7 أبريل، 2024 2:14 ص
Search
Close this search box.

كيف يقٓيّم الحشد الشعبي في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

لكي نقيم بشكل موضوعي ، سلباً كان أم إيجاباً ، أي حالة أو حدث أو ظاهرة تحدث في العراق أو ممارسة أو قرار أو إعلان أو رأي يصدر عن أشخاص أو كيانات أو مراجع أو مسؤولين عن إدارة الدولة ، لا بد من توفر عدة عوامل ومبادئ يأتي في مقدمتها الحيادية في الطرح والتقييم والتجرد عن أي نوع من أنواع الإنتماءات الفكرية أو العقائدية أو المذهبية أو غيرها من الإنتماءات الفرعية التي قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على موضوعية التقييم مما يفقد مبدأ القناعة عند القرّاء عموماً . وكثيراً ما يخطئ بعض الكُتاب والمحللين في تقييمهم وتحليلهم لبعض الأمور والقضايا نتيجة لإنغلاقهم الإنتمائي بشكل أعمى مما يفقد جوهر طروحاتهم للرسالة التي يرومون إيصالها للمواطنين ومن ثم فقدان الثقة بما يكتبون .
ومن المواضيع المهمة والأساسية المطروحة على الساحة السياسية في العراق موضوع الحشد الشعبي ومنذ تأسيسه في حزيران عام ٢٠١٤ بفتوى المرجعية الدينية للسيستاني . ومنذ ذلك التأريخ ولحد الآن كثرت المقالات والتحليلات والتقييمات عن الحشد الشعبي . البعض سواء من الساسة أو المواطنين مستائين من تشكيلات الحشد الشعبي بإعتباره حشد طائفي يستهدف الطوائف الأخرى وقام بأعمال إستفزازية أو حتى إرهابية ضد مكونات أو مناطق معينة بحيث يوصف الحشد بالمليشيات أو العصابات المسلحة الخارجة عن القانون ، والبعض الآخر ، وعلى النقيض ، يعتبر الحشد الشعبي حشد مقدس لولاه لسقط العراق بيد داعش ولا بد من دعمه وتكريمه وتقديسه ويُخٓوّن من يمسه أو يتكلم عنه سوأً . وهناك فئة من الكتاب والمحللين ما بين هذين النقيضين وحسب الوضع السياسي العام .
إن معظم الكتاب والمحللين من كلا الجانبين الذين تناولوا تقييم الحشد الشعبي وضرورة تواجده وبقائه من عدمه لم يفلحوا في إيصال فكرتهم للمواطن العراقي بسبب عدم إدراكهم الكامل لأسباب تشكيل الحشد الشعبي . ولذلك وجدت من المناسب أن أقيم موضوع الحشد الشعبي بشكل موضوعي ومجرد عسى أن يفهمه المواطن العراقي بالشكل الصحيح .
بداية ، تشكل الحشد الشعبي بفتوى من المرجعية الدينية ( السيستاني ) مباشرة بعد وصول داعش على مشارف بغداد . وهذا ببساطة يعني إن من يتحكم بكل شؤون البلاد من حيث إتخاذ القرارات المصيرية هي المراجع الدينية ، بعبارة أخرى إن أساس نظام الحكم الحقيقي في العراق هو نظام الملالي ( أي نظام الإسلام السياسي ) الذي ليس له أي علاقة بطبيعة النظام الديموقراطي الحقيقي . فتشكيل الحشد الشعبي بالأساس جاء فقط لحماية نظام الإسلام السياسي ( أي نظام الملالي ) من السقوط في حكم البلاد وليس لحماية العراق من داعش . هذا من جانب ، ومن جانب آخر هو خلق منظومة شبه عسكرية ذات طابع طائفي ( مغطاة بفصائل مسلحة غير مؤثرة من مكونات أخرى ) توازي منظومة الجيش التقليدية من ناحية الأعداد أو التسليح أو التجهيزات لتكون السد المانع عن أي محاولة لقلب نظام الحكم السائد أو التأثير عليه على غرار تجربة الحرس الثوري الإيراني . ولإكمال هيمنة الحشد الشعبي على جانب من مقدرات البلد أعطيت الحرية للسيطرة على جانب مهم من الموارد المالية والإقتصادية بشكل قانوني أو غير قانوني . وبالرغم من إن إرتباطها بالقائد العام للقوات المسلحة بشكل شكلي إلا إنها تتصرف حسب توجيهات قياداتها المرتبطة بأجندات خارجية واضحة ومعلومة للجميع . إذا الحشد الشعبي ما هو إلا عبارة عن تشكيل ميليشياوي مسلح هدفه حماية نظام الإسلام السياسي ( أي نظام الملالي ) في العراق على غرار الحرس الثوري الإيراني . ومع الأسف إن هذه الحقيقة لم يدركها أو يستوعبها معظم الكتاب أو عموم العراقيين .
المسألة المهمة الأخرى هي إضفاء مصطلح القدسية على الحشد الشعبي ، وهنا لماذا القدسية على الحشد الشعبي ؟ أهو بسبب محاربة داعش وتحرير الأراضي العراقية أو بسبب تكبد الحشد خسائر مادية وبشرية كبيرة ؟ هل القدسية للحشد لأن مقاتليهم قتلوا في معارك التحرير ؟ أين القدسية في كل ذلك ، إن واجب ومهام الفرد الذي ينتمي الى الجيش والقوات المسلحة بكل صنوفها ، ومنهم تشكيلات الحشد الشعبي بإعتباره جزء من المنظومة العسكرية حسب الإدعاء ، عند وجود خطر على البلاد هو أن يمارس واجباته المعروفة لمحاربة المعتدين على الوطن ، وواجبه المتفق عليه هو أن يمارس قتل الأعداء أو أن يُقتل . إن مهنة الجندي ، وخصوصاً بإختياره ، هي مهنة لا تختلف عن المهن الأخرى سواء العامل في مجال النظافة أو الصحة أو التعليم ،،، الخ . عامل النظافة واجبه أن ينظف المكان بكل جدية وإخلاص ويعاني من الروائح والقاذورات يومياً لكي يجعل مكان العمل أمين وصحي وقد يتعرض لمكروبات تودي بحياته وحياة عائلته . كذلك الحال لمنتسبي القوات المسلحة وملحقاتهم من الحشد الشعبي بواجبهم الإعتيادي في قتل الأعداء أو إنتهاء حياته . إنها طبيعة الواجبات لكل عمل وواجب يختاره الشخص بإرادته . فأين القدسية في هذا الواجب وعدم القدسية في واجب آخر ؟ ليس هناك من قدسية لأي شيئ ، وإذا كان للحشد الشعبي من قدسية فالأحرى أن تعطى صفة القدسية لعمال النظافة والمجاري الذين يؤٌمنون جانب من الحالة الصحية لعموم المواطنين ، أو تعطى القدسية للمعارضين والحريصين على مصلحة البلد ، أو أن تعطى القدسية لجميع المهن الطبية والهندسية والقانونية والإدارية والفنية بمختلف مستوياتها وغيرها والتي تساهم في ديمومة الحياة للعراق . صفة القدسية ، أيها الأغبياء ، ليس للحشد الشعبي ولا للرموز النكرة ولا للمرجع السيستاني وأتباعه وليس للرموز العديدة المتعارف عليها من جانب ( ش ) أو ( س ) أو ( ؟ ) ، القدسية فقط وفقط للمواطن العراقي البسيط الذي لا يرتبط بأي من هؤولاء القديسين .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب