بعد ان فسدوا في الارض وافسدوا وسرقوا اموال الناس ونهبوا وخربوا الطرقات وكسروا الارصفة واكثروا مدارس الطين ومستشفيات الكرفانات ومطارات الاكواخ ..بعد دفع البلد الى تذيل قوائم التصنيف العالمي في كل شيء .. وبعد ان اعملوا الناس بعضهم ببعض وصار القتل على الهويه …وبعد ان اعتملوا لدول الجوار ولدول القرار ولدول الحصار ولدول المزار ..وبعد ان زوروا الانتخابات واعادوا انتخاب انفسهم ..وبعد ان قطعوا مدن البلد الواحد وجعلوا الناس غرباء في مدنهم ولايتزاورون ..بعد ان لم يعد لدينا استاذ كفوء او مهندس مبدع او طبيب بارع الا ماندر وهرب الباقون وافشلوا الجامعات التي تخرجهم حتى ماعدت تعرف الرجال من النساء الا بالفحص الفيزياءي ..وبعد ان هرب من جحيمهم الفنانون الجادون والتشكيليون البارعون ..بل وحتى المطربون ..وبعد ان ارهقوا الناس بمراجعة ومتابعة شؤونهم في الدوائر حتى صار المرء يخشى ان يكون له شغل ينجزه في دائرة حكوميه ولو كانت اموال يدفعها من تعب جبينه كضريبه لتدخل الى ميزانية الدوله المنهوبه المسلوبه المهانه على ايديهم والذاهبة في مهب الريح ..بعد ان ضحكوا علينا واضحكوا العالم علينا ..جاء دور اللغة العربيه والخطابة والتحدث على منابر الاعلام ..لتكون آخر ماينهبونه منا ..فلم يبق لدينا غيرها ..فما عدت تسمع عن العراقيين باي شيء في محافل الدول ولاحتى لعبة الشطرنج ….لم يبق لدينا الا بعض الاخوه العرب الذين يحبون العراق ويبكون على مجده الضائع ..فيقولون مفاخرين وفخورين ومحبين ..(نعم اهل العراق ، اصل اللغه العربيه ونحوها وصرفها وقواعدها ) العراق من المتنبي الى الجواهري ..العراق من الخليل الفراهيدي الى فاضل السامرائي ..لم يكن قد بقي لدينا شيئا نقتات على مجده المتبقي لنا الا هذه اللغة ومكوناتها وبيانها وسحرها وقد من الله علينا بشعراء احياء وادباء نجباء وعلماء اتقياء ..ولكنهم ابوا الا ان يخربوا كل شيء ويهدموا كل شيء ويشوهوا كل شيء ..فصاروا يخرجون علينا وعلى العالم عبر القنوات التي صارت نقمه تنشر بها فضائحنا ونخجل امام الامم والاشقاء ..وكانهم لايدرون ان الذي يريد ان يتحدث للجمهور او الاعلام ان كان شخصية عامه …فانه يستشير ويقرا ويتدرب كتلاميذ الثانويه من قبل مختصين في هذا الشان الى ان يحفظ الخطبة التي تكتب له غيبيا او يتقنها لفظيا حتى لايخرج الى الناس متلعثما او لينتدب احدا يتحدث نيابة عنه ..ولذا اخترعوا شيئا اسمه (الناطق الرسمي ) ليداري مالاتحمد عقباه …وهذا ما يفعله المتمكنون نسبيا من لغاتهم وبيانهم في كل بلدان العالم ..فمابالك بالذي يدري انه لايعرف شيئا من لغته ولا اصولها ..وجاءت به الاقدار ومصائب الزمن وهو لايحسن ان يفك الخط او يقرا سطرا ..ليتسيد على بلد البصرة والكوفه ..وليقول للجمع من الحاضرين : ولاتفسدو في الارضو ..”!!
الا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ” ..صدق الله العظيم ..
اللهم اجرنا في مصيبتنا يارب العالمين