22 ديسمبر، 2024 11:45 م

كي لا تحرق اور مرة اخرى

كي لا تحرق اور مرة اخرى

لم يغالي عالم الاجتماع والمؤرخ ابن خلدون في نضريته حين قال ان الحقيقة التأريخية تكمن في ذلك الاجتماع البشري وهو بذلك تجاور معرفياً ان لم نقل كانت قناعاته امتداد لمقولات ارسطو والذي ذكر من (ان الانسان مدني الطبع )او يميل الى السياسه المدنيه (ارسطو السياسه) .
وان الرافديني العراقي القديم منذ نهاية الطوفان…كان قد اقنع نفسه بأن الرحمن جل في علاه قد اهداه الاستقرار بعد نهاية عصر الطوفان وتوجه الله بين البشر بالملوكية او باركهُ اياها في مدينه (اريدو)…
وقد تناسلت مدنيه هذا الاجتماع البشري بعد ذلك في مدنه الاخرى في كيش او شروباك او اور ثم في الوركاء كما يقول (دروثي)….وحين نقرأ اسطورة الخليقة السومرية المسماه(اينما الش)
والتي يبدأ نصها ..
…بينما في الاعالي
لم تكن السهر قد سميت بعد
والارض اليابسه في الاسفل
لم يكن اطلق عليها اسم

كانت المدن الرافدينية القديمة قرين وجودهِ
لكن مايخرب علاقه الرافديني العراقي القديم ثلاث لعنات الاولى جور الطبيعه وهو رغم قساوتها كان قد روضها كما فعل اهل اريدو واهل سيد دخيل في الناصرية فالاولى غطتها كثبان الرمل والثانيه ارهقتها افاعي الشط واللعنه الثانيه غزو الاقدام الهمجية لسهل سومر …ذو الخدين المحمرتين من دلال فالفيض به غمر وطمي دجله والفرات واللعنه الثالثه ظلم المتسيدين عليه ..مستبديهم او ابطالهم من گلگامش الى حسن بيزه .. ولينَّ حب العراقيين لاوطانهم الصغيره فكانوا يتطوعون سخرة لبنائها ..كما تذكر اسطورة الخليقه واصفتاً اهل النخوة من السومريين :
بعد ان انتهوا من حرث الارض وانتهوا من تنظيم الري في الاهوار عمدوا الى حساب عدد سنوات كدحهم .
(ديوان الاساطير ج١/ص٢٣)

الرافدينيون القدماء انهم اخوه الملحة اولائي الذين حددوا وهذبوا المكان
وعاندوا الطوفان واستعدو للغازي واستنفروا صبرهم للحاكم لكنهم كانوا حين يشتبك عليهم (خلط كرامتهم ومبادلتها بجوعهم )يشعلون النار في مدنهم نعم يشعلون النار فيها وهذا الخطب ليس ساديتاًمنهم او بطراً او جنوناً مفتعلا ..
فهم قد قطعوا انفاسهم لبناء مدنهم واختلط عرقهم مع طينها ودمهم مع قصبها لبناء اوطانهم الجميله … التي كانوا يتمنون ان تليق بهم وتحفظ عرضهم وعيالهم ….وكان سخرتهم في بناء هذه البدن كان يعد شهر عسل انتمائهم للوطن وبناءه وحين يجدون ان ثمه من يحاول ان يكدر وجه مدنهم الجميله من (اور الى اشور ) يحرقوها وحين يجدون ان مدنهم يهددها الفيضان (الطوفان) تتناخى سواعدهم وقبلها ضمائرهم ليثبتوا انفسهم بدل اكياس التراب وليحولُ بين الطوفان وبين بيوتهم ضد سيل الفيضان الهادىء
فهم ابناء الطين وهم( دهلته) او طينه الحر كما يسميه اهل الجنوب.. نعم ان فقراء وفلاحو والدهماء من الرافدينيين القدامى ..كانوا وان جار عليهم باغٍ او مستبد كانوا يشحذون همم العالم … ويتقاسمون مع اخوانهم سبخ الالم … وشبابهم وكبارهم يرددون جهاراً نهاراً …

بلادي وان جارت علي عزيزةٌ

اهلي وان شحوا علي كرامُ

نعم هذا العراقي باشط مذ عرفه التاريخ ..وهم يشكرون عطايا الرب … ويوقرون صاحب الخبزه (الحاكم) ويعظون على نواجدهم ساعه القحط والحصار او الجوع
نعم رغم ان العراقي كان مسلماً امره للاقدار فهو الذي كان يمجد رب الحكمة كما تقول الاسطوره (اللهي لاتهملني ولاتغب الى الابد)
ماكان يغنوه اهل سبار واور هو نفسه مااصبح يغنيه اهل العماره وكربلاء والموصل والناصرية وساحة الحبوبي وساحة الطيران ..
عتبه هلي وطلاگة الباب…
متفرفحة على وجوه الاحباب
ايدة طويلة الوكت ويبوگ التراب
مابي امان وطلع جذاب
لا ااجد ابلغ اثراً من قصيدة مرثية اور والتي عبرت عن حسرت اهلها عن الظلم الذي وقع لها من جراء فساد حكامها وتفرجهم على المهم وجوعهم وموتهم المجاني الذي كان يأتي من كل صوب ……والتي كانت عظه ودرساً للعراقيين لمعاقبة انفسهم وحكامهم لقبولهم على جور حكامهم
لقد ناحت اور مثلما ناحت بغداد وساحة الطيران وغيرها من مدنهم.. وشاركها النواح الهها الباري
الهها المحب الذي دمرت بلاده ..
ينوح عليها نواح الثكالى

… رثاءك ظل ايه المدينه الوطن
فاظلم بخرابك النهار…ولم يعد ثمه من قانون او نظام ..
الا ياايها التاريخ الذي اتمنى ان لايعيد نفسه
وايها الممسكون برقاب الناس (برزقهم وامنهم ومستقبلهم)
اقرأونا جيداً قبل أن تُحرق اور (العراق) ونرثيها جميعاً …