الناس يلجأون الى الله حين تشتد عليهم الحياة بضرباتها الموجعة وفواجعها، ويتناسونه حين يعيشون في بحبوحة وترف، فلايكون لهم من شغل معه، وحين يدعونه فإنهم لايثقون إنه سيستجيب، وكأنهم في حال من الإختبار، وكأنهم يختبرون قدرته، أو يحاولون معرفة ماإذا كان سيستجيب لهم، أم لا؟ والواضح إن الرب يريد أن يسمع لدعاء الناس الواثقين منه، لا الشاكين فيه، فهناك من يذهب الى رجل غني طمعا في ماله، أو ليستجلب عطفه لعله يعطيه شيئا منه، وربما أراد الإقتراض منه وهو يعرف إن الرجل الغني يملك مايكفي من النقود، وإنه لو أراد فسيعطيه، ويريد الله من الناس أن يدعونه ثقة في عطائه وقدرته. فالرب لايختبر لأنه فوق ذلك.
الذين يعاندون رجال الدين ويكرهونهم ويتهمونهم بالترويج لخطاب الكراهية والتحريض، أو بإستغلال الدين لتضليل العوام وكسب المال والجاه والسلطة والترويج لأفكار ومذاهب تقوي نفوذهم وترسخ سلطتهم هولاء يبتعدون في تطرفهم، ويرفضون كل مايجري الحديث عنه من مرويات ومن آيات وأحاديث دينية عن الجنة والنار والعقاب والحساب، والبعض منهم يتحدث عن سفاهة رجال الدين لأنهم بزعمهم يسيئون الى الرب الذي لايمكن أن يكون متوحشا الى هذه الدرجة، ويعامل الناس بقسوة متناهية، فيحرق جلودهم في النار، ويعذبهم بشدة.
واضح تماما إننا نتخبط كثيرا خاصة ونحن نجهل أشياءا تغيب عنا، ولانعلم كنهها، وتتستر بالغموض الذي يضعف قدرتنا على الوصول الى المعرفة الكاملة، ولاندري مايخبؤه لنا القدر، وكيف هي حالنا بعد مغادرة هذا العالم، فنتوجه الى بعضنا بالتشكيك والتساؤل والإستنكار والإتهام، فنحن وهم لانعرف إلا القليل القليل، وربما كنا في الحقيقة لانعرف شيئا، ولكنها المكابرة الفارغة خاصة ونحن منشغلون بالدنيا والحصول على المال والسلطة والنفوذ والتعالي على الآخرين من بني جنسنا الذين يبدو عليهم الضعف وعدم القدرة عندما يواجهون الحقيقة، ولكنهم أقوياء حين يشبعون من الطعام، وحين يكتنزون الأموال، وتتوفر لهم المناصب الرفيعة، وفي ذلك يقول الرب ( إن الإنسان ليطغى إن رآه إستغنى ).
يتيح الرب مساحات مكانية وزمانية هائلة لمخلوقاته لتمارس موبقاتها وتفاهاتها ورعونتها، ويضع القوانين الطبيعية التي تحكم حركتها وطموحها، ولديه القدرة الكاملة على العفو عن المخطئين منهم، ومسامحتهم وتكريمهم، والأفضل إذن أن لانختبر الرب، فهو لايعبأ بذلك.