29 مايو، 2024 12:53 ص
Search
Close this search box.

كي تكون مبادرة التسوية تأريخية           

Facebook
Twitter
LinkedIn

بحث مقدم لندوة بحثية        
تمهيد
تعودنا ان تكون خطاباتنا تأريخية وكذلك انجازاتنا واحلامنا بينما واقع الامر يشير الى انها غالبا ماتكون بعيدة عن صفة (التاريخية) كونها لا تحمل انعطافة في المسار التأريخي بل هي عادة ما تأتي تأكيدا لمسالكنا السابقة بصياغة جديدة وهذا مايشمل الجميع ..حكومة بعقلية معارضة ومعارضة بعقلية حكومة ونوع آخر ((يضع قدما في الحومة وقدما في المعارضة)) كما نصت عليه وثيقة التسوية .
جائت وثيقة التسوية التأريخية للتحالف الوطني دون مقدمات ودون حوارات مع الآخر في ضروف حرب الموصل التي يسميها الجميع معركة الموصل ولا ندري لماذا نختار الظروف الشاذة لطرح المسائل المهمة وتمريرها كأقرار الدستور وحضر البعث وتقنين الحشد الشعبي وغير ذلك الكثير بينما تكون الحرب نفسها وآثارها الانسانية بعيدة عن سلطاتنا الثلاث ، ففي الوقت الذي نقنن فيه الحشد الشعبي او نختلف عليه نجد ان الكتل لا تسأل لماذا نحن لا نمتلك مستشفى عسكري بعد ان قدمت قواتنا المسلحة آلاف الشهداء والجرحى وبعد ان دخلت خزائننا كنوز الارض ولم يسأل احد لماذا لا يعود النازحين الى مناطقهم المحررة ولماذا اطفالنا من جرف الصخر لا زالو مشردين ، وغير ذلك الكثيرمع ذلك… الوثيقة صدرت وسلمت لكتل اخرى من لدن بعثة الامم المتحدة ورفضت من كتل اساسية ,ولكونها تمثل رؤية الكتلة الاكبر في البرلمان للمصالحة وبناء الدولة فأن محاولة دراستها وتقييمها وتقويمها بحيادية تكتسب اهمية خاصة .سيحاول البحث المحدد بصفحات خمس القيام بهذه المهمة بما لا يضيع الهدف مما يستدعي التركيز على المسائل الاكثر اهمية وليس المهمة وبالتالي سوف لن يتم التطرق لايجابيات التسوية التأريخيةالتقييم والتقويمان اثارة موضوع (تسوية تأريخية) يعني ضمنا ان هناك خلل استراتيجي في العملية السياسية مما يتطلب ان تكون الخطوة الاولى هي المصارحة (غلاسنوست) وتعني المراجعة الجدية للطريق الذي سلكناه منذ العام 2003 ومحطاته التي جعلتنا بوضع اقل ما يقال عنه انه بحاجة الى (تسوية تأريخية) ..الجميع يراجع كون الجميع مسؤول عن الخلل وحسب نسبة مساهمتهم في صنع القرار وبالتالي يتحمل التحالف الوطني الوزر الاكبر في هذه المراجعة بينما نجد ان المبادرة لا تتضمن اية اشارة عن اي خطأ بدر منها او من غيرها عدا انها اسهبت وكررت في عدة مواقع من المبادرة اخطاء النظام السابق وكأنه جزءا من النظام القائم
تنص المبادرة على شرط ((الاعتراف الرسمي والملزم لكل الاطراف بالعملية السياسية (ومخرجاتها)) مع العرض ان هناك اطرافا هي ليست طرفا في العملية السياسية وهي قد تكون ملزمة كافتراض جدلي بشرعية العملية السياسية ولكنها غير ملزمة بالمخرجات والتي تبدأ بالمحاصصة وتنتهي بالفساد المالي والاداري ، والمنطق يقول انه اذا كانت المخرجات جيدة وتصلح قاعدة للالتزام بها من لدن الجميع فلا داعي للتسوية او الاصلاح .
