23 ديسمبر، 2024 7:28 م

لانريد برلمانا …!

لانريد برلمانا …!

قبل اسابيع ، خرجت مظاهرات في بغداد للمطالبة بمحاسبة الفاسدين والخونة وتفعيل قانون (من أين لك هذا ؟) وتسلمت احدى النائبات ورقة مطالب المتظاهرين لتعرضها على البرلمان ، وخرجت تظاهرات اخرى لمحاربة الفساد والمطالبة بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ومجلس الوزراء ، كما تعاقبت تظاهرات واعتصامات ذوي شهداء مجزرة سبايكر ، واعقبتها تظاهرات عمال وموظفي الوزارات الذين طال انتظارهم لاستلام رواتبهم …عدا تظاهرات اخرى للطلبة والنساء الرافضات للعنف الاسري وغير ذلك ..

ياه ..كم هي جميلة الديمقراطية حين يتم تطبيقها في بلد مثل العراق لم يكن يشهد من قبل الا تظاهرات تأييد القائد الضرورة ولم تكن طوعية او حماسية بل مفروضة ومفبركة ، لكنها قبيحة ومشوهة ومنقوصة حين تقتصر على تلك التظاهرات العقيمة ولاتجد لها صدى لدى البرلمان او الحكومة ..

تظاهرات اخرى انطلقت في بغداد والمحافظات حول تسعيرة الكهرباء الجديدة وحين صدر أمر الوزارة بالتريث لم يثق المتظاهرون به وصاروا اكثر يقينا انه مجرد امتصاص لنقمتهم ، وهكذا تحول الأمر الى قضية يمكن ان تختبر الديمقراطية في بلدنا ان كانت حقيقية ام مجرد ديكور تتطلبه مرحلة مابعد التغيير ….القضية والامتحان الأكبر كانت قضية نازحي الانبار التي احتلت الصدارة في الاعلام المحلي والعربي والعالمي كمأساة لابد من وضع حل لها وشغلت الشارع العراقي باعتبارها فرصة جديدة للأحتقان الطائفي بينما لم تاخذ من البرلمان اكثر من تصريحات جوفاء لنوابه ومحاولة لجمع تواقيع للوقوف على لغز سقوط محافظة الانبار بهدف تقديم المقصرين الى القضاء …ان كانت تلك التواقيع ستعيد الأهالي الى

منازلهم وأمانهم واستقرارهم سريعا فليسارعوا الى جمعها لكنها هواء في شبك كما حدث مع قضية سبايكر وسقوط الموصل من قبل فهل استدل البرلمان على مصير ضحايا سبايكر وحاسب المقصرين فيها أم ستعمل لجنة الأمن والدفاع النيابية برئاسة حاكم الزاملي على محاسبة من كان وراء سقوط الموصل وهم معروفون لدى الجميع ..

الشعب العراقي لم يعد يثق بحكومته ولا ببرلمانه ولا كل القيادات السياسية التي تقوده ..لقد ادرك فعليا ان الديمقراطية التي سقط الصنم من اجل الحصول عليها وسالت دماء الأبرياء طوال السنوات السابقة فداءا لها لم تكن حقيقة بل وهم وخيال يتغنى به السياسيون في تصريحاتهم ولايهبط يوما الى ارض الواقع ..

قبل فترة علت اصوات النواب الى درجة الصراخ ودار صراع مخجل بينهم لدى توزيع اللجان النيابية فكل منهم يبغي الفوز بلجنة (مربحة ) وحين قضى اهالي الانبار أياما وليال على مشارف المدن على أمل الحصول على مأوى أو كفيل اكتفى نوابهم وسياسيو مدينتهم بالتصريحات وتشكيل اللجان ولم يبادر أي منهم بتقديم استقالته او استضافة اعداد من النازحين او الصراخ على الأقل ليستمع رفاقه الصم لصوت أبناء مدينته ..اذا كانت الديمقراطية لاتعيد للمواطن حقوقه المسلوبة ولاتحقق له الأمان او توفر له الثقة على الأقل بحكومته ومستقبله معها فلاداع اذن لتكبد عناء الانتخابات وانفاق ملايين الدولارات في زمن التقشف على الحملات الانتخابية ثم على رواتب النواب وحماياتهم ومساكنهم وسفراتهم و(سرقاتهم ) ..الشعب لايريد برلمانا يشبه افراده الدمى المتحركة ويناصب افراده العداء لبعضهم البعض بل يريد صوتا هادرا وأفعالا ملموسة ليشعر انه يعيش فعلا في زمن الديمقراطية …