23 ديسمبر، 2024 7:12 م

لاهوت إبليس الملاك الساقط  – 4  

لاهوت إبليس الملاك الساقط  – 4  

تقديم / كامل علي
مقدمة:
أطّلعت على سلسلة من المقالات للكاتب السوري المبدع فراس السوّاح بعنوان (لاهوت إبليس الملاك الساقط) ولكون هاجس التنوير يتملكني من عدة سنوات، حاولت اختصاره وتقديمه للقراء الافاضل ولكني اكتشفت بأنّ الإختصار سيقضي على الفائدة المرجوة من النشر لذا سأقدم سلسلة المقالات تباعا كما نشرت.
في هذه السلسلة من المقالات سنلاحظ كيف ولد إبليس في ألميثولوجيا وخاصة في ديانة مصر القديمة وكيف تطوّر مفهومه وكيف أقتبست ألأديان ألإبراهيمية (اليهودية،المسيحية، ألإسلام) مفهوم  إبليس من الميثولوجيات السابقة عليها وطورته بما يتناسب مع معتقدات الدين الجديد، كذلك سنطّلع على لاهوت ابليس في الديانة الزرداشتية والمعتقد الغنوصي.
 
 
لاهوت إبليس- الملاك الساقط:
عندما امتنع إبليس عن السجود لآدم:
 
في “كتاب حياة آدم” يجري التحول من فكرة حشد الملائكة الساقطين بسبب دخولهم على بنات الناس وتدنسهم بهن (مما بحثناه في الحلقة الماضية)، إلى مفهوم إبليس الذي سقط بسبب عصيانه أمر الرب بالسجود لآدم. وهذا النص التوراتي المنحول يعود في زمن تأليفه إلى الفترة الانتقالية بين القرن الأول والقرن الثاني بعد الميلاد؛ وقد دوّن في نسخته الأقدم بالعبرية وهي مفقودة الآن، ولدينا عنها ترجمة يونانية تعود إلى أواخر القرن الثالث الميلادي، إضافة إلى ترجمات لاتينية وسلافية أحدث.
ويكتسب القسم الأول من هذا السفر أهمية خاصة لأنه يقدم لنا لأول مرة قصة إبليس وعصيانه مروية على لسانه شخصياً.فبعد طردهما من الفردوس بسبب عصيانهما وأكلهما من الثمرة المحرمة بتحريض من الشيطان، سار آدم وحواء في الأرض مدة تسعة أيام يبحثان عن طعام، ولكنهما لم يجدا طعاماً يشبه ما كانا يأكلانه في الفردوس، بل طعاماً مما تأكله حيوانات الأرض؛ فقال آدم لحواء:
“لقد جعل الرب هذا الطعام نصيباً للحيوانات بينما كنا نتناول هناك طعام الملائكة، تعالي نبكي أمام الرب ونستغفره معلنين توبتنا، لعله يسامحنا ويرأف بنا ويزودنا بأسباب الحياة”. فانفرد الاثنان كلٌ في مكان يصليان.
