23 ديسمبر، 2024 6:29 م

لايكفُّ لساني عن وخْزِك

لايكفُّ لساني عن وخْزِك

اللافتاتُ والشّعاراتُ البرّاقة
تدنو مني ، تلتصقُ بي
مثل طفلةٍ تتعلقُ بأمّها اللاهية بمرآتها
وزينتِها وسط أكوام مساحيق التجميل
تمسك أذيالي متوسلةً أنْ أرفعها عالياً
لاتريدُ أن تقعَ تحت أقدام الجموع الهائجة
يغمرها النسيان كخَبَرٍ عابر
في نشرة أخبارٍ صدِئة
تخشى أن تُردَمُ في حُفرِةٍ كقبرٍ مهجور
الفصولُ فقدت أطرافَها الأربعة
زحفتْ  طائعةً ؛ مستسلمة لمصيرها
عافها الشتاءُ وحيدةً تتلقى العواصف
الربيعُ ركبَ عربتَه الموشّاة بالنياشين
قال : وداعاً واختفى بغمضةِ عين
ترك ثوّارهُ يتمرغون في الساحات
يفترشون العشبَ ، يثرثرون
يجْترّون قاتاً فاسدا
يلوكون فشلاً ذريعاً
لاأحدَ يصيخُ السمعَ لِما يقولون
نسائمُ الصيف غدتْ نسْيا منسيا
أمام الهجيرِ الآتي من البوادي
إلاّ الخريف هجعَ كالكلبِ الوفيّ
على عتبة البيت وأبى أن يتحركَ قيدَ أنملة
حان موعدُ مجيءِ الغراب الأعور
آنَ له أن يستنسرَ على نسْلِهِ
تذكّر مشْيتهُ الأولى
يوم كان ثابتَ الخطى
تذكّر خصامَهُ مع غريمِه
يوم نُقِرَتْ عينُه دفاعاً عن أنثاه
فجاء مختالا فخورا
يتبخترُ في خُيلاءِ الزّنوج ناصعي السّواد
صائدي الطرائدِ العصيّةِ الشاردة
نسجَ نعيقَهُ من خرائبَ مهجورة
ومن سفوحٍ ملأى بالدمنِ والبعر
وفقاعاتِ الأنغامِ الناشزة
ليلتقطَ حبّاتٍ مغمّسةً بالسأم
النوافذُ أشرعت ستائرَها بانتظار الصباح
لكنهُ غادر حين اكفهرّتْ سماؤنا
وكَبتْ على وجهها
نحيبا على الصّديقين والرعايا الأطهار
**********
لاشيءَ ساكنٌ في هزيع العمرِ الأخير
الدودُ يترقبُ وصولَ وليمتهُ
الماءُ يأنفُ أن يطهّرَ الخطايا
الفيّاضةَ هنا وهناك
خِرَقُنا بائدةٌ لاتسعُ أجسادَنا
لاأحدَ يحاورُنا منذ إدماننا لحسَ الدماء
من نصالِ السيوف
وتأجيج الفتنِ النائمة
نحشو مكبّرات الصوت بالنباح
نهشُّ اللقالقَ من مناراتها العالية
نُسْبي العذراوات
نفضُّ البكارات الطاهرة
نسلخُ الطفولة َمن شِغاف الأمومة
نقنصُ النوارسَ بكاتم الصوت
ونقصمُ الظّهورَ القويّة
شفاهنا زُمّتْ غيضاً
لسانُنا معقودٌ بحبلٍ من مسد العبوديّة
نبتَ فيه عظْمٌ من صدورِ السحالي
حين لعقْنا دبَقاً من دموع التماسيح
ونهلنا ماءً من القيعان الآسنة
وشربنا من جُبِّ الغادرين
أخوّةِ المكائدِ
ناصبي الشراك لأشقّائهم
عيونُنا لاتدمعُ مع الحزانى والثكالى
صدأَ الدمُ في عروقنا
لم يعدْ ينبضُ بالحنوّ
لم يعدْ أزرقَ كدماء النبلاء
صار بخساً كدماء الشهداء المنسيين
ما أقلّك يا وطني
ما أوطأ ثراك
ما أذلَّ جبالَك
سحقاً لِمنْ يهيم بك حبَّاً
ويتّسعُ صدرُه لاحتضانِك
أيها السيّدُ الرأسُ الراضخُ للأنجاس
الطائعُ للأيامى المخنثات
ماذا تنتظر؟؟!!
قمْ وانزعْ كَفَنَك
انتفضْ من قبرِك
توَلَّ دَفَّتَك
لُمَّ رعاياك وشِتاتَك
أصلبْ عُودَك الهزيل
كفاك ضآلةً ، أكاد لاأراك
أرى حديدَك الهشّ النحيل
كهُلامٍ يتطايرُ مع القشِّ
أرى سُدودَك تتصدعُ مثل قلوب أحِبّائك
ضواريك الأسُود كالشياهِ تترقبُ سلْخها
أما حان هديرُ رعودِك الخرس؟؟
نقيعُ أمطارِك الدمع
وميضُ بروقِك الْجرْح
ألا يصدحُ نشيدُك
غير النحيبِ واللطم ؟؟!
معذرةً سيدي الرأسَ
إلامَ تبقى مشتّتاً ؟!

[email protected]