من الأمثال الشعبية الدارجة أَن يقال لمن يتصرف بهمجية وفوضوية دون أن يستخدم عقله ( الطول طول النخلة والعقل عقل الصخلة ) ويقصد بالصخلة أنثى الماعز وهذا المثل ينطبق على من تراه ذو صورة بهية طولاً وعرضاً لكنه في الفعل أما أن يكون غبياً أو متغابياً وفي الحالتين نجد فعله أما شنيع نتيجة لأضراره بالمحيطين به أو خسيس نتيجة لأستخفافه بالآخرين بقصد أو بدون قصد .. ولهذه المقدمة التي لاتخلو من سخرية رابط واضح في واقع العراق الذي نعيشه بمرارة .
تابعنا خلال الأسابيع القليلة الماضية ماحصل من حراك وطني شعبي عراقي أصيل وحراك مضاد أقل مايقال عنه على أنه حراك دنيء تصر عليه ذات الجهات التي رهنت العراق وثرواته ليصبح وكأنه ملك موروث لعوائلها التي كانت تتسكع خارج العراق تعتاش على الصدقات والمساعدات .
هذه الجهات التي تدعي الشرف حين وقعت على وثيقة مخزية تصر على ان تبقى تعيش خارج حدود الوطنية لتتمتع بحياة خاصة كشفتها دهاليز المنطقة الغبراء والتي تنم عن رفاهية تفوق التصور وخاصة عندما وجد المتظاهرون أن أجهزة تكييف تعمل ليل نهار واجبها الأساسي توفير الأجواء الباردة صيفاً لأشجار زينة بينما العراقي يعيش في أماكن لاتصلح لمعيشة الفئران !!!
هذه هي سخرية القدر نعيشها في زمن غابر لايشبه أي زمان . وهي ثقافة جديدة للأحتلال جائت بها أمريكا وأيران وعملائهما وأقول أمريكا لنشمل معها كل الدول التي تقع تحت عبائتها .
المعروف والدارج أن الأحتلال يعني سيطرة دولة اجنبية على دولة اخرى وتقوم بأستثمار مقدراتها وثرواتها من خلال جيش تدخله مثلما فعلت أمريكا وحلفائها عام 2003 . لكن امريكا قد صنعت احتلال جديد هذه المرة وهو قيامها بصناعة عملاء يحملون جنسية عراقية تستخدم للحكم في الداخل لكن واجب العملاء هو أفراغ العراق من ثرواته المالية والبشرية وتحويله الى بلد مخرب وقد حصل ماحصل حين عاد العراق بفضل العملاء الى بلد يعيش عصور ماقبل الصناعة . فلا ماء ولا كهرباء ولاتعليم ولاصحة ولاسكن ولا ولا ولا . واذا ماوصلنا الى العام 2016 نجد العراق وقد أفرغت خزينته بالكامل وهو يعيش اليوم على التسول وفق مايسمى ( القروض )
بعد كل الصور المأساوية التي نعرفها عن العراق وخلال السنوات ال 13 الماضية من تهجير وقتل وارهاب وتهميش وأقصاء وقمع وأعتقالات . بعد كل هذا العراق اليوم مهدد بالجوع القاتل ونتيجة لذلك نجد انتشار جرائم السطو والسرقة وقد بدأت تزداد بشكل مخيف حتى وصلنا الى ان تلك الجرائم اصبحت تتكرر بشكل يومي . دون ان تحرك الدولة ساكناً .. عفواً نسيت أن لاتوجد لدينا دولة والحقيقة لدينا مجاميع تقود البلد وقد عاثت بمقدراته حتى استحال خراب رهيب .
نتيجة لكل ماحل بالعراق من كوارث خرج العراقيون بنتظاهرات سلمية منذ اكثر من 4 سنوات مطالبين بالكف عن جرائم التخريب وضرورة اصلاح حال البلد لكن بالمقابل هنالك اصرار على اتباع ذات السياسات التي كرست الطائفية والمحاصصة لتنتهي كل ثروات البلد الى جيوب من يحكم البلد ظلماً وعدواناً .
وعندما وصل الحال الى التهديد بقطع رواتب الناس ووصول حالة اليأس لدى العراقيين الى مديات بعيدة ازدادت الحركات الأحتجاجية التي أرعبت الحكام ووصلت الى عقر دارهم في المنطقة الغبراء وكلنا يعرف ما الذي حصل اثناء دخول النتظاهرين الى تلك المنطقة التي شكلت على مدى السنوات الماضية مأساة حقيقية حين يتم التخطيط فيها للنهب والسلب وبيع كل شيء .
مع كل حالات الظلم التي تعرض لها العراقيون كان التعامل مع المنطقة الغبراء حضارياً والحقيقة ان الشعب العراقي كان كريماً جداً مع هؤلاء . منع ذلك وبعد ان انسحب المتظاهرين من المنطقة الغبراء بدأت التهديدات من ذات الجهات التي دمرت العراق على أن المتظاهرين قد تعرضوا لهيبة الدولة وهيبة البرلمان وان القضاء سوف يطاردهم .. نعم هي المهازل بعينها وهنا أتذكر بيت شعر شعبي للمرحوم الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع ويقول فيه ( الحرامي يحلف المبيوكَ والمبيوكَ يتعذر من الباكَه ) هذا هو حال العراق اليوم لكننا نقول لهؤلاء . لاهيبة لكم لأنكم أنتم من افقدنم هيبة الدولة بتنفيذكم لمخططات أعداء العراق فضلاً عن نيلكم من هيبة الشعب وانتم تحاصروه وتحاربوه وتفرضون عليه واقعاً مؤلماً مليء بالمآسي . وأن الله يمهل ولايهمل . أيامكم معدودة وثورة الجياع ستطاردكم حتى لو هربتم لبلدان اسيادكم .. والله من وراء القصد .
[email protected]