23 ديسمبر، 2024 4:40 ص

لايمكن حتى صياغة خطة في العراق الحالي

لايمكن حتى صياغة خطة في العراق الحالي

في منشور سابق، قلت ان التخطيط في العراق يجب ان يفشل ، وذكرت بعض اسباب ذلك الفشل الحتمي.
بعض الاصدقاء كتبوا قائلين انه بالإمكان صياغة خطط جيدة في العراق ، وان العراق فيه كفاءات قادرة على ذلك.
واليوم ، أقول لاولئك الاصدقاء المحترمين بأن الوضع السائد لايسمح حتى بوضع خطة جيدة على الورق.
اذا كنا نعتقد بامكانية ان يجلس شخص بمفرده ويضع اهدافاً افتراضية يتمناها للعراق ويحدد كيفية تحقيقها ويفترض توفر مايكفي من الموارد لتنفيذ مشاريعها المفترضة ، فتلك ليست خطة وطنية بل هي نوع من التمارين البحثية.
من صفات الخطة الجيدة :
الواقعية
الامثلية
الإتساق
والآن ،نسأل كيف لشخص او مجموعة ان يضع خطة تمثل قراءته الشخصية لحاجات البلد ويطلق عليها صفة الخطة الوطنية ؟ خطة تمتلك كل صفات الخطة الجيدة اعلاه؟
كيف لشخص ان يدرج مشاريع في الخطة يراها ضرورية، لكنه ليس متأكداً من توفر الموارد لتنفيذها؟
كيف يخطط الشخص او الفريق لبلد لايعلمون بدقة حجم سكانه وتوزيعهم الجغرافي وتركيبتهم العمرية والتعليمية والمهنية والمعيشية ؟ بلد لايستطيع إجراء تعداد للسكان ، وآخر تعداد كان في التسعينيات !!
هل هناك دراسات شاملة ودقيقة عن الاوضاع المعيشية وحالة الفقر وانتشاره جغرافياً وجنسياً وقومياً الخ…
وهل ان البيانات المنشورة موضوعية وامينة؟
عندما ينتشر الفساد فأنه لايقتصر على سرقة المال العام ، بل يتحول ايضاً الى سوء أداء اداري وتنظيمي يشمل اجهزة الاحصاء التي لايكترث موظفوها بدقة وسلامة وخطورة المعلومة طالما هم يحصلون على رواتبهم بانتظام.
(اعتقد ان الفساد وراء حتى فشل الفرق العراقية كروياً)
ماهي المعلومات المتاحة عن الوضع البيئي والصحي للسكان؟
ماهي المعلومات الدقيقة عن اعداد العاطلين عن العمل وتوزيعهم الجغرافي والعمري والتعليمي والجنسي ( ذكر/ انثى).
ماهي المعلومات السليمة عن اعداد المعوقين وتوزيعهم حسب الابواب المعروفة.
حتى البيانات المنشورة عن الحسابات القومية التي تشمل الناتج المحلي الاجمالي والاستهلاك بشقيه الخاص والحكومي ، والادخار والاستثمار وتكوين رأس المال الثابت وميزان المدفوعات بتفصيلاته، هل يمكن الاطمئنان الى دقتها وواقعيتها ؟
من يضمن ان رجال الاعمال يقدمون المعلومات الحقيقية عن اعمالهم؟ تفشي الفساد يجعل ذلك ممكناً !!!
بالتالي فأن البيانات الوطنية التي هي حاصل تجميع البيانات الفردية، تصبح مشوهة وغيردقيقة ولايمكن التعويل عليها لبناء تنبؤات الخطة ومعدلات النمو المستهدفة وما شاكل؟؟
تركيبة الاستيرادات مشوهة وغير واقعية بسبب عمليات تزوير وثائق الاستيراد والتلاعب بتسميات المواد المستوردة للتخلص من الضرائب ( تسجيل المشروبات الكحولية باعتبارها حليب اطفال مثلاً)..او تخفيض او زيادة مبالغ الاستيراد !!
هل ان معدلات النمو والتضخم وتفشّي الفقر والجريمة ، سليمة ؟
بعد كل هذا الكم من الشكوك ، هل يمكن لاقتصادي او اكثر صياغة خطة ذات معنى ؟؟
كيف يمكن بناء تنبؤات الخطة وماهي الاسس التي ينطلق منها ؟
كيف تتوفر مواصفات الواقعية والامثلية والاتّساق ؟