23 ديسمبر، 2024 4:17 م

كي يتعلم وليد المعلم ما لم يعلم .. .

كي يتعلم وليد المعلم ما لم يعلم .. .

البارزاني قائد امة لا يمكن لامثالك تقيمه .
في مقابلة له مع صحفية الاخبار اللبنانية ظهر السيد وليد المعلم وزير خارجية بشار الاسد مفصولا تماما عن الاحداث في تقيمه لمجمل الاوضاع الاقليمية وكان الزمن قد توقف به عند مفترق الثورة السورية . فالرجل تكلم باسهاب عن شرح الموازين السياسة في المنطقة وتاثير التطورات عليها , الا ان انعكاس الرؤى الايرانية والروسية كانت باديا عليه دون وجود رؤية سورية ذاتية في حديثه . وما يهمنا في مقابلته تلك هو ما يتعلق بتطورات ازمة كوباني وتداعياتها على الوضع الكوردي والتركي في المنطقة . فقد اكد المعلم في حديثه هذا ان طيران ( الجيش السوري) واصل قصفه لمواقع داعش حول محيط كوباني الى ان بدات الضربات الجوية للتحالف الدولي , و قد توقفت منعا لاي احتكاك بين طيران الطرفين . واضاف .. ان التفاف الكورد حول ما حدث في كوباني افقدت اردوغان والسيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان شعبيتيهما مقابل زيادة في شعبية السيد عبدالله اوجلان .

هذه الاستنتاجات السياسة للمعلم تظهر التقوقع الذي يعيشه النظام في ظل المقاطعة الدولية له واستفراد الحكومة الايرانية وروسيا برسم سياساته وتوجيهه , فشطحاته السياسية افقدت رجل الدبلوماسية الاول في سوريا قدرة تمييز الخيط الاسود من الخيط الابيض من الفجر , ونود هنا نوضيح نقاط معينة منعا لمحاولات التدليس الذي تضمنها حديثه .

1 – من المعيب على نظام بشار الاسد الادعاء من خلال وليد المعلم بان الطيران السوري بدا بقصف مواقع داعش قبل اقدام طائرات التحالف الدولي على قصفها , فمحاولته الظهور بمظهر المدافع عن كوباني لم تسجلها اية وسيلة اعلامية حتى التابعة للنظام منذ هجوم داعش على كوباني ولغاية بدا التحالف الدولي قصفه لمحيط المدينة , ونستطيع التاكيد على ما نقول استنادا على النقاط التالية : –

* التدمير الذي لحق بالطيران السوري منذ بداية الثورة السورية وليومنا هذا يفند أي ادعاء لقدرة هذا السلاح على قصف مواقع التنظيم في محيط المدينة ومساعدة المسلحين الكورد المحاصرين فيها .

* تبنى النظام السوري موقف المتفرج في تلك المعارك كونها لا تعنيه اولا , ولان استنزاف الطرفين المتصارعين يصب في صالح النظام نفسه بغض النضر عن النتائج ثانيا .

* لو كان هناك دور لجيش بشار الاسد وطيرانه في مساعدة وحدات حماية الشعب الكوردية في معارك كوباني لما غير الجناح السياسي لها مواقفه من التحالف الهش بينه وبين النظام ولما توجه الى التحالف الدولي طالبا مساعدته في قتال عصابات داعش , ولما سافر السيد صالح مسلم الى اقليم كوردستان العراق طالبا منه التدخل بعد الرفض التركي للقيام باي دور في كوباني .

2 تحدث وليد المعلم بشكل مطول عن ان ما حصل في كوباني جعلها في صدارة اهتمام الشعب الكوردي في الاجزاء الاربعة لكوردستان وعزز مكانة السيد عبدالله اوجلان على حساب شعبية السيد مسعود البارزاني واردوغان .. وهنا نريد توضيح النقاط التالية :-

* من المفارقات ان يعترف وزير خارجية سوريا عن الشعور القومي الجامع للشعب الكوردي في الاجزاء الاربعة لكوردستان , وهو يمثل نظاما لم يعترف لغاية اليوم بالحقوق الكاملة للمواطن الكوردي في دولته .

* ان السيد وليد المعلم لا يميز بين الدور الكوردي في اقليم كوردستان عن الدور التركي في ازمة كوباني ولا يفصل بين اجندات الطرفين . فوجود علاقات طيبة بين اقليم كوردستان و انقرة لا يعني ان تكون وجهات نظرهما متطابقة في كل ما يدور في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالملفات الكوردية فيها , فالتحفظ التركي معروف تجاه أي خطوة كوردية متقدمة يقابله دعم كوردي كامل من حكومة اقليم كوردستان لهكذا خطوات . ففي موضوع كوباني حاولت تركيا وضع العصا في عجلة التحالف الدولي لمنع تقديم أي دعم حقيقي للمسلحين

الكورد المحاصرين هناك , لاعتبارات تتعلق بالامن القومي التركي وعلاقة ما يجرى بنفوذ حزب العمال الكوردستاني التركي . فرفض تركيا لاي تدخل في كوباني لم يمنع اقليم كوردستان للعمل مع التحالف الدولي والدفع باتجاه دخول البيشمركة للمدينة المحاصرة . وقد نجح الاقليم في ممارسة الدبلوماسية الناعمة , واستطاع من خلال التحالف الدولي الضغط على تركيا للقبول بمرور قوات البيشمركة عبر اراضيها الى كوباني . ان محاولة اردوكان ربط ما يحصل في كوباني بما يحصل في عموم سوريا لم يفت في عضد اقليم كوردستان , ونجح في تحقيق ما يتوافق مع المصلحة القومية الكوردية رغم الاعتراضات التركية .