ولكن الشيطان اتخذ شكل ملاك وضَّاء وجاء إلى حواء التي كانت تبكي، فوقف إلى جانبها وتظاهر بمشاركتها في البكاء ثم قال لها:
“توقفي عن البكاء ودعي هذا الحزن عنك، فلقد سمع الرب دعاءكما وقبِل توبتكما، فهلمي معي إلى حيث الطعام معدّ من أجلك. “صدقت حواء كلام الشيطان وسارت معه فقادها إلى آدم؛ فلما رآهما آدم قادمين اكتشف هوية الشيطان فصرخ وانتحب وناداها قائلاً:
“أين ذهب ندمك واستغفارك، وكيف وقعت ثانيةً في غواية عدونا الذي حرمنا مسكننا الفردوسي ومتعنا الروحية؟” لسماعها نداء آدم انتبهت حواء إلى خديعة الشيطان، فسقطت على وجهها في التراب وتضاعف حزنها وبكاؤها وصرخت في وجه الشيطان:
“الويل لك أيها الشيطان، لماذا تهاجمنا دون سبب؟ ما الذي فعلناه حتى تلاحقنا دوماً بالمكر والخديعة؟”.فتنهد الشيطان وقال لها:
“إن كل عدائي وحسدي هو بسببك أنت يا آدم. بسببك أنت جرى طردي من الفردوس وحُرمت من مجدي الملائكي، وبسببك أنت رُميت من الأعالي إلى الأسافل.” فقال آدم: “ما الذي فعلته لك وفي أي أمر لومك لي؟ لماذا تلاحقنا ولم نسبب لك ضُراً ولا أذىً؟ فأجاب الشيطان: “عن أي شيء تتحدث يا آدم؟ بسببك أنت أُخرجت من هنالك، وبعد خلقك أنت أُبعدتُ من حضرة الرب وصحبة الملائكة. فعندما نفخ الرب في أنفك نسمة الحياة بعد أن شكَّل هيئتك على صورته، دعانا ميكائيل لكي نسجد لك في حضرة الرب الذي خاطبك قائلاً:
انظر يا آدم لقد صنعتك على صورتنا وشبهنا. ثم دعا ميكائيل جميع الملائكة وقال لهم: اسجدوا لصورة الرب حسبما أمر. وكان ميكائيل أول الساجدين، ثم دعاني إلى السجود فأجبته: “أنا لا أسجد لآدم. وعندما حثني على السجود قلت:
لن أسجد لمن هو أدنى مني مرتبةً، فلقد خُلِقْتُ قبله وعليه هو أن يسجد لي. ولما سمع الملائكة التابعون لي قولي رفضوا السجود أيضاً. فلما سمع الرب قولي ثار غضبه عليَّ وأنزلني من مرتبة المجد مع أتباعي، وطردنا من مقرنا العلوي إلى الأرض حيث لبثنا نندب مجدنا الضائع.
ولقد آلمني أن أراك هناك تنعم بالسرور والبركة، فجئت زوجتك بالخديعة وأغويتها فجلعتها سبب فقدانك أفراح النعيم.
“يتابع النص بعد ذلك سرد أخبار أسرة آدم، وما جرى بين قابيل وهابيل وبقية أولاد آدم إلى حين وفاته وتلقيه رحمة ربه وغفرانه.
الهاجادة نشأت على هامش التلمود، وهو المصدر الثاني للشريعة بعد التوراة، خلال القرون الأولى للميلاد، مجموعة النصوص المعروفة بالهاجادة، أي رواية القصص. وهذه التسمية جاءت من استخدام المؤلفين أسلوب القص الميثولوجي لتقريب تعاليم التلمود إلى عامة الناس. والنص الهاجادي الذي سأقتبس منه هنا، يعتبر من عيون الأدب الهاجادي، وهو يعالج موضوعات التكوين منذ خلق العالم إلى سقوط الإنسان. وينفرد هذا النص بتقديمه لحوار بين الرب والملائكة بخصوص خلق الإنسان، حيث نجد الملائكة حذرين من مغبة خلق الإنسان، لأنه سيكون ميالاً إلى سفك الدماء وممتلئاً بالغش والخداع.
كما أن النص ينسج على منوال كتاب حياة آدم في اعتباره أن السبب في سقوط إبليس هو رفضه السجود لآدم.يُفصِّل النص أعمال الخالق البدئية في تكوين العالم خلال ستة أيام وفق ترتيبها في سفر التكوين التوراتي ولكن مع توسع وإسهاب وإدخال عناصر جديدة على القصة الأصلية.
فقد خلق الرب السماوات سبعاً طباقاً والأرضين مثلهن سبعاً طباقاً أيضاً. ثم جعل الرب الجحيم في الجهة الشمالية من الأرض وقسمه إلى سبع درجات لكل درجة منها حصتها من الخطاة وفق ذنوبهم، وقسم الدرجة إلى سبعة أجنحة والجناح إلى سبعة آلاف كهف، والكهف إلى سبعة آلاف حجرة وفي كل حجرة سبعة آلاف عقرب لكل عقرب منها ثلاثمئة شوكة. وهناك أنهار من حمم تجري في كل مكان وأنهار من قطران وإسفلت تغلي وتضطرم، وهناك خمسة أنواع من النيران وقودها قطع فحم بحجم الجبال، وهناك ملائكة العذاب موزعون في كل مكان.
