عبر تاريخهم الطويل نادرا ما نعم الكورد بفترة سلام واستقرار، ولم يستطيعوا أبدا أن يجدوا حلفاء مخلصين. فقد كانوا على الدوام ضحايا انقساماتهم على أنفسهم، وأيضا ضحايا لتنافس القوى الخارجية والمجاورة.
هذه العبارات قرأتها في كتاب ( لا اصدقاء سوى الجبال) للمؤلفَين -هارفي موريس و جون لوج-. استوقفتني هذه الكلمات كثيرا، انها الحقيقة المرة، دائما ما كان الكورد ضحايا لانقساماتهم و ضحايا القوة المجاورة، و بعد قرن من النضال القومي، لا زال الكورد يبحثون عن حليف مخلص، و لا أظننا قد وجدناه بعد.
في أقل من ربع قرن ( ما بين الأعوام 1990 -2014) سنحت للكورد ثلاثة فرص تاريخية لتحقيق الحلم المنشود، مرة عام 1991 و مرة عام 2003، و المرة الأخيرة هي الآن .
في المرتين الأولى و الثانية ضيع الكورد الفرصة، نعم ضيعوا الفرصة، لن أقتنع ابدا و لن يقتنع الكورد ابدا بحكم ذاتي و لا بفدرالية و لا بأي شئ أقل من الدولة الكردية.
الآن نحن نعيش الفرصة التاريخية الثالثة، و أنا الآنسان الكوردي البسيط أسال نفسي في اليوم مئة مرة : هل ضاعت هذه الفرصة ايضا؟ هل كنا مرة أخرى ضحية تنافس القوى المجاورة و ضحية انقسامنا الداخلي ( مع العلم أن الكورد لم يكونوا متحدين يوما من الأيام مثل يومنا هذا) ؟ هل علينا أن ننتظر ربع قرن آخر و جيلا آخر عسى أن يتحقق الحلم؟ هل سأموت و أنا لا أحمل جواز سفر كوردستان في جيبي ؟
ثم أعود و أسأل نفسي: و لماذا لا يكون العكس و أننا سائرون على الدرب الصحيح خطوة بخطوة، بسرعة لكن بدون تسرع؟ ألم يكن الجيل الذي قبلنا ثوارا في الجبال و كنا نحن مواطنين عراقيين في منطقة حكم ذاتي كوردي ثم في اقليم كوردستان الفدرالي و لم نتراجع إلى الوراء بل نمشي و إن كان الهوينة إلى الأمام و عسانا أنا نكون في القريب العاجل مواطنين كوردستانين لا نرى في أرضنا غير علمنا و لا نسمع نشيدا غير نشيدنا و لا نحمل جواز سفر دولة لا نشعر بالأنتماء لها؟
تسارع الأحداث حولنا جعلنا لا نفهم ما يحدث، جيش مليوني انهار في ساعات، بضعة مرتزقة وارهابين يسيطرون على مساحة شاسعة من العراق و يعلنون دولة و فجأة نرى أن لنا حدودا طولها 1050 كم مع هذا الكيان الأرهابي. المناطق المستقطعة من كوردستان والتي حاول الكورد حلَّ النزاع عليها بالطرق القانونية والدستورية رأيناها بين ليلة و ضحاها عادت إلى حضن كوردستان، فجأة الكل يتحدث عن اعلان الاستقلال، دول تعلن دعمها لنا و نحن لم ننطق بكلمة بعد، و دول أخرى تعلن
رفضها لنا و نحن لم ننطق بكلمة بعد، و فجأة اصبحنا الخائنين في العراق و المتآمرين و من عمل على انهيار الجيش العراقي، كيف و لماذا؟ لا نعلم، نعلم فقط اننا متهمون.
مننّا أنفسنا أن دولة كوردستان باتت قابل قوسين أو أدنى، و فجأة وجدنا أنفسنا نشدُّ الحقائب إلى بغداد لنساهم في تشكيل الحكومة الأتحادية الجديدة.
لقد تاه المواطن الكوردي البسيط أنا في خضم هذه الأحداث و لم أعد أقوى على الفهم، و لم أعد أدري هل ضاع حلمي مرة أخرى أم أصبح أقرب من اي وقت مضى و هل سنحضى بصحبةِ خيرٍ أم سنبقى بلا اصدقاء سوى الجبال ؟
*gmail.com @ Alihussein986