23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

بينما يشتد اوار معركة الموصل لتدخل مرحلة حاسمة، يكشف زعيم المجلس الأعلى السيد عمار الحكيم عن مشروع تبناه التحالف الوطني اطلق عليه بـ”التسوية التأريخية، وفي فحواها أنها إعلان عن تصفير المشكلات مابين مختلف المكونات العراقية.
وقد رد السيد المشهداني على هذا المشروع بأنه يجب أن ينتهي الى نتيجة مفادها أنه “لاغالب ولامغلوب” مابين “السنة والشيعة”، ثم تواترت ردود الأفعال وبلغة متشنجة كأنها تسبق مفاوضات وشيكة حول هذا المشروع اعتدنا على سماع هياجها مع كل حدث او اجتماع جديد كنتيجة طبيعة لصراع الأضداد الطائفي وفق نظرية “لاغالب ولا مغلوب”، واستمعنا أيضا كما العادة الى شروط تبادل على طرحها زعماء بارزون يتحدثون بأسم طائفتهم، بيد أن  الأحاديث لم تخرج عن دائرة “الغالب والمغلوب”.
لكن المفاجأة جاءت من لندن وعلى لسان السيد غسان العطية الذي كشف أن مشروع التسوية ليس مشروعا عراقيا انما وصفة أممية لحل مشكلات العراق المستعصية، استعانت بعراقيين  لكتابته، ثم عرضته على قوى عراقية وبينها المجلس الأعلى لذي اجرى تعديلات على النسخة الأممية وتبناها كمشروع مقدم منه الى التحالف الوطن وبغض النظر ما اذا كان علاج أزمة العراق يكتب بوصفة محلية او دولية فأن الغاية أن تلك الوصفات تحقق ماعجزت عنه سابقات جرى استهلاكها إعلاميا وأبرزها تلك الوصفة التي اطلق عليها “المصالحة الوطنية”التي احرقت ملايين الدولارات انتهت الى جيوب الفاسدين قبل أن يعلن احتلال داعش لأجزاء واسعة من العراق كذبتها الكبيرة.
ثلاثة عشر عاما من الدم والحرب والخراب كافية لتشخيص علة العراق سواء للمتابعين من الخارج أم لمن عاش هذه المحنة واكتوى بنيرانها. وليس اكتشافا او اجتهادا أن نقول أن أولى أسباب الأزمة العراقية هي الطائفية السياسية التي قادت الى مايسمى سياسة ” الغالب والمغلوب” وهو شعور أريد له أن يساور العراقيين على الدوام، لهذه العلة نؤكد على الدوام أن زعماء الطائفية سيعجزون ويفشلون كما فشلوا من قبل على ايجاد حل لأزمة الوطن لأن لغة المكونات وتحويل الوطن الى حصص ومغانم لن ترضي أي طرف وستنتهي في كل الأحوال الى شعور أحد الطرفين بأنه غالب والآخر مغلوب!.
إن أزمة العراق لن تحل بوصفة تبنى على المحاصصة الطائفية بل لابد أن ترتكز على حلول وطنية وأن مجرد نعت التسوية بالتأريخية أمر مبالغ فيه وسابق لأوانه ولنتائج التسوية المزعومة، فضلا عن أن زعماء الطوائف ليسوا مهئين لقيادة بلد آمن يشعر بالرفاهية والاستقرار والتسامح، فما يحتاجه العراق ليكون قويا آمنا مؤسسات وطنية ليس فيها اي مكان للطائفين والفاسدين تبدأ ببناء جيش وطني قوي وأجهزة أمنية واستخبارية وجهاز حكومي على مستوى متطور يؤمن أفراده بمهامهم ويؤدون رسالتهم الوطنية بلا أدنى تمييز، وعندما نبني بلدا قويا بجيش مهاب لايسمح لدول الاقليم أن تجعله مسرحا لعملياتها، يكون العراقيون جميعا بخير ولن يحتاجوا الى زعماء الطوائف أكثر من أخوة الوطن.