19 ديسمبر، 2024 10:56 م

لامزايدات على قدسية كربلاء !

لامزايدات على قدسية كربلاء !

لايختلف عراقيان على قدسية محافظة كربلاء ، فهذه قضية لامزايدة عليها لادينياً ولا طائفياً ولا إنسانيا ،وهي قضية مفروغ منها ولا مجال لمناقشتها ،وهي أيضاً جزءً من التشكيل الجيو- اجتماعي في عمق السيكولوجية العراقية ، ولم تكن يوماً موضع نزاع أو خلاف وإختلاف ..
وبغض النظر عن حفل افتتاح بطولة غرب آسيا ، الذي اعترض أصحاب ” الهمم” على فقرة فيه تخللها رقص ايقاعي لفتاتين غير محجبتين وعزف لانشودة موطني قامت به فنانة عراقية على آلة الكمان، فإن الصراخ الذي حصل بعد حفل الافتتاح عن قدسية كربلاء، ماصرخ به الا الفاشلون الذين يخلطون السم بالعسل ليقدموا لنا مهرجاناً أخلاقياً بائس الاخراج والتنفيذ !
هؤلاء الصرّاخون لم نسمع صراخهم وكربلاء المقدسة تئن بثقل الفساد المالي والاداري ، ولا ندخل في التفاصيل فشواهد مشاريع المطار والرابط الجنوبي وإقالة المحافظ وغيرها لاتحتاج الى أدلة ولايمين ، وهي شواهد لم تحرك ضمائرهم ولا هزّت شواربهم دفاعاً عن قدسية المدينة وفي ثراها سيد شهداء الجنة والصارخ ” هيهات منّا الذلة” والشهيد من أجل الإصلاح الإمام الحسين عليه السلام !
لم تحركهم ضمائرهم ولم نسمع أصوات صراخهم حباً وحناناً على قدسية كربلاء ، والمحافظة تعاني من نسب فقر وصلت الى 17% !!
لم يخدشهم تزايد اعداد المشردين والمتسولين في المحافظة المقدسة وقريباً من مرقد الامام الحسين ، ما إضطر العتبة الحسينية لإطلاق حملة جمع المتسولين ورعايتهم وكان ذلك عام 2019 الذي لم ينته بعد ..
لم يشعروا بالعار وهم يسمعون أزيز الرصاص الذي إغتال الكاتب والروائي المبدع علاء مشذوب أمام منزله وأيضاً في عام 2019 !
لم يناضلوا ويجاهدوا ضد من خدشوا قدسية كربلاء وهم يحمون الفاسدين والمفسدين ، وهذا كلام لاتجني فيه ، فنائب محافظ كربلاء الثاني علي الميالي ، قال في العاشر من كانون الاول 2017 ، ” أن الفساد الاداري والمالي وراء عدم اكتمال اغلب المشاريع الخدمية في كربلاء سيّما التربوية والصحية، وهناك حالات فساد أداري ومالي في أحالة المشاريع لبعض الشركات المتلكئة في التنفيذ وأن تلك الشركات المتلكئة تقف ورائها جهات حزبية وشخصيات سياسية تدعم هذه الشركات…” !!
وهذه الجهات الحزبية والشخصيات السياسية من داخل كربلاء المقدسة ، يمارسون فيها كل الطقوس الدينية التي يتسترون خلفها لسرقة المال العام !!
هنا يكمن التجاوز على قدسية المحافظة ورمزها التأريخي الامام الحسين ، وليس احتفالية في ملعب يبعد عن مركز المدينة سبعة كيلومترات ، حضرها أكثر من 30 ألف متفرج غالبيتهم العظمى من اهالي المحافظة كانوا سعداء وهم يتابعون فعالية الرقص والعزف على الكمان لانشودة موطني التي اعتبرها الصارخون تجاوزا على الحدود الشرعية والضوابط الاخلاقية، ذلك الوطن الذي زايدوا عليه وعلى شعبه حتى اصبح ماعليه الآن !
البعض منهم تلقى ، ولم يشاهد، نبأ الانتهاك الصارخ لقدسية كربلاء ، والبعض طالب بتحقيق لمعرفة الجناة والاقتصاص منهم ،لانهم بكل بساطة أرادوا ان يقدموا للعالم الوجه الآخر للعراق ، عراق الفن والثقافة والتحضّر ، وليس عراق النهب وسرقة المال العام ..يقدموا عراقا مختلفا خارج منظومة التطرف الديني على كل تنوعاته !
والسؤال الذي ينبغي أن يجيبوا عليه :
هل سيشمل التحقيق 30 ألف متفرج لم يحتجوا على فعالية فنية غاية في البساطة والجمال !

أحدث المقالات

أحدث المقالات