ان اكبر التحديات التي تواجه اي تسوية هي انعدام الثقة بين اطراف العملية السياسية وبينها وبين الاطراف الاخرى من خلال المبادرات الفاشلة السابقة ومن خلال نقض التحالف لاتفاق اربيل الذي جاء بالسيد المالكي والاتفاق السياسي الاخير الذي جاء بالسيد العبادي ،وبالتالي فأن الاشارات الواردة عن عدالة التوزيع وغير ذلك من خروق للدستور لم يأت بها الحزب الشيوعي مثلا بل كتلة التحالف نفسها كونها تمثل السلطة التنفيذية (رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة) وما اكثر القوات التي ترتبط به.. وهي الكبرى في التشريعية ويمكنها تعزيزا للثقة ان تبدأ بنفسها وتقول نعم ان دولة القانون مثلا اخذت اكثر من حصتها بكثير في مواقع الدولة والقوات المسلحة من خلال خرق الدستور وخلال كذا شهر سيتم العمل على ازالة هذه الحالة خصوصة وانها تمثل الجانب المدين في جوانب عدة وينبغي ايفاء الدين  السابق قبل عقد صفقة اخرى مع العرض ان هذا الدين بالنسبة لدولة القانون ينتظر السداد حتى من كتل داخل التحالف الوطني نفسه .. وهذا ليس بالجديد حيث سبق لمصالحة نيلسون مانديلا ان بدأت باعتراف مئات السياسيين باقتراف جرائم حرب ..
الموضوع الاكثر حساسية هو حزب البعث المحضور دستوريا وبقانونين ومسائل بقانون ، وآخر وضع على الرفوف رغم ان الاتفاق كان ان يناقشا بسلة واحدة ..كل هذا وتبقى الطائفية غير محرمة في المادة الدستورية التي حضرت البعث وغيره ولذلك لا نجد قانونا يحرم الطائفية وبالتالي سنبقى بحاجة الى تسويات تأريخية الى الابد ، وبما ان التسوية نصت على السعي لتعديل الدستور وكذلك طالبت الاطراف الاخرى فان البحث ايضا يوصي بذلك ولكن ليس على طريقة رفع المصاحف على الرماح  بل بتحديد المواد التي يراد تعديلها وتسبيب التعديل وهي المواد التي تتعارض مع روح الدساتير والتي هي متعلقة بالحقوق والحريات ولنأخذ على سبيل المثال المادة السابعة المثيرة للجدل والخلاف وستبقى هكذا وهي المادة السابعة التي تحضر البعث ولا تحضر الطائفية كما اسلفنا ، ونقول الآتي بكل شفافية وحيادية
  آ- الدستور حضر البعث الصدامي وهو ليس جريدة كي نتفلسف في تحديد المفاهيم فاستخدام مفردة الصدامي يعني وجود بعث غير صدامي وعلى القانون التعامل مع هذا الامر بجدية خصوصا وأن البعث تأسس عندما كان الرئيس صدام حسين تلميذا في الابتدائية وأن المؤسسين كانو مسيحيين وشيعة وسنة ودروز
   ب- حدد الدستور مفهوم البعث بأنه ((الحزب الذي استولى على السلطة في العراق)) فلماذا البعث السوري محظور رغم ان الدماء العراقية سالت وتسيل اليوم للدفاع عنه؟؟ بعد اصرار الحكومة العراقية نفسها على احالته للقضاء الدولي بتهمة الارهاب؟؟ هل ان السياسة كما قال شاعرنا النواب ((عهر فدول))
   ج- يتعارض اجتثاث البعث مع الدستور العراقي في المواد (2،14،15،19،20،22،30،37،38،39،42،46،135)
    د- مع الأعلان العالمي لحقوق الانسان في المواد (1،2،3،6،11،17،18،19،21،22،23،25،27،29،30)
    ه- يتعارض مع تسعة مواد من وثيقة العهد الدولي
الا تكفي كل هذه المواد لاعادة النظر بالقانون وألا تكفي فترة 13 سنة من الاجتثاث والملاحقة؟؟ الا يأتي اليوم الذي نصحوا فيه ولا نسمع فقرة (الملطخة ايديهم بالدماء) وهي لا تشمل الذين تلطخت ايديهم من النظام الحالي ؟؟متى يحال الامر الى القضاء وتنتهي القصة التي اصبحت الوسيلة الوحيدة لتجميل صورة النظام الحالي .
