18 ديسمبر، 2024 10:07 م

لا أبكِ علياً وأبكيه

لا أبكِ علياً وأبكيه

تمر علينا نحن المنتمين الى مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مع كل رمضان ذكرى مؤلمة هي اغتيال الامام علي ابن أبي طالب التي لها خصوصية راسخة عند المنتمين لهذه المدرسة كونهم أصلاً مرتبطين بهذا الامام ارتباطاً وجودياً حتى تسميتهم مرتبطة به فهم شيعة علي ، ويكون تعبير الشيعة عن هذه الذكرى المأساوية بالحزن والبكاء وبشتى الاشكال التي يبدع بها الشيعة في أبراز حزنهم على هذا المصاب الجلل وكأنهم يعيشون لحظة ضرب الامام وأغتياله بمشاعر جياشة قدرها بقدر حبهم لهذا الانسان الذي يرون فيه منتهى الكمال البشري بعد النبي ص ، ولكن لماذا أبكي علياً ألأنه مات ؟ الموت أمر طبيعي للإنسان فلا يوجد أنسان خالد لا يموت في هذه الحياة الدنيا ومن لم يمت بالسيف مات بغيره والله عز وجل يقول للنبي (ص) (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)وهم من نروي عنهم إن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ،والموت عندهم فرح وسرور فهو أنتقال من الحياة الدنيا المليئة بكل شانئة وسيئة الى الحياة الخالدة بجوار رب كريم فلا ينالهم كد أو كبد أو ضيم في جنان الخلد وأي سعادة بعد هذا وهم في أعلى مراتب العليين ! اذن نحن لانبك علياً لأنه مات أنما نبكي أنفسنا بفقدنا هذا الانسان الذي عشقناه بقدر توقنا وشوقنا للعدالة الالهية وأحسن جرداق عندما سمى كتابه الذي يتكلم عن علي فيه بصوت العدالة الانسانية فعلي كان عدالة الله في الارض ، وأعتقد أن سبب هذا الخلود هو كون علياً عند محبيه ليس أنساناً وأنما هو منهج ورسالة وهذا الأنتقال من الشخصنة الى المنهجية لا يقتصر على علي فقط وانما يشمل العديد من الشخصيات على مر التاريخ وأبرز هؤلاء هم الانبياء والصالحين الذين ما كان كتاب الله القران الكريم الا كتاب يمنهج سيرتهم وهو قريب الى مصطلح النمذجة في العصر الحديث فاذا سلمنا بأن الامام علي منهج ونموذج وقدوة يكون حياته ومماته مرتبط بحياة هذا المنهج أو موته والنهج يحيى بالتطبيق على الارض ويموت عند تركه والتخلف عنه ويكبر ويقوى ويصبح فتياً بأتساع حامليه ومنفذيه ويذوي ويهرم ويمرض ويشيخ إن ترك وأهمل ونسي وقل حاملوه واليوم ونحن نعيش في بلد علي الذي يغلب ساكنيه من يدعون حبه وأحياء منهجه ويقتدون بسيرته وبعد أن تخلصوا من الطغاة وحكام الجور هل أقتبسوا من نور علي ما ينير لهم دربهم وهل طبقوا من نهج علي ما يصدق عليهم أنتسابهم له ؟ لن يحتاج الجواب الى كثير مشقة فالواقع كفيل بالإجابة التي لا تقبل الالتواء في كشف الفشل الكبير الذي نالنا ممن تصدوا للمسؤولية وهم يحملون أسم علي ولا يحملون منهجه ولهذا كان الضرر على أسم علي كبير لا بل نال الضرر الاسلام كله فاليوم أرتبط لفظ الفساد بالإسلام من جراء هذه المسميات الخاوية من المحتوى والالقاب العلوية الخالية من المنهجية بل أنهم لم يأخذوا من علي الا أسمه ورسمه وظنوا أنهم بهذا التسمي نالوا الحظوة عند علي ولكنهم ساروا بمنهج معاوية وهم اليه أقرب فالجدير بالبكاء اليوم هو منهج علي فهو مصاب اليوم بالشلل والهرم والموت السريري فأبكوه بقدر ما تحمل عيونكم من دموع وما تحمل صدوركم من أهات ولوعات فقد كانت ضربة لا تقل ألماً عن ضربة أبن ملجم وجرحها سيبقى ينزف حتى نضمده بوعينا الاسلامي الحقيقي .