وجعل له الفردوس في الجهة الشرقية من الأرض، وقسَّمه إلى سبع درجات لكل درجة حصتها من الصالحين وفق صلاحهم.
وجعل بوابتين عليهما ألوف من ملائكة الرحمة. فإذا وصل واحد من أهل الجنة إلى البوابة تقدم منه الملائكة فنضوا عنه حلة القبر وألبسوه عباءة من سحاب المحد، ووضعوا على رأسه إكليلاً من لآلىء وأحجار كريمة، وفي يده سبعة أغصان تفوح بأطيب روائح الجنة، ثم اقتادوه إلى مكان ربيع دائم وأنهار جارية من لبن وخمر وعسل.
وفي كل يوم يمر أهل الفردوس بأربعة تحولات؛ ففي الصباح يستيقظ ساكن الفردوس طفلاً ليصير يافعاً عند الضحى فرجلاً ناضجاً عند الظهيرة فشيخاً عند المغيب. وبذلك يتمتع أهل الجنة بما يقدمه للإنسان كل طور من أطوار الحياة من متع.
بعد أن انتهى الرب من خلق السماوات وملائكتها والأرض وكائناتها الحية، جاء دور الإنسان. وهنا يستطلع الرب رأي رؤساء الملائكة فيما هو مقدِم عليه من خلق الإنسان، فتأتي مشورتهم في غير صالح الإنسان لأنه سيكون ميالاً إلى النزاع والقتال وسفك الدماء وممتلئاً بالغش والخداع، ثم ينتهي الحوار بقول الرب: “ما نفعُ وليمة معدة بعناية وفيها كل الطيبات إذا لم يكن هنالك من يتمتع بها؟” فيقول الملائكة:
“ليكن اسمك ممجداً في الأرض كلها ولتأت مشيئتك بما تراه مناسباً.”مد الرب يده واغترف من جهات الأرض الأربعِ أربعَ قبضات من التراب فعجنها وسواها إنساناً، ثم نفخ الرب في أنف آدم من روحه فصار آدم نفساً حيةً. وبذلك يكون آدم أول خلق الرب بدل أن يكون الأخير، باعتبار ما لروحه من قدم هو قدم الروح الإلهية.
ومع خلق روح آدم خلق الرب كل أرواح البشر المتسلسلين من صلبه إلى يوم القيامة وحفظها في مكان ما من السماء السابعة، لكي تهبط واحدة إثر أخرى لتحل في الأجسام المخلوقة في الأرحام. وسيكون إذا حملت امرأة يأمر الرب خازن الأرواح ليأتيه بالروح التي اسمها كذا، فيأتيه بها وتُؤمر أن تدخل في الحمل.
ولكن الروح تسجد لخالقها وتتوسل إليه أن يتركها في حال القداسة التي هي عليها ويعفيها من النزول إلى الأرض ولكن الرب يقول لها بأن المكان الذي ستمضي إليه هو أفضل من هذا المكان، فتذعن الروح وتُقاد إلى الرحم حيث تتحد بالجنين.
لقد خرج آدم من يد الخالق إنساناً تام التكوين في العشرين من عمره، كاملاً في مواصفاته الجسدية والخلقية، فأسكنه الرب في الجنة. ولكي يثبت الرب للملائكة تفوق آدم عليهم، فقد جمع حيوانات الأرض وعرضها عليهم زوجاً زوجاً لينبئوه بأسمائها ولكنهم عجزوا، ثم عرضها على آدم بعد أن أوحى إليه بأسمائها فنطق آدم بأسمائها.
ونلاحظ هنا الإضافة المتميزة الذي قدمها هذا النص على الرواية الرسمية في سفر التكوين التوراتي، وهي تتمثل في عنصرين، الأول تحدي الرب للملائكة أن ينبئوه بأسماء كائنات الأرض، والثاني تعليمه آدم الأسماء وحياً قبل أن يدعوه إلى عرض علمه على الملائكة وهذين العنصرين غائبين عن الرواية التوراتية حيث نقرأ في سفر التكوين 2، 19-20:
 “وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها، وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية.