لا يوجد مؤمن بالديمقراطية لا يؤمن بالاغلبية السياسية ولكن كون الاحزاب المهيمنة هي احزاب اسلامية طائفية بتركيبتها السشيعية والسنية وتحالفات تلك الاحزاب جائت طائفية ايضا عليه ينبغي القول الاغلبية المذهبية بصراحة وشفافية وهي اولى معرقلات التسوية ، ويبقى الحديث عن الغاء المحاصصة هو اشبه بقصص الخيال العلمي ،فكيف يسعى من جائت به المحاصصة لألغائها وهكذ هوالحديث عن الغاء التبعية، والدليل ان حتى سفير ايران السابق السيد حسن قمي بات يصرح حول خطط حرب الموصل والممرات الامنة ، والسيد رحيم صفوي يقول ان من واجبنا حماية العراق من دول الاستكبار والتحالف الوطني ساكت، وتركيا تدخل جيشها في العراق ومتحدون ساكتة ، والسفير السعودي يتجاوز حدوده الدبلوماسية وتحالف القوى ينحوا نفس المنحى ..والسؤال هو اننا لو كنا نفكر بعراقية وطنية الا نشعر بالاهانة من كل ذلك ، نصرح بسهولة ودون شعور بالمهانة (( لولا بقاء النظام في سوريا لسقطت بغداد)) ((لولا الدعم الفوري من ايران لسقطت بغداد )) و((لولا الحشد الشعبي لسقطت بغداد )) هل اصبح العراق بلدا آيلا للسقوط ؟؟ ولماذا اوصلتموه الى هذا الحال يا من اتبعتم الاسلام السياسي؟؟انها المحاصصة التي لن يحلها حزب طائفي بل حزب مدني علماني او أي تكتل عابر للطائفية ولا يدخل السياسة الى الجامع والحسينية لأن السياسة لا تتوضأ
كثيرة هي التشريعات التي تعيق المصالحة والاكثر منها هو خرق تلك التشريعات فمتى ما خطر ببال هيأة المسائلة امر ما اصدرت اوامرها بقطع معاش س من الناس حتى بلغت الارقام حدا غير مقبول ممن قطعت  ارزاق اطفالهم خلافا لقانون المسائلة والعدالة والموضوع طويل اختصره بأنه يعد جريمة ابادة جماعية بموجب الفقرة 3 (التجويع الجماعي) من اتفاقية منع الابادة الجماعية ومحاسبة مرتكبيها الصادرة عن  الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1948 فكيف يمكن التصالح مع من تقطع رزق اطفاله والقانون ينص على ((احالتهم الى التقاعد)) وكيف يمكن التصالح مع من دمرتهم قوانين حجز الاموال ((حجز الاموال المنقولة وغير المنقولة لرموز النظام السابق وزوجاتهم ووكلائهم واقاربهم)) والذي لم يكللف اعضاء مجلس الحكم انفسهم في تحديد من هم الرموز ومن هم الاقارب كوننا كلنا ابناء آدم ..ورغم سقوط القانون دستوريا حيث نص الدستور على بطلانه بقى وسيبقى طالما الماضوية باقية
قانون مكافحة الارهاب احد معرقلات المصالحة وهو قانون كتب بيومين من لدن شخص واحد وسبق ان قيمته لجنة الارهاب في مجلس الامن بانه ((وضع بطريقة تسمح للسلطة بقمع معارضيها ))، وألحت على الحكومة العراقية لتعديله ..أما آن الاوان لأن يدخل التسوية ؟؟يقول الدستور والقانون 111 والاعلان العالمي لحقوق الانسان ((لا يجوز الحكم على فعل لم يكن يعد جريمة في القانون المحلي وقت ارتكابه )) وهذا يعني بوضوح تام انه لا تجوز محاكمة اي انسان عن الانفال وتجفيف الاهوار وغيرها لأن كل رموز العملية السياسية الحالية لو كانوا في الخدمة في حينه لكانو نفذو الاوامر الصادرة بهذا الخصوص ..هذا فضلا عن ان المحكمة الجنائية العليا واحكامها باطلة دستوريا كون الدستور يقول ((يمنع تشكيل محكمة خاصة))..وهذا يعني ان السيد وزير الدفاع السابق سلطان هاشم وغيره الكثير هم بريئون براءة الذئب من دم يوسف ..مع ذلك هم لا يستحقون اعادة محاكمة بموجب قانون العفو اسوة (حاشاهم) بالذين زنوا بالمحارم ..         
