12 أبريل، 2024 5:11 م
Search
Close this search box.

كيمياء الكذب

Facebook
Twitter
LinkedIn

ضاقت بي الوسيلة حينما كنت اتابع نشرات الأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية وحتى العلمية في العراق وفي العالم، كورونا نتاج أميركي لتحطيم الصين ،او انه عمل صيني وراءه مصلحة ، و يقال ان صفقة القرن تمر عبرأهوارالجبايش الا فتبا لأوسلو وسحقا لمدريد!ولن اتعب نفسي باستعراض المزيد الذي سيقول عنه البعض انها نظرية المؤامرة فيرد البعض بل انها الحقيقة بعينها وخلافها كذب اسود او ابيض او اسمر كحال الخبز والنفط والذهب او حتى البشر..كل ذلك الامر هتف بخاطري داعيا الى سماع ما هو ايسر على النفس وأخف على الوجدان ، لاشيء اجمل من اغنية جميلة او قراءة لاحدى مغامرات شهرزاد او حكاية سندباد، لكني اعلم ان السندباد البحري كذبة تاريخية وان ألف ليلة وليلة مجرد تسلية لامير..لم يبق عندي الا موسيقى من (الزمن الجميل) ولكن هل كان جميلا حقا !على أية حال لا ارغب بالعودة الىالأسود والابيض الا ما اشتملت عليه حوايا الموسيقى او الشعر او الفن الجميل…ليتني احتفظت بجهاز راديو قديم لاستماع موسيقى ذلك الزمن فصوت الماضي بحاجة الى صورته ، تلك الموسيقى والأناشيد والأهازيج لا تنتمي الى اليوتيوب رغم انه رحب بها على منصته ، انه التزييف بعينه والتزييف كذب بواح! يبدو ان مواجهة هذا الامر قدر محتوم وان من قال بالتفويض على وهم ،ومن قال بالجبر محض ادعاء ،والافك كذب والتفويض بامور الدنيا رجم بالغيب ،ليست صدفة ان تحمل موجات الراديوأغنيات مصدقي الكذابين فمن بين اشهرأغانينا ،اغان موضوعها الكذب ،كيف لا والقول المأثور صدقا يشير الى ان اجمل الشعرأكذبه ، كان المذيع يعلن عن الاغنية قبل تقديمها اما الان فيفاجئك المغني وهو يصيح باعلى صوته (كذاب)،اما المغنية فتخبر حبيبها بأنها ان قالت له احبك فهي تكذب عليه، ثم رفض ونهي عن الكذب بعصبية رومانسية عبر صوت يهتف ( لاتكذبي) .فالكذب عابرللجنس والعرق واللون والدين والتاريخ والجغرافيا رغم اننا نرى فيه كيمياء حيوية تخص أحماضنا النووية المقدسة و العتيقة وونحمل تخصصا دقيقا في إستحضاره.
ربما كان الصدق خصلة معروفة عند اهل التقى والورع والتدين لكن هذه كذبة اخرى قبل ان تكتشف كذبه بيضاء تحت عنوان كذبة نيسان ، وبمناسبة الدين والتدين فاني وعلى حد علمي الشحيح جدا في الدين والفقه لم الحظ عقوبة او حدا اوتعزيرا لمن اقترف كذبا رغم انهم يعدوه احيانا من الكبائر واظن ان عقوبة الكذاب(كثير الكذب)عقوبة مؤجلة بعد يوم الحساب وربما شملت بالغفران او التكفير بموجب شفاعة نبي او دعاء او استغفار من لدن ابي علي الشيباني اعزه الله وامد في عمر معلمه!
