لا نتعجب من هول المشکلة الکبیرة التی یعانی منها العراق وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر بها مجلس النواب بهذه الخلاعة والفضيحة وعدم حسم موضوع الوزارات الشاغرة،وفي مقدمتها وزارة الدفاع والداخلية، وحصرها لهذه المدة الطويلة بيد رئيس الوزراء، حيث كبرت مهماته حتى لا ينوء بها أكبر عبقرية سياسية. الاسباب بعضها قريب وبعضها بعيد، وربما بعضها مترتب على بعض، أو مشتق من بعض، ولكن يمكن اعتبار كل منها على حدة، أي سببا قائما برأسه، وهي ان الكل متشابك مع بعضه، ومن الصعب تجزئته….سوف تبقى الامور هشة،و قضية الامن في العراق قضية بنيوية شاملة، ومعالجتها تحتاج إلى جهود جبارة تشارك بها كل أجهزة الدولة ذات العلاقة في مقدمتها الوزارات الامنية ، والقضاء على هذه الخلية الارهابية أو تلك لا يعني حلا جذريا مادام هناك خلل في التركيبة ولها اجنحة في العملية السياسية ، إن الازمة السياسية العراقية في الأيام الأخيرة ، تؤكد بما لا يقبل الشك أن مسار العملية السياسية نحو الانحداروليست نحو الاصلاح كما يطبل لها البعض والاختلافات بين الفرقاء في ما يسمى العملية السياسية عامل مهم في بقاء الوضع غير مستقر و بقيت الكتل المختلفة تراوح مكانَها منذ إعلان نتائج الانتخابات العراقية البرلمانية الاخيرة رغم مضي اكثر من شهرين على الاعلان عنها دون الوصول الى نتيجة تحمد عليها ، إذ لم تنجح بالاتفاق على تشكيل الكتلة الاكبر التي ستكلف بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلا وفق مفهوم “هاي الك وهاي الي ” ، وليست وفق الدستور العراقي ويسكت كبار الساسة من الكلام عنها لانهم المنتفعين الاساسيين من هذه الاوضاع المزرية وبقاء الاجتماعات مبهمة وعلى لسان زعامات سياسية وأعضاء في البرلمان ومسؤولين ومراقبين للوضع السياسي في العراق، بوصفها المسؤولة عن الأزمات ،المشكلة التي تعودنا عليها بعد عام 2003 إن بعد كل انتخابات تثارمشكلة سياسية تعصف بالعراق تسمى تشكيل الحكومة والتي انا اطلق عليها ( سوق هرج ) لتقسيم المناصب ، أواي خلل يصيب توازن مصالح الأحزاب في ما بينها، تظهر قوى تلعب على وترها وتثير المخاوف وتتحول إلى منصة لنشرالتهم والتراشق بين القوى السياسية فيما بينها . ويثير هذا الأمر تساؤلات حول حقيقة وجود مجموعات وجهات سياسية معينة، هي التي تروج لهكذا أنباء كاذبة وتحاول ابراز عضلاتها وتكشرعن انيابها بمشاركة كتل اخرى تستغل الظروف لتثبيت مكانتها السياسية وتوسيع قواعدها الشعبية ، بهدف ارعاب الخصوم والحصول على اعلى المكاسب باسم الوطنية وتحاول تحريك الشارع لصالحها ولا وجود لمثل هذه القدرة في الوقت الحالي تمكنها من تنفيذ المهمة وقد سبق وان مرت ھذه التجربة بأدوار متعددة من مراحل التزویر والتغییر والتحكم بأتجاه نحو مصالح الذات النرجسیة المتحزمة لذاتھا بشدة فلم تنفع الأسماء والمسمیات والدرجات والنفوذ والسلطة والسماحة في الوصول الى الاهداف والغاية ونحو النزول للصراع
فكان العراق كما يقول الشاعر:
ارض العـــــراق عزيزة لا تنحـــــني
والنار تحــــرق هجـــمة الغــــــــرباء
و تم القضاء عليها بعد حين فقط وكانت الغاية منها الضغط على القوى المتخاصمة لتقديم التنازلات وتروج عن انها تتحدث باسم الجماهير ومطاليبهم وهي في الحقيقة لاتزيد عن كونها تبحث عن مكاسب وامتيازات وتهدد بتحريك الناس وبعيدة تماما عن قدرتها لتحقيق هذا المفهوم إلا بشكل جزئي وتعود العراقيين عليها ولانه لايمكن اغفال قدرة الحكومة لردعها خاصة بعد التجارب السابقة فيما اذا ابتعدة هذه التصرفات عن السلمية ومن حقها اي الحكومة ان تحافظ على امن المواطن والامن العام ولا تسيب الامور بيد من هب ودب وعلى مجلس النواب إصلاح العملية السياسية من خلال تغيير نظام الانتخاب في العراق الى رئاسي والأخذ بنظام التمثيل الجغرافي المباشر والذي يسمح بانتخاب مرشحين ينتمون إلى مختلف التوجهات والأعراق مما يكفل تشجيع التوصل إلى حلول اصيلة وحقيقية من قبل اعضاء مجلس النواب من اجل تقديم افضل الخدمات للجماهير التي اوصلتهم على امل التغييرلا المزايدة على
حقوقه وإجبار المشرعين العراقيين على الاهتمام بمصالح الناخبين وليس بمصالح الحزب أو القائمة أو التكتل الانتخابي و التعامل مع المشاكل الهيكلية في الاقتصاد بحيث يتمكن من توفير عائدات للشعب العراقي بدون الاعتماد على مساعدات خارجية ضخمة و الأخذ بنظام جديد لتوزيع عائدات البترول العراقي على تمويل نفقات الأمن القومي والسياسة الخارجية والمالية والنقدية والوظائف الأخرى للحكومة الفدرالية، وتطوير مرافق البنية التحتية، وتوزيع أنصبة مباشرة على الحكومات المحلية بحسب نسبة عدد السكان .. ولكن مادامت الكتل السياسية غير مهتمة إلا بمصالحها ، وما دام الصراع بين هذه الكتل مصلحيا حزبيا، وليس بمثابة تنافس شريف من أجل العراق وشعب العراق، وما دام بعض المسؤولين الكبار متغلغلين في عمق الدولة من جهة وعلى علاقة عضوية بالإرهاب فكرا وممارسة، ومادمت الخدمات متردية و متهالكة سوف تبقى الامور على علاتها والخيار للشعب …