ما زالنا متأثرين بفكرة وثقافة عبادة وتقديس الأصنام , رغم اننا في عصر القرن 21 , الاصنام التي نعبدها ليست حجرية بل بشرية , صنعناها بايدينا واعطيناها اسماء .قد يستغرب احد كيف يصنع صنم بشري ؟! نقول له يمكن صناعة اكبر صنم بشري بالافكار والعقول, فالصنم لا يوجد من العدم , فنحن الذين نصنع اصنامنا البشرية نصنعهم من الخوف الذي سكن في قلوبنا وبالشك التي تغلب على عقولنا وبالخنوع الذي هيمن على شخصيتنا وبالكسل الذي اقعدنا ، اما المروجون للاصنام البشرية فهم الانتهازيون والنفعيون والناعقون مع كل ناعق والذين قالوا بالامس لصنمهم اذا قال صدام قال العراق فاختصروا العراق بصدام , واليوم يصرخون لساسة فاسدين وظالمين علي وياك علي فهؤلاء نراهم يقفزون من صنم الى صنم حسب نوع العرض وقيمة الفائدة .
بمقارنة بسيطة بين الاصنام البشرية والحجرية , نرى الاخيرة اقل وقعا واثرا على الناس لانها لا تجبرهم ولا تخيفهم ولاترهبهم باتباعها عكس الاصنام البشرية الذين كلامهم يكاد ان يكون مقدسا وامرهم يجب ان يكون مطاعا على ما تهوى به أنفسهم فهم لا زالوا يرموننا قهرا في خنادق الشر ويسومننا سوء العذاب بقطع الأعناق وتضييق الأرزاق ولا يزالون يصنعون لأنفسهم معابد يؤمها الناس تسمى أحيانا احزاب واحيانا برلمانات وأحيانا كتل وبتعبير ادق انهم نخب السلطة والمال.
اخيرا لا يحق لنا أن نشتكي من عبادة الصنم لاننا نحن من صنعناه فاذا اردنا التخلص من العبودية فعلينا التحلى بالشجاعة والتمرد على الواقع الفاسد بالتغير بدءا من النفس بقتل الخوف الساكن في قلوبنا والأوهام التي تخدعنا ، ومتى ما تغيرنا حقا واستبدلنا الخوف بالشجاعة والذل بالأنفة والتعصب بالتسامح والجهل بالمعرفة فلا سبيل عندئذ لاطاعة الصنم ولا مكان له أن يعيش بيننا.
نحن ننتظر اليوم الذي تسقط فيه كل الأصنام البشرية بمختلف مسمياتها , ومحاسبتهم على ما اقترفوه بحق شعبنا , نتمنى هذا اليوم ان لا يكون بعيدا .