23 ديسمبر، 2024 5:50 م

لاعزاء لنا … فقط اعيدوا فتياتنا المختطفات

لاعزاء لنا … فقط اعيدوا فتياتنا المختطفات

ان المرء ليقف مذهولا ويصاب بالحيرة والدهشة وهو يرى انتشار قوات داعش وتكاثرهم بالانشطار كخلايا السرطان في الجسم ,حققوا نجاحات لم تكن متوقعة ليس بسبب تقدمهم العسكري فقط بل بسبب خلاياهم وحواضنهم الدفينة في كل مكان , وتساقط المدن العراقية الواحدة تلو الاخرى امامهم بسبب تخاذل وخيانة قادة ومسؤولي امن هذه المدن تاركين اقدار السكان والاهالي  الامنين ومصيرهم  بيد قوات ” داعش ”  الارهابية ,  اعداء الله واعداء الانسانية , يقتلون ويذبحون يخطفون ويستبيحون الاعراض يطردون ويهجرون الاقليات الدينية ليسلبوا وينهبوا ممتلكاتهم كغنائم حرب  .

 وحوش بشرية فقدوا انسانيتهم بممارساتهم الفظيعة وجرائمهم المروعة , يعيشون الجهل والتخلف بعقلية الجاهليين , يقومون بحملات ابادة جماعية تحت راية  ” لا اله الا الله ” حققوا نجاحات لم تكن متوقعة  وعلى مراى ومسمع الحكومة والمجتمع الدولي والمنظمات المدنية والانسانية ومفوضيات حقوق الانسان التي لم تحرك اي منها ساكنا ولاذوا بصمت مريب كصمت اهل القبور .

ويتكرر السيناريو القديم مرة بعد اخرى وتتعرض القضية اليزيدية (الايزيدية ) من جديد كحال بقية الاقليات الدينية الاخرى ” المسيحيين والصابئة  ” الى  الاضطهادات والانتهاكات والتطهير والتمييز العرقي والديني والمذابح والمجازر من قبل هذه المجاميع المتطرفة , ليستمر حزنا متوارثا منذ اجيال  , ضاربين عرض الحائط  كل المبادىء التي تدعو الى حرية الاديان والتعدد الديني والتعايش السلمي .

 تهجيرمتعمد ينتهجه هؤلاء الدواعش  ضد الاقليات الدينية في العراق , بلغت اقصاها باحتلالهم مدينة الموصل وخيروا اهلها المسيحيين بين اعتناق الاسلام اودفع الجزية او القتل او الخروج بملابسهم وامهلوهم بعض الوقت لتقرير مصيرهم .

وصولا الى احتلالهم قضاء سنجار بكل سهولة بعد تخاذل مسؤولها الحزبي وهروبه مع قواته “قوات البيشمركة ” المسؤولة عن حماية القضاء وامنه , وتركهم لمواقعهم واسلحتهم لقوات داعش وترك الاهالي وغالبيتهم من اليزيدية ” الايزيدية ”  دون سلاح او عتاد او قوات تحميهم ودون سابق انذار ,  تحت رحمة وبطش الدواعش المتعطشين للدماء والذبح ,  الفارين من عصور الجاهلية الاولى الى القرن الواحد والعشرين , ليجاهدوا بحرب ابادة شاملة لعشرات الالوف من الابرياء من النساء والاطفال والشيوخ العزل , يشردونهم ويهجرونهم ويقتلونهم ويهينونهم يهدمون مزاراتهم واضرحتهم الدينية المقدسة , دون ان يرتكبوا اي جرم سوى انهم متمسكين بهويتهم الدينية.

ان ما حدث في سنجار وقبله في الموصل لو حدث في اية دولة من دول العالم لتغيرت الموازين , ولاطيح بحكومتها في الساعات الاولى , ولعوقب القادة العسكريون المتخاذلين امام الراي العام باقسى العقوبات , كي يكونوا عبرة وعظة لكل خائن متخاذل .

 الا ان ما يحدث في العراق يمر مرور الكرام وكان سمعة العراق وشرفه ملك للجبناء والمتخاذلين , حيث لازال القادة المسؤولين عن انهيار المدن وسقوطها بايدي داعش والمسؤولين عما يعانيه الاف المشردين والنازحين في مناصبهم العسكرية وكان شيئا لم يكن الا هذا الامر تجاهلا للراي العام واستهانة بارواح  الضحايا وطعنا بسمعة العراق وشرفه العسكري .

نحن نعرف انه ممكن ان تحدث بعض الحالات والمواقف يتخاذل فيها فوج او فرقة او لواء , اما ان يتخاذل جيش باكمله مكون من عدة فرق والوية مساندة وقطعات متجحفلة,  فهذا امر مستحيل لايحدث الا في العراق .

 اكثر من 30 الف عائلة نزحت من ديارها الى الجبال محاصرين  دون ماوى يفترشون رمال وصخور كهوف جبل سنجار القاسية في ظل ظروف تعسة بلا ماء ولا شراب ولاحتى ابسط مقومات الحياة اليومية الضرورية في حرارة الصيف اللهاب وحرارة الجو التي لا تطاق مهددون بالموت يحتمون بالجبل   .