“عقب ذلك أمر الرب كل الملائكة أن يسجدوا لآدم ففعلوا وعلى رأسهم ميكائيل الذي كان أول الساجدين لكي يضرب للآخرين مثلاً في الطاعة والخضوع للأمر الإلهي. ولكن أحد رؤساء الملائكة المدعو ساتان (= شيطان) الذي أضمر الغيرة والحسد لآدم، رفض السجود قائلاً:
“لقد خلقتنا من ألقك وبهائك فكيف تأمرنا أن ننطرح أمام من خلقته من تراب الأرض؟” فأجابه الرب: “ومع ذلك فإن تراب الأرض هذا يفوقك حكمة وفهماً.” وهنا تدخل ميكائيل وحث ساتان على الانصياع قائلاً:
“إذا لم تُبجل آدم وتخضع له عليك أن تتحمل عواقب غضب الرب.” فأجابه ساتان:
“إذا صب غضبه عليَّ سأرفع عرشي فوق نجوم السماء وأغدو نداً للعلي.” فلما سمع الرب ذلك منه أمسك به ورماه خارج دائرة السماء فهوى باتجاه الأرض، وتبعه حشد كبير من الملائكة الذين شجعهم تمرده على إظهار ما كتموه في أنفسهم من حسد لآدم ورفضٍ لسموه عليهم. ومنذ تلك اللحظة صارت عداوة بين الشيطان والإنسان.
كتاب اليوبيليات، أو الخمسينيات، كتاب منحول مطول يعيد سرد سفر التكوين التوراتي والأجزاء الأولى من سفر الخروج بأسلوب مختلف، فهو يكثف ويختصر أحياناً، ويسهب ويضيف عناصر قصصية جديدة في أحيان أخرى.
وهو يعود في زمن تأليفه إلى القرن الأول الميلادي أو ما قبله، لأن أجزاءً منه وجدت مكتوبةً بالعبرية بين نصوص قمران. وقد وصلت إلينا ترجمات لاتينية لعدد من أجزائه، ولكن النص الكامل محفوظ باللغة الإثيوبية التي نُقل إليها في زمنٍ ما بين القرن الرابع والقرن السادس الميلاديين، وهو يشكل جزءاً من كتاب العهد القديم الإثيوبي.
والنص موضوع على لسان الملاك الذي يملي على موسى سفر التكوين.لايركز كاتب اليوبيليات على المسائل اللاهوتية المتعلقة بنهاية الزمن ومملكة المسيح والحياة الأخرى، ولكنه يركز على المسائل اللاهوتية المتعلقة بعالم الملائكة وعالم الشياطين.
وهو يتميز بتقديمه لأول مرة فكرة استرحام الملاك الساقط للرب لكي يؤجل عقابه إلى يوم القيامة ويعطيه مهلة في هذا العالم لكي يمارس نشاطاته الشريرة.ففي اليوم الأول من أيام التكوين خلق الرب الملائكة مع خلق السماء والأرض، وجعلهم في مراتب وطبقات لكل منها وظائف معينة.
وعندما انتهت مرحلة التكوين وأخذ البشر يتكاثرون على وجه الأرض، رأى فريق من الملائكة الساهرين أن بنات الناس حسنات، فرغبوا بهن وهبطوا من السماء متخلين عن طبيعتهم الروحانية واتخذوا لأنفسهم زوجات من البشر، فأنجبت النساء أولاداً عمالقة أفسدوا في الأرض حتى عمَّ الشر في العالم.
وعندما رأى الرب أن شر الإنسان قد كثُر ندم على خلقه وقرر إفناءه بطوفان شامل لم ينجُ منه إلا نوحاً وأهله. وبعد أن تكاثر البشر مرة أخرى نشطت قوى الشر مجدداً وأخذ الشياطين المتمردون من أبناء الساهرين الساقطين تسبب الأذى لنسل نوح، فجاء أبناء نوح إلى أبيهم وحدثوه بأمر الشياطين التي تعمي وتضل وتهلك أحفاده.
