ألحالة الإقتصادية المتردية التي تمر علينا جائت نتيجة أسباب عديدة معروفة ومشخصة من الجميع لعل أهمها إنخفاض أسعار النفط العالمية وسوء الإدارة الحكومية لجميع الملفات ومنها الملف الإقتصادي وانتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة, وأنا هنا لست بصدد مناقشة هذه الأسباب ألتي أوصلتنا الى هذا الحال ولكني أريد القول بأن المواطن العراقي لم يكن أحد هذه الأسباب لامن قريب ولا من بعيد, فمن المنطق والعدل أن لايتحمل وزر أخطاء غيره ولايدفع ثمن جُرمٍ لم يقترفه, لكن المؤلم أن هذا هو مايحدث على أرض الواقع فالسياسي يُخطيء ويَسرق ويُفسِد والمواطن يدفع ويعاني ويتألم يومياً, فمن النقص في جميع الخدمات الرئيسية الى نقص في القدرة الشرائية وانعدام فرص العمل وتقليل في الرواتب وارتفاع في الأسعار والايجارات ورسوم جديدة مرتفعة في جميع مفاصل الحياة فأين مايذهب المواطن يجب عليه أن يدفع ويدفع وكأنه يمتلك خزائن قارون, فهل هذا هو العدل؟
ماأستغربه هو موقف الحكومة التي ركزّت كل عبقريتها ودهائها ومكرها في جانب واحد هو كيفية تقليل العجز في الموازنة وكيفية الحصول على موارد جديدة للميزانية وماهي الإجراءات والتعليمات التي يمكن إصدارها لتحقيق هذا الهدف الأوحد ولم تفكر ولو لمرة واحدة بأن جميع هذه الإجراءات التي شرعت الوزارات والمؤسسات الحكومية بتطبيقها فانها تستحصل الأموال من المواطن المسكين, في الوقت الذي يجب على الحكومة أن تضع المواطن في صدارة أجندتها واهتماماتها وتفكر ألف مرة في السبل الصحيحة التي يجب اتخاذها لتخفيف العبأ عن كاهل المواطن ومنها العمل على اتخاذ إجراءات سريعة لخفض أسعار المواد الضرورية لحياة المواطن ومنها الغذائية والصحية وخفض أسعار النقل وبدلات الايجار وأسعار المحروقات التي تم خفضها في جميع بلدان العالم بسبب انهيار أسعار النفط, ولكن المواطن العراقي لازال يشتري البنزين والكاز والنفط بنفس الأسعار المرتفعة.
أقول للحكومة وللطبقة السياسية برمّتها لاتجعلوا المواطن شمّاعة تعلقون عليها أخطائكم, وعليكم اتخاذ الإجراءات السريعة وايجاد الحلول الناجحة لتقليل الضغط الكبير الذي يعانيه المواطن في رحلة معاناته اليومية للحصول على لقمة العيش وعليكم إدراك حقيقة دامغة قد تكون غائبة عن أذهانكم وهي أن الأزمة الإقتصادية الخطيرة التي يمر بها البلد لايمكن تخطيها بسلام إلا بضمان تعاون المواطن مع الحكومة وإذا أردتم ضمان هذا التعاون عليكم بإثبات حسن نيتكم معه والعمل على إعادة بناء جسور الثقة معه والتي تهدّمت وأصبحت مفقودة بالكامل نتيجة الكم الهائل من الظلم الذي يتلقاه يومياً منكم وعلى أيديكم ونتيجة الفساد الذي استشرى وفاحت رائحته في كل مكان ونتيجة الرفاه والرخاء الذي تعيشونه أنتم والفقر والجوع والعوز الذي يحياه المواطن.