لاأقول حزب الدعوة ألآسلامية فسد , ولكن أقول مكاتب مايسمى بحزب الدعوة التي فتحت بعد 2003 هي التي فسدت وخانت ألآمانة وأصبحت مرتعا للمنافقين والمتسلقين والمتزلفين والمرتشين ومن هانت عليه نفسه ودفعته بطنته أن يأكل المال السحت فيعمر بعضهم قصورا هي للفناء مصيرها , وتنتفخ أوداج بعضهم وسط حمايات منهومة مغرورة لاتحترم الناس دفعهم هوسهم الى أن يدخلوا العتبات المقدسة مدججين بالسلاح غير أبهين بمشاعر الناس الذين يرون في أضرحة ألآئمة مكانا للآمان والسلام والطمأنينة , مثلما لم يحترموا حاجة الناس في الرزق الحلال والعيش الكريم وكرامة المسكن وألآمن وألآمان , وكل من لم يحترم كرامة و هيبة تلك ألآضرحة وسكينتها عاجلته الدنيا بسلب النعمة ومواجهة النقمة وخسران الدنيا الى حيث يكون الحساب عسيرا .
أنا أعلم وأعرف أن كثيرا من الدعاة لم يتورطوا بملابسات ماجرى في مكاتب مايسمى بحزب الدعوة والتي تحولت بصورة دراماتيكية الى مكاتب مايسمى بدولة القانون , وهي بدعة وخدعة بكل ماتحمل البدعة والخدعة الفاشلة ونفوسهم المريضة أن يسموا أنفسهم بالسياسيين وهم مراهقون مبتدئون لم يقرأوا كتاب الحياة , ولم يعطوا لآنفسهم فرصة التدرج في تلقي المعرفة والخبرة , فتحولوا نتيجة تلك العجالة الى ” سواس , وسائسين , وهم من يعتنوا بالخيول فيقال لآحدهم ” سائس الخيل ” وأحد سائسي الخيول تحول الى ميدان السياسة فسقطت مدينته بأيدي الدواعش وأصبح تجمعه أثرا بعد عين , وهو وغريمه دفعتهم الهزيمة التي لم يعترفا بها علنا الى أقتسام نيابة الرئاسة الشرفية على قاعدة ” أخذ القليل خير من ترك الكثير ” .
وهذا العدد الكثير من الدعاة الذين بقوا في مكاتب مايسمى بحزب الدعوة ” مكاتب دولة القانون ” لم يكونوا فاعلين وكان أغلبهم شهود زور , ونسواقوله تعالى ” وجاهدوا في الله حق جهاده ” فلم يكن وجودهم في المكاتب هو حق الجهاد ” ونسوا قوله تعالى ” وأتقوا الله حق تقاته ” ونسوا قوله تعالى ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنة “ونسوا قوله تعالى ” قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن أتبعني ” ونسوا قوله تعالى ” أدعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ” ونسوا قول ألآمام علي “ع” : أحذر أن يراك الله في معصية , وأن يفتقدك في واجب ” فلم يكن في مكاتب مايسمى بحزب الدعوة بعد 2003 ” حق الجهاد ” ولا حق التقوى ” ولا أحسن القول , ولا الموعظة الحسنة ولا المجادلة بالتي هي أحسن , وتحولت الى مكاتب أنتفاع وغطرسة وأمتيازات ولذلك عندما تركتها في نهاية العام 2004 والكل يعرف صواب موقفي ألآ أنهم ظلوا يترددون على تلك المكاتب فتحولوا الى أقزام وأمعات يدارون من قبل من أعتلفوا الحرام ومشوا وراء ألآغراءات حتى وصلوا الى القطيعة مع الشعب لولا حاجة التعيين التي أصبحت بيد من بيدهم السلطة فتحولت العلاقة الى مداهنة ونفاق لابركة فيها ثم وصولوا الى مأزق الحكم المنقسم على أصحاب المحاصصة فمالوا الى تحريك النعرات الطائفية فأغترفوا أصواتا هي عليهم وليست لهم ويوم يقوم الحساب يعرف المجرمون بسيماهم .
لقد توقفت عن العلاقة الحزبية عام 1984 لآني رجل تنظيم ولست حزبيا , فالتنظيم سنة الله في الخلق , والحزبية حالة عصبية , ورجل التنظيم هو الذي ينأى بنفسه وحزبه عن التحزب لغير الله , ولذلك كان حزب الله هم الغالبون مفهوما قرأنيا لم توفق ألآحزاب ألآسلامية الى تجسيد مصداقه عمليا بأستثناء حزب الله في لبنان الذي قارب هذا المعنى فكان التوفيق حليفه , وجذور بعض قياداته التي كانت تنتمي لحزب الدعوة ألآسلامية يوم كان مشروعا للعمل الصالح والكلمة الطيبة لذلك لم تمنعهم علاقتهم الدعوتية من العمل مع الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية عندما تعرض لبنان الى ألآجتياح ألآسرائيلي عام 1982 , فكان عملهم مصداقا لقوله تعالى ” وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة ومن رباط الخيل .. ” وكان توجههم توجه من كانوا مع رسول الله رحماء بينهم أشداء على الكفار , ولكن تجربة حزب الله في لبنان مع الجمهورية ألآسلامية لم تدرس جيدا , بل سارع البعض الى التشويش عليها ورميها بألآتهامات الباطلة وحتى بعد نجاحها في كبح جماح العدو الصهيوني ظل البعض يراهن على العناد الذي لايعرف الحق .
عندما رأيت ملامح الفساد تدب في هيكل القيادة من خلال دخول عناصر غير مؤهلة وأخرى غير مجربة لاتؤتمن على مسؤولية عمل دعوتي أسلامي أمانته تواضعت أمامها السماوات وألآرض والجبال وأشفقن منها وحملها من هو ظالم لنفسه وهذا المعنى يستثني المعصوم المشمول بألآصطفاء وألآجتباء وكلهم من الذرية الصالحة , فكان على الذين حذروا من الوقوع بالظلم وأنا منهم ” وما أبرئ نفسي أن النفس لاما رة بالسوء ألآ مارحم ربي ” ولا أعتبر نفسي أجتزت ألآمتحان لآني لازلت في الدنيا والدنيا دار بلاء وأختبار , ولكني أحمد الله الذي لطف بي رغم أخطائي وزلاتي وجعلني في منأى عن التلوث بأدران السلطة في الحكم والقرار غير الصائب في الحزب , لذلك كان توقفي عن الحزبية ليس توقفا عن التنظيم الذي أؤمن به أيماني بعقيدتي التي أنعم الله بها علي وهي ألآسلام بواسطة رسول الله “ص” وأهل بيته العترة الطاهرة التي قال عنها ألآمام الشافعي رحمه الله :-
يأأهل بيت رسول الله حبكم فضل من الله في القرأن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم من لم يصلي عليكم لاصلاة له
ومع ذلك ربما كان البعض من الذين التقوا معي في ميادين العمل في سبيل الله , أو في ميادين الكتابة والبحث , أو في محاضراتي التي شهدتها أغلب المدن العراقية والمدن العربية وألآسلامية كبيروت وعمان ودمشق وطرابلس ليبيا والمدينة المنورة ومكة المكرمة وكراجي باكستان وطهران , والمدن ألآوربية , كهمبورغ ألمانيا , وبرلين الشرقية قبل التوحد , وبرلين الغربية , وجنوا وروما أيطاليا , وزغرب وكوسوفو يوغسلافيا , وفينا النمسا , في تلك ألآماكن والميادين قد وجدني البعض أطرح أراءا لم تعجبهم مما جعل البعض منهم يعتبرني حزبيا متطرفا كما يرى هو لاكما هو المنطق والحق , فألآصل في ألآنسان أن يكون صاحب موقفا مع الحق سواء أعجب هذا الطرف أو أغضب ذلك الطرف , ولذلك قال تعالى ” أصدع بما تؤمر ” وأستقم كما أمرت ” وقال ألآمام علي “ع” : ماترك لي الحق من صديق ” فأنا في مواقفي التنظيمية كان يراني الحزبيون شديدا , وأنا في مواقفي السياسية كان يراني بعض السياسيين متطرفا , وأنا في مواقفي البحثية والكتابية كان يراني البعض طائفيا , وسبب كل ذلك هو ألتزامي المعرفي ألآخلاقي بالحقيقة ولا أدعي أني أملك الحق وغيري لايملكه , ولكني أبحث عن الحقيقة بوسائل معترف بها عند المحققين والعلماء والمفسرين , وأعتبر المنطق هندسة العقل البشري , والفلسفة هي نظم العالم نظما عقليا , والعلم هو ألآنتقال من المجهول الى المعلوم . ويلي الجزء الثاني أن شاء الله