* بعد قرار التحالف الدولي بدخول قوات البيشمركة الى كوباني , سعت تركيا لافراغ هذه الخطوة الكوردية من محتواها , وتاخيرها كي تتزامن مع ادخال عناصر من الجيش الحر الى المدينة لاعتبارات تركية تتعلق بالموازنات السياسية لما بعد انتهاء ازمة كوباني . وهذا ايضا يشير الى عدم تطابق الرؤية الكوردية في اقليم كوردستان العراق مع الرؤية التركية .

* أن الحديث عن تناقص شعبية السيد مسعود البارزاني في الشارع الكوردي تفنده الحشود التي ملئت شوارع المدن الكوردية في تركيا ترحيبا بقدوم البيشمركة , فقد احتشد مئات الالوف من المواطنين الكورد في تركيا للترحيب بالبيشمركة وتقديرا للموقف القومي الذي تبناه السيد مسعود البارزاني , الامر الذي عزز من شعبيته في عموم كوردستان وحوله الى قائد قومي لكل الكورد وليس فقط لكوردستان العراق , وهذا يفند تماما ادعائات المعلم .

* ان اثارة وليد المعلم لموضوع الزعامة الكوردية يمثل تدخلا سافرا في الشان الداخلي الكوردي , واستمرارا لمحاولات اعداء الكورد الخائبة في المراهنة على الخلافات الكوردية , خاصة بعد ان اثبت القادة الكورد انهم يسبقون محيطهم العربي بعقود من الزمن في التعامل السياسي الحكيم وتفضيل المصالح القومية الكوردية على المصالح الشخصية والحزبية, تجلى هذا اكثر في تداعي الساسة الكورد لتوحيد مواقفهم وتصفية مشاكلهم الحزبية سواء ما يتعلق بالاحزاب السياسية الكوردية في سوريا او علاقة كوردستان سوريا بحكومة اقليم كوردستان العراق بعد ازمة كوباني .لهذا فالحديث عن تنافس القيادات الكوردية حول تزعم الكورد اصبح حديثا سمجا , خاصة ما يتعلق بالسيد مسعود البارزاني الذي ينظر للوضع الكوردي بنظرة شمولية دون تمييز ودون ان تضعه في خانة المصالح الشخصية والقيادية .

* آن للمعلم وامثاله ممن يصطادون في الماء العكر ان يعرفوا بان الكورد ينظرون الى قاداتهم كفريق عمل واحد يعملون وفق اهداف قومية كوردية مهما اختلفت رؤاهم السياسية في المواضبع الداخلية . فالهم الكوردي لما هو خارج كوردستان يجمعهم حتى وان كانت هناك مصالح حزبية ومنافسة سياسية في الداخل الكوردستاني , وما تصريح السيد اوجلان قبل فترة الا دليل على ما نقول , حينما وجه خطابا للسيد مسعود البارزاني يقول فيه (انك لست رئيس اقليم كوردستان وحسب بل انت قائد لكل الكورد في كل اجزاء كوردستان) .

* اتصور ان المعلم يدرك اكثر من غيره ان من فقد شعبيته في ازمة كوباني هو سيده بشار الاسد الذي فقد اخر اوراقه مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكوردستاني , الذي حاول الوقوف على الحياد كثيرا في ما يحصل في سوريا , الا ان احداث كوباني اجبرت جميع الاطراف الكوردية السورية على الالتفاف حول رؤية كوردية واضحة ولفظ أي اعتماد على نظام بشار الاسد في محاولاته الاستفادة من الخلافات الكوردية الكوردية .

3- في هذا اللقاء ظهر جليا استسلام النظام السوري لقدره المحتوم واستعداده له , فلغاية ايام قليلة كان وليد المعلم يملا الارض ضجيجا في ان دخول البيشمركة الى الاراضي السورية يعتبر خرقا للسيادة السورية وانتهاكا لها , بينما لم يتطرق في هذه المقابلة حتى على سبيل التلميح عن أي انتهاك للسيادة السورية , وهذا مؤشر على ما يعيشه نظام بشار الاسد من تخلي عن كل ما يتعلق بمفهوم السيادة الوطنية خطوة بعد خطوة وحدثا بعد حدث .

4- الشيء الوحيد الذي تشبث به المعلم في مقابلته هذه هو التركيز على القشور التي لا تسمن ولا تغني من جوع , بل تشير الى الهزال الفكري والوطني عند هذه الطغمة.. في تاكيده واصراره على استخدام الاسم المستعرب للمدينة كوباني وهو ( عين العرب) حاله حال أي نظام شوفيني قمعي , وان دل هذا على شيء فهو يدل على ان كل ما تبقى لبشار الاسد وزمرته هي التمنيات والبكاء على اطلال دولة لم يستطيعوا الحفاظ عليها كالرجال .