18 ديسمبر، 2024 3:43 م

لا أزمات في العراق، كل شيء مفتعل

لا أزمات في العراق، كل شيء مفتعل

بدلًا من إطفاء الحرائق الناشبة يتم اختلاق أُخريات في مكانٍ ما من أجل إن يغض الناس اشتعالهم، وهكذا دواليك مستمرة.

المتابع للشأن العراقي يدرك فداحة ماتقوم به الحكومات المتعاقبة فيما يخص تعاملها مع مايستجد من مشكلات إذا قد لايصح تسمية مانعانيه بالأزمة، فمنهجيًا أميل لتشارلز هيرمان فيما يخص تناوله هذا المفهوم الذي أشترط فيه عنصر  المفاجأة ، وهذا متأتي بطبيعة الحال من انتمائه لمدرسة صنع القرار كمجموعة فكرية من عدة مجاميع أخرى تعنى بتناولها هذا المفهوم أي لجانب مدرسة النظم وبحوث السلام،
وهذا مانجده أيضًا لدى هولستي حينما عرفها بأنها مرحلة من مراحل الصراع المفضي لنتائج شاملة غير متوقعة.

ومن خلال التدقيق في معظم ما مر على البلاد خصوصًا في آخر ثلاث سنوات نجد إن تسمية الأزمة غير صحيح وهو تشخيص خاطئ، فكل ماحصل هو مفتعل من خلال أقطاب السلطة في عملية كر وفر بينها للتلاعب بصيغ نفوذ كل  منها وأيضًا ينسحب الأمر لصالح داعميها من الخارج ولم تتوانى في ذلك من استخدام الشارع وتدخله في هذه المعادلة كأداة لا حول ولاواقع لها سوى وهم الشعار.

فمشكلة السلطة في العراق هو ضياع هويتها المركزية وتشتتها بين جزئيات متصالحة على بنية النظام ومتصارعة على المساحة التي تشغلها، وفي خضم هذه العملية تجري هذه الافتعالات فلا يمكن بأي حال من الأحوال تسمية مانعانيه  بالأزمة لا لأنها فقدت عنصر المفاجأة فحسب بل تعدى ذلك  لكونها منشأة من صناع القرار ذاتهم.

لذلك نحن نعيش في دوامة افتعالات متتالية تتلاعب باهتمامات الناس لكي تغض مداركهم عما يفلت من زمام المفتعلين هنا وهناك، وهذا مايمكن التأكد منه في الأشهر الأخيرة، ولا احبذ ذكر الأمثلة لإنه بات من الواجب على كل ذي مسؤولية ثقافية إن يرمم الذاكرة المجتمعية لما تعانيه من زهايمر يفضي بها لتكرار اللدغ من ذات الجحر، ولكي نتمكن من تحقيق هذه النقطة علينا في البدء ضرب  الاتكالية الذميمة  التي باتت تشكل مطب جوهري عميق في كل المجالات، وذلك من خلال الحث على البحث والتقصي عن مايتلقاه المجتمع من أمور سوى كانت طروحات إعلامية أو قضايا مفتعلة تصبح بقدرة البيجات الإلكترونية أمرًا عامًا وجعله جزء من ثقافة راسخة، ومن هنا تتشكل نواة ضرورية لمجابهة هذا الأداة السلطوية في الافتعال بل وستتعدى لكي تكون بذرة إصلاحية حقيقية.