلا تفقهون؟!

أوصى الإمام علي إبنه الحسن(عليهما السلام):(أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، ثم قال:الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم)، وقد ترافقك كل الأشياء لفترات معينة بحياتك، أما الصلاة فإنها ترافقك عند حياتك وبعد مماتك، فهي أول شيء تسأل عنه، وتذكر أن سجدات الفجر، تسقط هموماً تراكمت وتريح قلوباً تضجرت، وعندما تستيقظ بين(2و3 فجراً)فتأكد من أنك في عناية الله، فصلاة الفجر جنة الدنيا وسعادتها، وربك ينادي:هل من مستغفر فأغفر له، وهل من داعٍ فيدعوني فأستجيب له).

يتعرض جيل هذه الأيام الى ضغوط كثيرة وكبيرة، والحقيقة أن أذناب الشياطين على الأرض، برعوا في تعليمهم كيفية إضاعة الوقت وهدره، لدرجة أن معظم شبابنا مكره على الصلاة، مع أنه من المفترض أن يفهم معنى الآية الكريمة:”لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد”،وعلى الوالدين أن يفقهوا الفرق، بين مَنْ يرعى أبناؤه ومَنْ يريبهم، فالأول يوفر المأكل والمشرب والملبس، والثاني يبني القيم والأخلاق والقناعات، ومعايير الحلال والحرام، والحق والباطل، والخطأ والصواب، وهنا نحتاج الى وجود القدوة.

الحرية الحقيقية هي توحيد البارئ (عز وجل)، من جميع العبوديات الأخرى، التي يختلقها الإنسان لنفسه، والتحرر من الشهوات، وهذا ما يريد الأعداء عدم غرسه في عقول الناشئة، والتوغل في ملذات النفس الأمارة بالسوء، فأغرقوا حياتنا بالمغريات بدعوى الحضارة والحداثة، وأستغلوهم أيما إستغلال، والمصيبة أن أبناءنا لا يدركون مواطن قوتهم، في التمسك بكتاب الله وعترته الأطهار، بل جعلوهم يقررون لنا إسلاماً غير الإسلام الحقيقي، ليبتعدوا شيئاً فشيئاً عن دين محمد وآل محمد، ألا لعنة الله على الظالمين.

قد لا أكون مثالية فلست أدعي الكمال، ولكن على الأقل لست مزيفة، فما دمت أمشي مستقيمة، فلا يهمني إن ظهر ظلي للناس أعوجاً، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون، فلا تأخذكم وسائل العصر الزائفة عن الصلاة والقرآن، لأن القلب لا يسعده شيء إلا التزود الروحي، ولا تقطع صلاتك لأنها حبل النجاة، لتكون من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإعلم جيداً أنه لو إنطفأت كل الأنوار، فإعلم أن هناك مصباح لا ينطفئ حتى تموت، إنه مصباح التوبة، فهل أنتم جاهزون لإعادة النظر في صلاتكم؟.