من المثير ان نعلم ان الكفار والذميين الغربيين منهم على وجه التخصيص ، هم اقل كذبا من المسلمين بنحوالإجمال رغم ان ذلك لا يمكن توثيقه ولكن يمكن ملاحظته او ملاحظة اثاره وهو امر يشيع بين العوام ،رغم ذلك فلم ينس هؤلاء ان يصنعوا اجهزة لكشف الكذب والكذابين وأثناء بحثي عن اليات عمل هذه اأجهزة لاحظت إعلانات لبيع الكثير منها ووجود وكالات تجارية لتسويقها مايدل على جدواها، أظن ان من اعتاد الكذب سيمر مرفوع الراس حتما ناجحا موفقا من الاختبار ودون عناء اذ يبدو ان الجهاز مصمم لاختبار الصادقين ان كذبوا وليس لاختبار الكاذبين ان كذبوا. لكن هؤلاء الغربيين لم يكونوا أنبياء فقد كذبوا وما زالوا يكذبون رغم اختلاف الوان كذبهم فقد أعلنوا مرارا وما زالوا كذلك يدعون كذبا وبهتانا انهم أنصار الحق والعدل والحريّة ، قد يكون ذلك صدقا لكن ليس لنا وليس في شاننا حتى ولو كان ذلك من شان حيوانات الغاب او حتى الحيوانات السائبة التي كانت شرطتنا في وقت ما تشن عليها حملات المكافحة والابادة للتخلص من مخاطرها، من يدري لعل مخاطرنا تفوق مخاطرها بالنسبة لهم.
في الكذب شرف المهنة وفضيلة واجب التقى وفن الحياة الباذخة و..و..شرف مهنة الوزير الصحاف وفضيلة تقية الشيعي ان قال كذبا حتى ان كان اماما معصوما وبذخ سياسي ادعى لنفسه ماض مشرف وقد كان ان حضر لايذكر وان غاب لايفتقد ،انه حنون النصراني الذي اسلم كذبا بالظاهر تاركا الباطن للتأويل والتحليل.
يقال ان الكذب هو اخبار بقضية ليس لها في الواقع الموضوعي حضور، ربما كان الحلم كذلك ايضا لكن الحلم زائر والكذب دائم حاضر خاصة عندما تكون له دولة ترعاه ومجتمع يحبذه وشرعة تحرمه ولاتنبذه .
التحريف كذب وقد قيل شيء في تحريف الكتب المقدسة واحاديث الأنبياء وخطب المصلحين والأوصياء الى درجة كانت كافية لنشوء علم الجرح والتعديل وعلم الرجال وعلم السيرة ،كل تلك العلوم وان دققت في سيرة رجل وعدلته مفترضة صدقيته لكنها لا تستطيع الجزم علي سبيل اليقين بابتعاده عن الكذب بأشكاله وألوانه وأطواره التي فاقت نظريات التحري .ومن مظاهر الكذب :التدليس والتزوير والتضليل وحتى النفاق والتزلف والحنث وترك العهود والمواثيق وشهادة الزُّور والغش والتطفيف والرياء والقائمة طويلة ،وبعد فلماذا يكذب الكثير من الناس ؟ وماهي كيميائية الكذب؟هذا السؤل ذكرني بفلم مصري عنوانه (أنا لا اكذب بل اتجمل)، فهل ان الكذب جار للجمال ؟
ربما يكمن الامر في فساد مواد حضارتنا التي تقادمت لتتجاوز مدة النفاذ والصلاحية، فمنتجنا الحضاري لا يتجاوز جهدنا غير المباشر والفاعل في تحفيز البحث العلمي في أنحاء العالم كافة لابتكار اجهزة حماية أمن المطارات من شرور فكرنا المستل من اعماق تاريخنا الدموي وأكاذيب ذلك التاريخ التي وجدت عواملها المساعدة في هوسنا باستحقاقات الفوز بالهيمنة والسطوة على اموال المختلفين معنا وعلى قصورهم وبلدانهم ونسائهم وحتىغلمانهم، مازال ايماننا بأننا نحن خير الاممزونحن الفاتحون ونحن الأقوياء ونحن المفلحون ،لكن العالم كله يعرف اننا واهمون وأننا كذابون وان كيمياء العقائد والإثنيات وموادها لا تصلح للعمل في زمن تغيرت في قواعد الكيمياء ونظريات حفظ موادها وشروط تفاعلاتها وأوساطها المساعدة.
الواقع اننا نكذب ولا نتجمل وأننا شوهنا قيم الجمال بجهلنا واستهتارنا ..
))ان الجاهل والمستهتر يشوه كل شيء بمجرد النظر اليه))هذا قول رودان وأقول قولي هذا وليغفر الله ذنوب الكافرين !

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب