بما أن السلام یحمل في طیاته معانٍ إنسانیة عالیة، إلا أن الوصول الیه یحتاج الی عمل دؤوب و إيمان بقيم إنسانية راسخة و قرارات شجاعة مع وجود إرادة قوية و مستقلة لتحقيقه.
نادراً ما نری أطراف تقود الحروب تعتذر للشعوب أو تعمل علی معالجة و بحث القضايا المسببة لنشوب نيرانها عندما يتم فرض السلام.
وللأسف فالكبار من دول العالم والقوی العظمی لاتهتم كثيراً بالمسؤولية الأخلاقية لکبح جماح الحروب الدموية الوحشية و لا تنوي القيام بتغيير السياسات العالمية الراهنة لجعلها تدور في مدار المعادلة التي تقول بأن السلام أقل كلفة من الحروب.
کيف يمکن تسمية أو تعريف أطراف تستعين بجماعات متنوعة من حلفائها المتمردين في قيادة حرب عدواني لغرض إبادة الشعب الكوردستاني الآمن؟
الشعب الكوردستاني المؤمن بالصمود والتعایش السلمي يعيش منذ آلاف السنين في هذه المنطقة، خیاره الإستراتيجي الوحيد هو الحصول علی العدل والحق المغتصب.
وقد قاد هذا الشعب الأبي ثورات كبری ضد الظلم والاستبداد والاضطهاد و حارب نيابة عن المجتمع الدولي والإنسانية جمعاء إرهاب متطرفي داعش و ساهم في تدمير دولته القمعیة البربرية، لكنه اليوم يُخنق، يُحتل أرضه، يُغيير ديموغرافيته و يُجبر علی النزوح والهجرة الجماعية، لكنه يقاوم و يناضل من أجل نیل الحرية والإستقلال.
العدو الذي يغزو اليوم أرض غرب كوردستان و يخرق بأعماله الإجرامية کل القوانين الدولية يستخدم من باب السخرية کلمة “السلام” لعلمياته الكارثیة، فليعلم بأن الحرب ليست فقط نتاج فكرة الحرب، إنه نتاج جنون غير عقلاني وجهل متعمد لا تصمد بشروطها الخاصة.
فهو ينسی بأن السلام هو أساس الإستقرار لا الغزو والقصف والتهجير و زعزعة الاستقرار و تفخيخ العلاقات الإنسانية بين المكونات وترویعهم وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. فعن طريق السلام تتحرك عجلة التنمية و يبنی الإنسان، لا بالقتل والدمار وإهدار الطاقات و إبراز الحقد الدفين الذي عُبَر عنه بالقصف بالطائرات و بإطلاق القذائف الصاروخية علی المساكن والمساجد و المؤسسات الصحیة والإجتماعیة.
ما یحصل اليوم في غرب کوردستان من حرب إبادة لايمكن أن يكون بمعزل عن السياسات الدولية والإقليمية. منطقة “روج آفا” هي اليوم ضحية سياسات القوى الدولية والإقليمية، التي ينبغي أن تضع حداً لفتيل النار والخراب قبل أن تشتعل المنطقة برمتها.
إن السلام لايتحقق إلا من خلال إحترام إرادة الآخر و طریقة عيشه في الحياة وعدم التعدي علیه والدعوة إلى الأمن والأمان والاستقرار.
إذن السلام يستوجب تفكيراً متوازناً وخطوات جدية بالسلم على حساب الحرب، ولا يكتب لمشروع السلام النجاح إلا بعد إخضاع أمور السياسة لقانون الأخلاق والسماع لصوت الضمير، وعلى البشرية أن تختار بين السلام الدائم وسلام المقابر والمدافن.
وأخيرا نقول: تباً لمن يريد جرّ البشرية إلى الانتحار في سبيل تحقيق رغباتە وطموحاتە الأنانية و يستخدم “حرب السلام” لقتل إرادة الحرية لدی الشعوب.