اطفال يموتون جوعا وعطشا لتعلن عن كارثة انسانية حقيقية , وتحت راية  ” لا اله الا الله “الداعشية ,  يروجون لتعاليم تشرع لقتل الانسان وتشرع لاغتصاب السبايا وتفرض الجزية وتصادر الممتلكات كغنائم حرب  , يزرعون الرهبة والخوف في كل مكان , يذبحون كل من لا يعلن اسلامه , اكثر من 500 شاب يزيدي تم ذبحه ,  فاما الاسلام او الذبح .

اما  المدن اليزيدية ( الايزيدية ) الاخرى فقد غادرها ابناؤها خوفا على عوائلهم وبناتهم ونسائهم من وحشية الداعشيين وهمجيتهم حتى خلت الديار من اهلها . ونزح عشرات الالوف من ديارهم  ليعيشوا كما هم دائما  “غرباء منفيين في وطنهم  “.

والحدث الاعظم هو خطف النساء واغتصابهن وبيعهن في سوق النخاسة والرقيق!!! هل يمكن تصور بيع نساء في القرن الواحد والعشرين ؟؟ . 

مئات الفتيات والنساء اليزيديات والمسيحيات والتركمانيات قيدت اياديهم واجبروا على لبس النقاب “اللباس الاسلامي الشرعي”  اقتادتهم داعش لبيعهم لمجاهدي النكاح كسبايا وجواري وفق شرع الله !!!!

باي حق واي منطق تختطف النساء لتباع كجواري ؟؟ هل نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين ام القرن الخامس والسادس ؟؟

كيف ممكن ان تمر هذه الجريمة التي تكشف عن وجود سوق لبيع البشر امام صمت الراي العام وتجاهله ؟ الا تعد هذه رسالة تهديد ارهابية للانسانية ؟

اين هي المنظمات الدولية والمدنية خاصة المنظمات النسائية  امام هذه الانتهاكات الجماعية لنساء الاقليات في العراق ؟ الا تعد هذه الجريمة اقسى انواع الانتهاكات الانسانية  ؟

ان ما نعرفه هو ان شرع الله انقى واسمى وارفع من تلك الممارسات الدنيئة , اما استعباد البشر وعودة السبايا والجواري وبيعهن في سوق العبيد فهي سوف لن تجلب الا النقمة والحقد لهذاا لشرع .

ان اي عاقل لايمكن ان يقبل بتلك التصرفات والممارسات مهما كان انتماؤه او دينه..

كيف يعقل ان يتم السكوت على هذه الجريمة النكراء وكيف لا تتحرك المنظمات المدنية ازاء جاهلية القرن الواحد والعشرين الا تستحق هذه الكارثة المسؤولية الاخلاقية لادانتهم وايقافهم عند حدهم؟

لماذا يسعى الداعشيون الى افراغ البلاد من اهله واقلياته الاصلاء ؟

 من نصبهم ليكونوا وكلاء الله على الارض ؟

ومن قال ان دينهم افضل الاديان ليفرضوه على الاخرين بالترهيب ؟

يقول د. علي الوردي  “ان الله اعدل من ان يختار لنفسه فريقا من الناس دون فريق “

فلماذا اذن يجبرون غير المسلمين على اعتناق الاسلام وبالقوة ؟

لماذا يريدون افراغ البلد من اقلياته ؟ ولماذا هذا الصمت الحكومي وكأن مايحدث في بلد اخر وليس في العراق؟

اما مايقال ان هؤلاء الدواعش لا يمثلون الاسلام , وان المسلمين ايضا يتعرضون للقتل , لهو تهرب واضح من المسؤولية اما اضطهادهم للمسلمين الشيعة فهو اضطهاد سياسي لا ديني .                        

متى يستيقظ الضمير العالمي وسنجار تذبح من الوريد الى الوريد؟

نكون او لا نكون فالتحديات التي نواجهها في ديننا ووجودنا كثيرة.

رغم كل المصائب والويلات سيبقى اليزيديون ” الايزيديون ” متمسكين بدينهم وسيبقى ابناء هذه الديانة شامخين امام موجات الاضطهاد العنيفة , ليؤكدوا للجميع ان ديننا  قوي بايماننا , اليس سر بقاؤنا الى الان رغم كل الفرمانات دليل على قوة ديننا ؟

تحية امتنان وتقدير لابطالنا الرابضين في جبال سنجار وهم يدافعون عن اهلهم وحمايتهم من هجمات الدواعش باسلحة بسيطة ولكن بقلوب مؤمنة قوية  , اسود الجبل الشجعان الذين تحملوا العناء والمشقة والعطش والجوع دفاعا عن دين طاووس ملك , اثبتوا ان الرجولة هي مواقف شجاعة في ايام الشدة , وعلى الاخص الهمام الشجاع ” قاسم ششو ” الذي ضرب بمواقفه اروع صور البطولة والشجاعة .وتحية ود وعرفان للنائبة الرقيقة ” فيان دخيل  ” التي ابكت العالم معها واوصلت معاناة اهل سنجار الى الراي العام .

نتضرع الى الله ان يسكن شهداؤنا فردوسه نالوا الشهادة لانهم ابرياء ,والصبر والسلوان على هذه المصائب لجميع اهلنا في العراق . نحن معكم في الاحزان وليس لنا الا الدعاء بازالة هذه الغمة عنكم سريعا. اعذروا عجزنا فلو كنا قادرين على التغيير لفعلنا دون تفكير .