18 ديسمبر، 2024 11:02 م

كي لاتأسرنا ساحات التحرير ..

كي لاتأسرنا ساحات التحرير ..

لست ممن يلقون اسئلتهم الخبيثة من خلف شاشات الكي بورد من نوع ” ماذا بعد؟ ” في محاولة للايحاء بعدمية كل ماجرى وماحصل من تضحيات ودم مراق !
علينا الاعتراف اننا تلاميذ روضة بمدرسة ساحات التحرير في المحافظات المنتفضة ، نتعلم منها يوميا درساً من دروس الوطنية التي غابت عن حثالة اللابدين خلف اسوار المنطقة الخضراء ، التي يصفها عادة الاعلام الغربي بـ ” المحصنة جيداً”..المحصنة طبعاً من غضب فقراء الوطن وثواره !
أم مهند وام ريمون وام محمد وكل الامهات يلقون علينا دروساً باهظة الكلفة عن معنى الوطن والوطنية ، فتتدافع حشود المنكوبين في كل الصباحات استجابة لافتتاح الدرس الاول ..درس الانتفاضة المجيدة التي منحتنا صفة راقية من صفات الوطنية وهويتها الجامعة لنا كعراقيين خارج اسوار المحصنة اللعينة !
فعلت انتفاضة الصدور العارية ما عجزت عن فعله الكتب والتنظيرات والايديولوجيات على اختلاف يسارياتها ، انتفاضة اجبرت الجميع ، بما في ذلك صقور احزاب الاسلام السياسي الحاكم ، على الاعتراف بحقيقة ” مابعد اكتوبر ليس كما قبله ” !
حقيقة كان ثمنها الكثير من الدماء والاحزان ..
حقيقة انجزت الكثير مما عليها …
من هذه الحقيقة ستنبثق حقيقة اخرى ولغة جديدة ، بفعل صمم الطبقة السياسية الرثة وفاشيتها ، حقيقة تقول ” لن تأسرنا ساحات التحرير ” !
نعم هذا هو الصوت الجديد للانتفاضة الذي ينبغي الإنصات اليه جيداً ..ولن نحذر طبقة اللصوص من هذا الصوت ، بل ندعوها للبقاء على صممها وفاشيتها وتلاعبها بالحقائق على الارض حتى تستكمل الانتفاضة مستلزمات فك قيود ساحات التحرير والانطلاق الى فضاء الثورة الحقيقية التي ستكنس في طريقها نفايات الخضراء وماحولها ومافيها !!
تجارب الشعوب وحقائق التأريخ اثبتت ان الحراكات الشعبية والانتفاضات عادة ما تصل الى مفترق طرق، اما المراوحة في المكان نفسه حتى تستهلك نفسها او السير في طريق تصعيد شكل المواجهة ونوعها .
وفي التجربة العراقية في هذه الانتفاضة ينبغي الحفاظ على سلميتها مع تطوير وابتكار اساليب نضالية تجبر السلطة الحاكمة على تغيير سلوكها أو تواصل الانتفاضة سيرها نحو معاقل ومكامن السلطة لتنتزعها منها انتزاعاً ..
الانظمة القمعية ،كحال نظامنا الحالي ، تفضل ان تختار الانتفاضة طريق المراوحة في المكان نفسه او على طريقة خطوة الى الامام خطوتان الى الوراء ، فهذا يسهل عليها الالتفاف على الانتفاضة باستخدام عاملي الوقت والتخدير و العمل على شق الانتفاضة من الداخل لتخفيف زخمها الجماهيري حتى يسهل احتواؤها ..!
لكن لانتفاضات التأريخ منطق آخر يقول :
ما أن تتبنى الانتفاضات ستراتيجيات الدفاع حتى تكون كمن يحفر قبره بيده !