18 ديسمبر، 2024 8:14 م

لاتختزلوا حياة الامام علي (ع) بالسيف وعلم الغيب

لاتختزلوا حياة الامام علي (ع) بالسيف وعلم الغيب

لكل مقام مقال واعتدت ان اسمع يوم الجرح وحتى الاستشهاد ضربة علي يوم الخندق وصوائح تتبعها نوائح وفزت ورب الكعبة وتهدمت اركان الهدى ، وبينها عبارات التمجيد وعلم الغيب وما الى ذلك .

هذا الذي قلتموه حقيقة لا غبار عليها ولكن هل ان الامام علي عليه السلام عرف بالسيف وعلم الغيب ؟ وعندما تقرا ونقرا سيرته في كثير من المواقف التي تعرض لها كان يستطيع ان يحسمها بالسيف او يتجاوزها بعلمه الغيبي ، ولكن لم يفعل ؟ رجاء لا اريد تبرير فلسفي لهذه المواقف ، الامام علي عليه السلام جاء ليفرض علمه لا ليفرض سيفه او شخصه ، لا تختزلوا حياته بهذه الامور فان الاثر السلبي الذي نتج عنها ينقسم الى شقين ، الاول سمح للغلاة بان بالهوا الامام علي عليه السلام ووضع قصص خرافية اختلطت بالحقيقة فجعل التشكيك ياخذ محله وسمح للنواصب بالرد والتكذيب ، الشق الثاني هذه الامور ( السيف وعلم الغيب) جعلت المربين والاباء والفقهاء عندما يريدون من الشباب الاقتداء بالامام علي عليه السلام فانه سرعان ما يرفضون هذا الامر على اعتبار ان الامام علي لا يمكن لنا ان نقوم بما قام به ، نحن لا نقول ان تكون مثله وهذا محال بل هنالك مواقف ونصائح للامام علي عليه السلام صدرت منه للنهوض بالامة ولتقويم اخطاء الامة انت وانا الامة المقصودة بذلك فعلينا الامتثال الى ذلك ، والا الامام علي عليه السلام تزوج وكون اسرة وكان يعمل ويعطي ويتاجر ويستقرض ويعفو وكل هذه الامور نحن قمنا بها في حياتنا حتى تكون على الوجه الصحيح هو دراسة سيرة الامام علي عليه السلام بهذا الشان وبقية شؤون حياتنا لنمتثل بها ونتجنب الحرام .

لاحظوا المفكرين الغربيين عندما يقراون سيرة الامام علي عليه السلام عن ماذا يتحدثون ؟ يتحدثون عن عدالته عن علمه عن ثقافته لا يتحدثون عن القاسطين والمارقين والناكثين ، نعم انه تاريخ لا يمكن ان يُغيب ، ولكن الظرف المتمثل بالوضع الثقافي والاجتماعي والديني اليوم يحتم علينا اختيار ما يلائمها من ثقافة امير المؤمنين عليه السلام . لاحظوا علمانيي شمال افريقيا بالتحديد يضعون منهاج ابن تيمية وكتب الصحاح على مشرحتهم لينالوا من الاسلام حتى ان احدهم دكتور علماني من المغرب عند مناقشتي له سالته هل اطلعت على نهج البلاغة وليكن لمحمد عبده باعتباره سني فاستغرب وقال لم اسمع به، هنا ياتي دور المثقف ووسائل الاعلام والخطيب في تسليط الضوء على سيرة الامام علي عليه السلام بما يتفق والوضع الراهن .

عندما يعلم الاخر منزلة الامام علي عليه السلام ستكون دموعه الساقطة على مقتله تسقط بحرقة مغلفة بالمشاعر الجياشة لهذا الوصي المظلوم الذي ترك الدنيا وبما فيها ولم ياسف عليها ، عندما تستانس بحِكم الامام علي عليه السلام تامل فيها جيدا واجعلها دستور في حياتك ليس فقط قراءتها وترديدها لانها ستكون حجة عليك يوم القيامة عندما لا تعمل بها .