 ينص الدستور على ان ((العراقيون متساوون)) وينبغي ان يعامل متقاعدو الجيش السابق كمتقاعدي الجيش الحالي دون تعسف في حرمانهم من حقوق كثيرة بل وحتى الحقوق المدنية للبعض منهم لدعاوى كيدية ومخبر سري ، فمنهم من حرم من جواز السفر وتجديد الجنسية كالفريق نعمة فارس المحياوي الذي تهمته الانفال وهو كان رئيسا لجامعة البكر خلالها ، واللواء دفاع جوي صالح المعيني المدان بقضية تجفيف الاهوار ولكونه دفاع جوي فهو لم يشاهد الاهوار خلال حياته والكثير الكثير مما يتطلب تصحيحه قبل التسوية كون التسوية لا تكون بين ظالم ومظلوم من لدن (مخرجات) العملية السياسية التي يجب على المضلوم الالتزام بها
هناك مفقودون لدى القوات الامنية والحشد ..انهم 600 رجل من اهالي كرمة الفلوجة وقسم آخر فقد في سيطرة الرزازة ، والتحقيق جار حول الموضوع ولا ندري كيف يطول كل هذه الفترة والدستور يقول ((يحضر الحجز وتحال الاوراق التحقيقية للقضاء بعد 24 ساعة )) ..نسائهم لا زلن نازحات وآخر ما قررو فعله اول امس هو حرق خيام النزوح فدعونا ننهي الموضوع ونرفع التهمة عن الحشد الشعبي بمناسبة صدور قانونه ، ودعو شعبكم يسمع باحالة شخص واحد للقضاء لانتهاكه حقوق الانسان ، واحد فقط كعربون للتسوية ،  وحالة واحدة اخرى وهي الايعاز الى احد قادة الاحزاب في التحالف الوطني بانهاء اغتصابه لدار رمز العراق الراقي الفريق اول الركن عبدالواحد شنان آل رباط كون القيادي المذكور اسلامي والاسلام يقول ان ذلك حرام ، والحرام الآخر انه منذ العام 2003 ولحد الآن استلم معاش 2009 فقط ..لماذا استلم في تلك السنة وليس قبلها وبعدها.. الله وهيأة المسائلة والعدالة والفوضى الخلاقة تعرف فقط…انها امثلة فقط للماضوية والحقد ، وعلى التحالف الوطني ، وغيره ان يقول لهؤلاء كفى استهتارا وكفى تلاعبا بأرزاق الناس وحقوقهم وكفى تجاوزا على الدستور والقوانين .
الخاتمة .
انصرفت ورقتنا القصيرة لأثبات فرضية مفادها ان الماضوية والاستقواء والتبعية ينبغي ان تزال من القلوب والعقول أي ان يتصالح كل منا مع نفسه ،تأتي بعدها المصارحة والمراجعة والبدء بتصحيح الاخطاء وللكل اخطائهم… بعدها يبحث عن التصالح مع الاخرين ..اما ما جاء في الورقة من اهداف وتوصيات فقد تبدوا بعيدة المنال وغير منطقية لكن بدونها لا يمكن الخروج من عنق الزجاجة والغاء ديمقراطية اجتثاث الآخر كي نقول انها تسوية تأريخية فعلا خصوصا وأنها برعاية المجتمع الدولي                                                                                                                                    

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب