18 ديسمبر، 2024 9:18 م

لاتخلطوا بين الرشوة والفساد لاتخلطوا بين الرشوة والفساد

لاتخلطوا بين الرشوة والفساد لاتخلطوا بين الرشوة والفساد

نتحدث كثيرا عن الفساد. قد نكون اكثر شعوب الارض ابتلاء بالفساد وحديثا عنه. سياسيونا ومن اعلى المستويات الى ادناها لا يكلون ولا يملون من الحديث عن الفساد. وسائل اعلامنا المسموعة والمرئية والمكتوبة والفيسبوكية لا هم لها سوى الحديث عن الفساد. مواطنونا الكرام لا شغل لهم ولا “مشغلة” غير الفساد. لجان النزاهة وهيئاتها والقوى والاحزاب والجمعيات والتجمعات والندوات والمنتديات نذرت نفسها هي الاخرى للحديث عن الفساد. منظمات الشفافية العالمية تركت كل الدنيا و”خلت كورها وكور” الفساد عندنا. في ضوء هذه “الفزعة” فان المفروض ان تنتهي قصة الفساد عندنا في غضون 24 ساعة. لكن ما يحصل عكس ذلك تماما. فالفساد بشخوصه ومؤسساته ومافياته غيرمعني بكل هذه القصص. الامر بالنسبة له مجرد زوبعة في فنجان.    
قد يتساءل البعض .. لماذا؟ الاجابة من وجهة نظري هي اننا جميعا بكل من عددت من جهات داخلية وخارجية لا نفرق بين “الفساد” وبين “الرشوة” وبينهما “الخاوة” التي لم يلتفت اليها احد حتى الان. والخاوة هي التي جعلتني اصدر ذات يوم فتوى للتفريق بينها وبين الرشوة. وقصة فتواي هذه طريفة ولطرافتها سارويها لكم. قبل سنوات اوقفت سيارة اجرة. وما ان اتخذت مكاني الى جانب السائق حتى بدأ “يدردم” شاكيا من احد رجال المرور ممن اجبره على دفع رشوة وهي حرام وانه رجل مستقيم, صائم مصلي ولا ياكل حرام. وقبل ان اساله عن السبب الذي جعله يدفع رشوة لرجل المرور قال انه اخذ مني “سنوية” السيارة دون وجه حق بل لاجل الابتزاز فقط. ولاني اعرف انه اخذ السنوية من اجل ان ادفع له حتى يعيدها فقد اضطررت لدفع ما يسمى “المقسوم” ثمنا لاعادتها.
ولما وجدت الرجل مقهورا جدا لدفع الرشوة فقد استنفرت كل قدراتي “الفقهية” لكي اقول له .. ومن قال لك انك دفعت رشوة؟ صوّب الي الرجل نظرات حادة قائلا.. وماذا تسمي ما قدمت  اذن؟ اجبته بكل ثقة بالنفس وكانني مفتي الديار السنغافورية ان ما دفعته “خاوة” وليس رشوة. بقي الرجل ينظر الي وقد عادت شبه ملامح الارتياح الى  وجهه مما شجعني على المضي في ترسيخ فتواي الجديدة حيث قلت له ـ لا فض فوي ـ  ان هناك فرقا بين الرشوة وبين الخاوة. فالرشوة حين تقدم انت على دفع  مبلغ من المال من اجل تمشية معاملة لك فيها نواقص او خارج اطار القانون. اما الخاوة فهي حين يوقفك شرطي المرور على قارعة الطريق وياخذ منك سنوية سيارتك بدون سبب او لسبب تافه يخترعه هو لتبرير الفعل فانه يجبرك عنوة على استرجاع حق مضاع لك بدفع مبلغ سيتحول الى نار في بطن سارقه الرسمي منك. فانت لاتستطيع السير في الشارع بدون اهم مستمسك للسيارة وهو السنوية. الخلاصة ان ما يجري عندنا اليوم هو محاربة الرشوة وليس الفساد. فبين فترة واخرى تصدر هيئة النزاهة بيانا يتضمن ضبط  موظف متلبس بالرشوة واحالته الى القضاء. لا احد يقول ان الرشوة ليست فسادا. ولكن ما زال الحديث عن الفساد وصفي فقط حتى من قبل كبار المسؤولين. فلم “يضبط” لنا الدكتور احمد الجلبي او السيد بهاء الاعرجي احدا ممن يتهمونهم بسرقة 700 مليار دولار او 1000 مليار. واذا كان ثمن الفساد كل هذه الارقام المهولة دون كشف فان ثمن الرشوة او حتى الخاوة لايزيد احيانا عن .. نفر معلاك نص ستاو .