كنت قد نشرت مقالين بهذا الموضوع تحدثت فيهما عن اهمية النظام الداخلي ( اللائحة الداخلية) لمجلس النواب ولغيره من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية
قبل ان تحرر امريكا (وإسرائيل) ومؤتمرو مؤتمر لندن ارضنا السليبة كان الضابط عندما يلتحق الى كتيبة ما يعطوه نسخة من (سياقات العمل الثابتة) للكتيبة ، ونسخة من (الاوامر الثابتة) لنفس الكتيبة .. الأولى تتعلق بالقتال والثانية تتعلق بالسلم ، وهي تعادل ( النظام الداخلي) الذي وضعته الأحزاب الحاكمة والتابعة والحاكمة التابعة على طريقة fire and forget)) أرم وانسى
النظام الداخلي هو دستور داخلي تضعه المؤسسة/ المنظمة ، وكما ان الدستور يوضع كعقد بين الدولة والمواطن هدفه الأساس تنظيم العلاقة بينهما ، فإن النظام الداخلي لمجلس النواب او غيره يوضع للغرض نفسه ويدخل الى تفاصيل دقيقة في مجال الآليات والسلطات والصلاحيات ..
هناك فهم شعبي وبرلماني خاطئ لدور رئيس مجلس النواب ونائبيه ، ولعل من يتصفح الدستور يستوعب ذلك الخطأ المتمثل بآن السادة الثلاث لديهم مهمات خطرة ، وسيجد ان الحقيقة تقول ان تلك الاهمية ليست للرئيس ونائبيه حيث لم يشر الدستور لهم اصلا بل (للمجلس) فيقول للمجلس عمل كذا ولا يعط للرئيس ونائبيه شيئا.. ففي صنع اي قرار يتحولون الى نواب صوتهم لا يزيد عن صوت اي نائب بشعرة واحدة ، وبالتالي فأن كل هذه البهرجة حول الرئيس ونائبيه ومعها الخلافات تشكل امرا غير مبررا .. وهذا بالطبع لا يعني انهم بلا واجبات فمثلا (( رئيس المجلس هو الذي يمثله ويتحدث باسمه)) و (( العمل على تطبيق الدستور والقوانين والنظام الداخلي)) والنائب الاول لديه مثلا مهمة (( متابعة اعمال اللجان الدائمة وتقديم التقارير بشأنها)) أي لديهم مهمات وصلاحيات تتعلق بإدارة المجلس فقط .. غير ذلك كالاستدعاء والاستضافة وتشريع القوانين فهي مهمة (نواب المجلس)
خلال الدورة السابقة للبرلمان خرق النائب الاول السيد حسن الكعبي النظام الداخلي بتشكيله لجنة جديدة ووقعها شخصيا باسم رئيس المجلس ونصب نفسه عضوا فيها ، وفي الدورة الحالية استدعى النائب الاول السيد حاكم الزاملي السيد وزير المالية خلافا للائحة الداخلية للمجلس وأوعز للسلطات الأمنية (غير المرتبطة بالمجلس ) بمنع سفره
الدستور- القوانين – الانظمة الداخلية تكمل احدها الآخر ولا تتخيلوا امكانية قيام دولة حقيقية غير فاشلة دونها .. لذلك نجد ان حتى عمنا بريمر وضع ما يشبه الدستور (قانون ادارة الدولة العراقية ، ان هذه كلها على علاتها لا بد لها ان تقيد او تخفف من طغيان الطغاة ونزواتهم الفردية وخلفياتهم ، وتحد من الرغبة في الهيمنة والتي هي غريزة بشرية قبل ان تكون ثقافة ، وعندما نجد حاكما ديمقراطيا فلا يعني ذلك انه تخلص من (غريزة الهيمنة الفردية) فالغريزة لا تزول ولكن ذلك الحاكم فرضت عليه الدساتير والقوانين والأنظمة والتي لها ضمانات حقيقية وليس كدستورنا وقوانينا وأنظمتنا التي تتوسل بالمسؤولين كي يسيروا بموجبها ، والمسؤول حر في تنفيذها بعيدا عن الحساب وسأعطيكم مثلا بسيطا
نص الدستور على (( وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء )) ، وقاد السيد المالكي مجلس الوزراء لدورتين ولم يضع النظام ويمكنكم تصور كيف كانت آلية صنع القرار تجري في اعلى سلطة في الدولة ، اذا السيد المالكي خرق الدستور ولنفترض اننا اقمنا الدعوى عليه لدى القضاء ، فهل سنربح الدعوى ؟؟ كلا بالتأكيد لأن الدستور والقوانين تؤكد على (( لا جريمة ولا عقوبة الا بنص…)) ولا يوجد نص يعط ضمانة او يقرر عقوبة لعدم تنفيذ الدستور، او (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع احكام هذا الدستور)) ويشرع ممثلو الشعب قانون المساءلة والعدالة على سبيل المثال والذي تعارض مع الدستور وثوابت احكام الاسلام والاعلان العالمي لحقوق الانسان ووثيقة العهد الدولي ، وكأن شيئا لم يكن؟؟ وعليه ليس المهم سن دستور كوثيقة مكة التي اكلتها الأرضة ، او كوثائق المصالحة في العراق التي اكلها الحقد الأعمى بل المهم ان يكون ملزما قبل ان يكون عادلا