23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

يحكى انه في عام 1870 دخلت الدولة العثمانية في حرب مع روسيا القيصرية، واحتاجت آنذاك للكثير من الاموال لتمويل المعارك، فعينت على كل ولاية تابعة لها مبلغا من المال، ومن تلك الولايات جزيرة رودس، فقد وضع العثمانيون 50 الف ليرة على هذه الجزيرة، وكان واليها درويش باشا قد ابتكر طريقة لجمع المال، فقام بجلب سخل ووضع له عنانا وسرجا، وجمع علية القوم من المسلمين وسألهم: هل هذا حصان ام سخل؟ فاجاب الجميع انه سخل، فغضب وغرمهم مبلغا كبيرا وهددهم بالسجن، فجمعوه، وبعد ايام جمع علية المسيحيين، وسألهم: هذا سخل ام حصان؟ فاجاب الجميع انه حصان، فغضب وعربد وغرمهم مبلغا كبيرا، ثم جاء دور اليهود وبلغهم الخبر بتفاصيله، فجمع كبير الحاخامات مبلغا وحضر مع اصحابه، فسألهم الوالي: هذا سخل ام حصان؟ فتقدم كبير الحاخامات والقى المال بين يدي الوالي وهو يقول: هذا لاحصان ولاصخل، هذه بلوى نزلت علينا من السماء، والناس في العراق الآن حائرة هي الاخرى وتفكر في داعش، من هي داعش؟ من اين جاءت؟ متى خلقت وتحت اي ظروف، وكيف انها تتمتع بقوة عشر دول مجتمعة؟ ما مصادر تمويلها، وهل هي حركة ثورية سنية ام شيعية؟ سعودية ام اميركية ام اسرائيلية ام عثمانية؟، كيف تسنى لها ان تترك الكرد ينعمون بالامان؟ وهي على حدود الاقليم؟، ماهي التنازلات التي اعطاها مسعود ليحظى باحترامها؟ كل هذه الاسئلة مشروعة وتحتاج الى اجوبة شافية.

ربما يكون جواب اليهود هو من احسن الاجوبة : فهي ليست سنية ولاشيعية ولاكردية، واميركا واسرائيل والسعودية نفت مسؤوليتها عنها، وعلى هذا الاساس فهي بلوى كبيرة قد وقعت على العراق من السماء، فهي تحرق وتقتل وتغتصب وتهجر وتصلي وتبايع، وتكفر، وتحتل، وتقيم الحدود ، تجلد وترجم وتجاهد جهاد النكاح، وعاثت في الارض فسادا، المحزن في الامر هناك الكثير من الاغبياء انطلت عليهم اللعبة باسم المذهب، فصاروا جواسيس لداعش وممن يروج لها الانتصارات الوهمية، فانفرد مكون واحد بمحاربة هذه الحركة، مع مساعدات بسيطة من مكونات اخرى عراقية لاترقى الى مستوى وضع اليد باليد للقضاء على هذه الحركة.

من المؤكد ان الشيعة في العراق اغلبية ويستطيعون من خلال تخندقهم في مناطق محددة حماية اقليمهم اذا جازت التسمية، ولكن هل يجوز لنا ان نفكر تفكيرا مناطقيا ونترك العراق، هذا هو الامر المهم في اللعبة، لعبة التقسيم التي ستولد على يد داعش، لم تضغط اميركا باتجاه التقسيم حين احتلت العراق، ولكنها طرحت قضية الاقاليم التي لم تطرأ على بال احد من العراقيين، وتركتها تنضج في اذهان الناس ورحلت، وبعد ذلك اعادت الى الاذهان مشاريع تقسيم كبيرة وقديمة فانعشت الذاكرة العراقية اعلاميا، وصار السياسيون يطالبون بالاقليم، لان اميركا وضعت انموذجا مختلفا امام انظار الشعب فكانت كردستان الانموذج الذي يوفر الحماية والامان والانعاش الاقتصادي عكس المناطق التي تحاول ان تتمسك بوحدة البلاد، فكانت المفخخات واعمال القتل من حصة المحافظات المختلطة مثل ديالى وبغداد، وكذلك حصة مفروضة على كركوك التي بقيت معلقة ولم يحسم امرها، ومن حصة الانبار وصلاح الدين ونينوى، وارادت اميركا ان تري هذه المحافظات الموت، لترضى اخيرا بالصخونة، ونتيجة لتأخر الاخوان في اقرار التقسيم وتلكؤ البعض وظهور حركات وحدوية استعجلت اميركا الامر فكانت داعش البلوى التي هبطت على الناس ليقبلوا بمصير مرسوم اميركيا، مايعني ان داعش اميركية مئة في المئة، وهي ليست سخلا ولاحصانا، اما العرب من الذين صاروا ذيولا فهؤلاء يتبعون مصالحهم، ويساعدون على عمليات القتل ان كانت في سوريا او العراق.