يدهشني كما يدهش المواطن العراقي الدعوات التي تنطلق من رؤوس سياسيين عراقيين رسميين وغير رسميين ، وتحديداً زعامات الاطار التنسيقي ،كنصائح للنظام السوري الجديد بالاقتداء بالتجربة السياسية العراقية والاستفادة منها كدليل ومرشد لبناء سوريا ما بعد البعث والأسد معاً !
النصائح عادة تقدم لنماذج ناجحة كالتجربتين اليابانية والالمانية على المستوى العالمي اسيويا واوربياً وتلحقهما تجربتي سنغافورة وماليزيا باختلاف انواع الحكم في هذه الدول وتنوع البناء الاجتماعي فيها ، ولن يكون مضحكاً ان تنصح الدول الفاشلة بالسير على خطى هذه الدول الناجحة ، لكن المضحك والداعي للدهشة والسخرية معا ان تنصح نظاما جديدا كالنظام السوري بكل المشتركات مع الوضع العراقي ، ان يقتدي بالتجربة العراقية التي اعلن قادتها لأكثر من مرّة وفي اكثر من مكان بانها تجربة فاشلة وتحتاج الى اصلاح أو تغيير على طريقة الـ ” شلع قلع ” !
تقول النصيحة على الشعب السوري “ان يكون واعياً للمخاطر التي تحيط به،وأن يستفيد من ظروف العراق وتجربته السياسية في تشكيل الحكومة و بناءدولة قوية” !
ونسأل متى شكّلنا حكومة ناجحة ؟
متى بنينا دولة قوية ؟
سؤالان يجرّان الى مجموعة اسئلة عن النجاح والفشل في التجربة العراقية التي يتفق الجميع على الضرورة القصوى لاستبدالها بعملية جديدة قبل انهيار النظام السياسي الذي قامت على اركانه هذه التجربة الفاشلة بكل المقاييس والمعايير والمستويات السياسية والاقتصادية وما هو ملحق بهما !
على المستوى السياسي مازال احدنا يتربص بالآخر لإسقاطه وتمريغه بالتراب على ارضية الثقة المعدومة والخوف من الآخر !
على المستوى الاقتصادي نحو 40% من الشعب يعيش تحت خط الفقر !
على مستوى الفساد ، نعيش في بلاد غارقة في هذا المستنقع الذي تخوض فيه على الدولة والحكومة والمؤسسات ولا يجد من يحاربه فعليا الا بالشعارات الفارغة كـ” الضرب بيد من حديد ” لنكتشف ان كل الايادي خشبية !
على مستوى السلاح المنفلت ففضيحة الفضيحة لأنه فوق القانون والحكومة بل حتى فوق مؤسساتها الأمنية وكاد ان يدخل البلاد في حرب لاناقة لنا فيها ولا جمل !
على مستوى الازمات على تنوعها فلا حاجة للأمثلة لأنها ماثلة في تفاصيل حياتنا اليومية !
على مستوى التزوير السياسي فلا اوضح من اقالة رئيس البرلمان السابق السيد الحلبوسي بعد ادانته بالتزوير !
على مستوى ثقة الشعب بهذه الطبقة السياسية الفاشلة فلا اوضح من عزوف 80% ممن يحق لهم حق التصويت الانتخابي عن المشاركة في الانتخابات !
على مستوى السياسة الخارجية فالعراق بلد معزول ، وليس ادل على ذلك من عدم دعوته لاجتماع الرياض الذي ضم دول الخليج ومصر والاردن !
عن أي مستوى للنجاح والفشل نتحدث حتى ننصح السوريين بالاقتداء بتجربتنا التي قال قادتها انها فاشلة علناً وعلانية وهم يبحثون عن مخرج من هذا النفق !
أزمة في داخل أزمة وفشل يتبع فشلاً في عملية سياسية نريد لها ان تكون نموذجا لشعب خرج لتوه من اتون حرب اهلية قاسية ونظاما دكتاتوريا شبيها بنظام البعث وصدام !
نصيحتي لقيادات الاطار التنسيقي :
اخواني اتركوا الشعب السوري يبني تجربته الخاصة وفكروا في الطرق الصحيحة التي تنقذنا من المأزق الذي نعيشه !!
واذا كان الدين النصيحة فلتكن نصيحة نصوحة خصوصاً ونحن ندخل اجواء شهر رمضان !!