فصلى نوح إلى الرب إلهه وقال:
“يا إله الأرواح التي تقيم في كل جسد، أسبغ نعمتك على أولادي ولا تدع للأرواح الشريرة عليهم سلطاناً. أنت تعلم ما فعله ملائكتك الساهرون آباء هذه الأرواح في أيامي، وما فعله من بقي من هذه الأرواح. فلتوقع بهم وتقودهم إلى مكان الحساب ولا تتركهم يعيثون فساداً بين أبناء خادمك ولا تدع لهم سلطاناً على قلوب الأحياء.
“فأمر الرب ملائكته أن يوثقوا الشياطين جميعاً، ولكن رئيسهم الإبليس مستيما مثل أمام الرب وطلب منه ألا يهلك الشياطين جميعاً بل يترك له قسماً منهم لمساعدته على متابعة أعماله الشريرة من خلالهم، لأنه إذا لم يبق له منهم أحد لا يستطيع بسط سلطانه على أبناء البشر، لأن شر البشر في رأيه عظيم وهم منذورون للضلالة قبل صدور حكم الخالق على إبليس.
فاستجاب الرب لطلبه وأمر أن يبقى عُشر الأروح الشريرة مع مستيما وأن ينزل التسعة أعشار الباقية إلى مكان الحساب. ثم أمر واحداً من الملائكة أن يعلم نوحاً وأولاده كل طرق الشفاء من شر الشياطين.
بعد ذلك يدخل يهوه في علاقة معقدة مع إبليس فهو يقيده ليكف أذاه أحياناً، ثم يطلقه ليتابع مهامه الشريرة في أحيان أخرى. كما نجده يعهد إليه بأعمال كان قد نفذها بنفسه في سفر التكوين الرسمي.
ففي قصة موسى وفرعون نقرأ تنويع كتاب اليوبيليات الخاص كما يلي:
“ولقد انتصب الرئيس مستيما أمامك يا موسى وحاول تسليمك ليد فرعون. كما أنه ساعد سحرة مصر الذين مارسوا سحرهم أمامك… ولكن الرب ضربهم بقروح رديئة ومنعناهم من إتيان معجزة واحدة. ولكن الرئيس مستيما لم ينخذل بل استجمع قواه وأهاب بالمصريين أن يلاحقوك بكل جيوشهم وبكل عرباتهم وخيلهم، ولكني حِلْت بين المصريين وإسرائيل وخلصنا إسرائيل من يد فرعون… وفي الأيام الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، كان الرئيس مستيما مقيداً ومحجوزاً خلف بني إسرائيل لكي لا يلاحقهم ويوقع بهم.
وفي اليوم الثامن عشر حللنا قيوده مع أتباعه لكي يساعد المصريين في ملاحقة إسرائيل، فشدد عزيمة المصريين وقوَّاهم ثم قيدناه مجدداً لكي لا يتهم بني إسرائيل يوم يستعيرون من أبناء المصريين آنيةً وثياباً… فلم يُخرج بني إسرائيل عراة من مصر.
“وعلى الرغم من أن يهوه في اليوبيليات يستخدم الشيطان على هواه فيقيده آناً ويطلقه آناً آخر، إلا أن الشيطان كان يظهر مقدرته على خداع يهوه. ومن ذلك ما حصل لإبراهيم عندما أمره الرب أن يضحي بابنه إسحاق، وعندما هم إبراهيم بالامتثال للأمر افتدى الرب الذبيحة بكبش، مما هو مذكور في سفر التكوين 22.
أما في كتاب اليوبيليات فنجد أن الشيطان يأتي إلى يهوه ويشككه في إخلاص إبراهيم له، ويقنعه أن يخضعه للتجربة والامتحان ليرى ما إذا كان الرب أحبَّ إليه من أي شيء آخر. وعندما امتثل إبراهيم للأمر وهم بذبح ابنه تأكد الرب من خشية إبراهيم وإخلاصه، وسمع إبراهيم صوتاً من السماء يقول له:
لاترفع يدك إلى الغلام لأني عرفت الآن أنك تخشى الرب فلم تضن عليه بابنك البكر.