11 أبريل، 2024 4:28 ص
Search
Close this search box.

(لا)أخلاق السياسة ..حقيقة أم مبالغة؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقال دائما ، وقد اصبح شائعا بعد عصر التثقيف العولمي بسبب النت الذي جعل الثقافة هجينا وخليطا من الحابل والنابل والحق والباطل والاصيل والناقل ،،يقال ان السياسة تعتمد على المصالح وليس الصداقة !وان كان الامر لايتعدى ذلك فلابأس، وألف السيء الصيت ماكيافيللي كتابا في ذلك ودوّن داهية الالمان بسمارك ملاحظات حول ذلك
وفعل ثعلب الامريكان كيسنجر ما يبرهن ذلك ..وكان لعمرو بن العاص وعبد الملك بن مروان وغيرهم امورا لاتخفى على مطلع ،!
ولكن هل حقا ان السياسة لاتعتمد على الاخلاق ؟ ام انها ليس لها اخلاق ام انها منافية للاخلاق ..فما هي السياسة بعيدا عن تعريف الاصطلاحيين والمختصين؟ ..في اللغة العامة هي القيادة وتوجيه الامور وتدبيرها لمجموعة او فئة او قبيلة او حتى عائلة ومنها يسوس الخيل اي يعتني بها ويقودها ،،وفي السياسة قال الشاعر العربي الجاهلي:
يسوسون احلاما بعيدا اناتها ….فان غضبوا جاء الحفيظة والجد
وهنا يوجه الشاعر المعنى بحمله على الصبر وتدبير الامور بالتاني والحكمة ..فان غضبوا اختلفت الامور ..فالسياسة امر ايجابي هنا في التمسك بالعقل والتدبير والسلم والتفاوض ،،وهي مايسبق الغضب او يمنعه ..فما بال الناس فهمتها اليوم على غير ذلك ..وفي الفهم الاوسع هي ادارة بلاد بمواردها واراضيها وشعبها داخليا وتوجيه دفتها وتامين مصالحها وسيادتها تجاه البلدان الاخرى خارجيا..
اي ان الامر لا يخلو من الاخلاق بل لعلها الاخلاق فعلا ..فالرسول محمد عليه الصلاة والسلام كان سياسيا ومثله الامام علي والخليفة عمر وبلقيس وسليمان وغيرهم كثير ..حكموا فعدلوا ولم يسيئوا الخلق ومانكثوا عهدا ولا خالفوا وعدا ..وماانقطعت السياسة المحافظة على اخلاقها -ولو بالحد الادنى – الى عهد قريب فكان
غاندي ولينكولن ومانديلا ومهاتير واردوغان واحمد آبي وحليمة يعقوب وقلة نادرة من الذين وازنوا بين ان يكونوا سياسيين معاصرين مصلحيين وحتى فرديين احيانا وبين اظهار شيء من الأخلاق والمصداقية مع شعوبهم والناس ولو من حين لآخر كطباع عميقة..
فمالذي حدا بالكثيرين اليوم من قادة العالم الذين وكأنهم اتفقوا على انك كلما كنت اكثر تحللا من الخلق كلما كنت محنكا في السياسة ،،حتى انك تجد من المقبول اليوم قولهم ان فلانا رجل خلوق لا يليق به ان يكون سياسيا ..! ولا يتمكن من ذلك ! وهذا من المغالطات الكبيرة في الحقيقة والتي اريد
لها ان تسود لكي “لاتبين العفيفة من بين المومسات” ..فتراهم يتسابقون في فن الضحك على شعوبهم ثم شعوب الناس وتصفية الخصوم جسديا ونكث العهود والمواثيق وشراء الذمم وما الى ذلك مما يعدونها فنونا في السياسة اليوم ..وبين كل هؤلاء يبرز الروس الغريبو الطباع سياسيا والنازعون كل مايستر عورات السياسيين من مجاملات ومناورات ..فليس اسهل من ان يجلس معك اليوم حليفا ويتركك غدا دونما مبرر ودون حياء..بل ويتخذك عدوا يغير عليك بجيشه وطائراته ..فلا تلزمهم عهود ولاتوقفهم اتفاقات ولا تردعهم اموال ولا تستقر لهم مصالح وقد تفوقوا على السياسيين الفرس الايرانيين في الخسة والوضاعة..فان كانت السياسة بلا اخلاق فان سياسة الروس بلا منطق ولا خَلاق.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب